شهدت صفحات التواصل الاجتماعي عدة دعوات «شبابية» ومبادرات وحملات انطلقت تزامنا مع إعلان فوز المُترشح للانتخابات الرئاسية قيس سعيد برئاسة الجمهورية، وشملت دعوات لحملات تنظيف التي شهدتها على مدى اليومين الماضيين عديد الأحياء والمدن، ولمقاطعة المنتجات الأجنبية واستهلاك المنتوج التونسي إضافة إلى حملات ضدّ «الترسكية» في وسائل النقل العمومي.. حملات ودعوات اعتبرها البعض «موجة وعي» ، نالت استحسان الكثيرين وحازت إعجابا دوليا فقد توجس منها البعض الآخر. عن هذه «الموجة» وأسبابها ومدى ديمومتها، تحدّثت «الصباح الأسبوعي» مع أستاذ علم الاجتماع بجامعة تونس محمد الجويلي الذي أكّد أنّ هذه البادرة «ظاهرة شبابية» تشهدها تونس للمرة الثانية على التوالي الأولى كانت مباشرة إثر ثورة «الحرية والكرامة»، أين سُجّل تضامن للشعب التونسي وهبّ الشباب لحماية أحيائهم آنذاك ولكن هذه الظاهرة التي عاشتها عدة مدن تونسية وصفحات تواصل اجتماعي منذ إعلان النتائج التقريبية للانتخابات الرئاسية لم تكن بنفس الحجم والإشعاع والتضامن من تلك التي عاشتها تونس زمن الثورة. كما أشار الجويلي إلى أنّه من خلال هذه الظاهرة أو «موجة الوعي» مثلما وصفها البعض وكأنها مواصلة لما وقع من حالة فرح عمّت كلّ الجهات بإعلان نتائج الدور الثاني للرئاسية، وتحويل تلك الحالة العاطفية الكبرى إلى واقع وإجراءات عملية وانخراط في مشروع رئيس الجمهورية المنتخب قيس سعيد الذي رفع شعار «الشعب يريد» في حملته الانتخابية دون أن يكون له برنامج انتخابي. 4 رسائل كبرى ومن جهة أخرى، اعتبر الجويلي انّ هذه الظاهرة تتضمن 4 رسائل كبرى مُوجهة من الشباب التونسي وتتمثل: أولا «شباب قادر» عندما يريد شيئا ما ينخرط فيه، ثانيا رسالة إلى الأحزاب السياسية والفاعلين في المجتمع مفادها بأنّ هنالك أشياء لا بد أن تقع وكأنها عناصر أولية لبرنامج الحكومة القادمة، وثالثا هذا الشباب بما فعله يريد أن يقول «هذه تونس التي نريد» ورابعا «الرئيس المُنتخب لم يعد بأشياء واضحة وهذه الظاهرة وكأنها ترجمة لمواقف الرئيس على أرض الواقع». «الديمومة»؟ وفي ما يتعلّق بمدى ديمومة هذه «الظاهرة»، قال محمد الجويلي إنّ ما حدث بعد الثورة من هبة من قبل الشباب والمواطنين التونسيين من تضامن ووعي ومسؤولية كان محدودا زمنيا، مُعبّرا بذلك عن تخوفاته من أن تأخذ هذه الظاهرة وقتا قصيرا وتندثر. كما شدّد الجويلي على ضرورة أن «تتم مأسسة هذه الظاهرة ودعمها ومرافقتها من قبل مُختلف الفاعلين حتى لا تندثر وتكون حالة دائمة»، وفق تعبيره. وأكّد الجويلي أهمية أن «تلتقط الدولة هذه الإشارات وتحولها بالشراكة مع كل الفاعلين في المجتمع إلى حالة دائمة»، مضيفا: «هذه حالة «شبابية» بها رسائل وديناميكية عالية ويجب ان تتم مرافقتها وتتدخل الدولة من وزارات وغيرها من مؤسسات بالإضافة إلى المجتمع المدني والقطاع الخاص». «وزارات على الخط» وفي ختام حديثه مع «الصباح الأسبوعي»، أكّد الجويلي أنّ هنالك أشياء لا يمكن المساس بها من ذلك ما تعلق بتراث البلاد والمعالم التاريخية والأثرية والتراثية. وفي هذا السياق، كانت وزارة الثقافة قد أصدرت بلاغا استحسنت فيه ما يقوم به الشباب من تزيين وتزويق للشوارع العمومية غير أنها اعتبرت أنّ «المساس بالمعالم التاريخية والأثرية والتراثية تعدّ تدخلا تشويهيا لها، ومساسا بقيمتها الحضارية والتاريخية»، حيث أعلنت عن تنظيم حملة توعوية وتأطيرية يشرف عليها مختصون في التراث والجماليات، ضمن برنامجها الوطني تونس مدن الفنون، كما رحبت الوزارة بأن تكون طرفا مساهما في هذا النشاط المدني من أجل مدن أكثر رونقا وجمالا. ومن جانبها أبدت وزارة الشؤون المحلية والبيئة تفاعلها مع الحملات التطوعية «نظف بلادك» وثمنت انخراط عدد من المنظمات الوطنية في هذا المجهود التطوعي ودعت بهذه المناسبة كافة مكونات المجتمع المدني ومنظمات الشباب والطفولة على غرار الكشافة التونسية ومنظمة المصائف والجولان وسائر الجمعيات، الى التحسيس بأهمية هذه المبادرة التطوعية وتكثيف الجهود لإنجاحها. هذا وذكرت مصالح وزارة الشؤون والمحلية والبيئة أنها تضع كافة الآليات والمعدات والأكياس الضرورية على ذمة المتطوعين.