أكد المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المؤقت أن الحكم على نجاح تجربة تونس من عدمه لا يمكن أن يتم قبل مرور خمس سنوات على انتهاء فترة الانتقال السياسي وبناء المرحلة الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف أنّ بناء هذه المرحلة يتطلب على الأقل بلوغ معدل نمو في حدود 6 بالمائة على حد تعبيره. وشدد المرزوقي في محاضرتين ألقاهما أمس الاربعاء بكل من جامعة الاتحاد التركي لغرف التجارة والبورصات حول الربيع العربي ومنظمة الابحاث الاستراتيحية الدولية بانقرة حول صعوبات الانتقال الديمقراطي تونس مثالا شدد على أن الملح اليوم هو تقصير المرحلة الانتقالية لزيادة الحظوظ في بلوغ التوازن قائلا ان تونس في مفترق طرق ذلك ان القديم لم يمت والجديد لم يولد بعد بيد أنه يوجد توافق على ان لا عودة للاستبداد بحسب تعبيره. وبين رئيس الجمهورية الذى يؤدى حاليا زيارة رسمية الى تركيا أن الخطى تستحث اليوم من اجل استكمال الدستور مع موفى شهر جويلية القادم وتنظيم انتخابات قبل موفى سنة 2013 ليتحقق بذلك حلم التونسيين في دولة ديمقراطية شفافة على حد قوله. المرزوقي : لا نصدر نموذجا تونسيا بل نناضل من أجل إنجاحه وقال : "اننا لا نصدر نموذجا تونسيا بل نناضل من أجل انجاحه حتى تستأنس به كل دولة حسب ظروفها وخصوصياتها .. فتونس تنظر بكثير من الإعجاب للتجربة التركية التي قال انها ساهمت في انضاج التجربة التونسية ". وأضاف المرزوقي أن الديمقراطية اذا لم تواكبها ثورة اقتصادية واجتماعية ستكون مهددة فلا حرية دون تنمية ولا تنمية دون حرية على حد تعبيره معتبرا أن شروط النجاح المتوفرة في تونس لتحقيق الانتقال الديمقراطي لا تحجب التحديات الكبرى وأولها التحدي الاقتصادي والاجتماعي وبين أن الاضرابات والاحتجاجات بشكل عشوائي تهدد المسار الديمقراطي قائلا في هذا السياق ان حجم الانتظارات التي ولدتها الثورة كان بقدر حجم الخيبة وان الهوة بين الانتظارات والامكانات تشكل خطرا كبيرا على الدولة.
تونس والجماعات العنيفة ذات الطابع الديني وبخصوص ما أسماه الجماعات العنيفة ذات الطابع الديني والتي رفض أن يحسبها على السلفية قال المرزوقي ان هذه الجماعات استغلت حالة الضعف التي عرفتها الدولة لتتغول على المجتمع وحملت السلاح بما أدى الى تضرر عدد هام من أعوان الامن والجيش الوطنيين. وحول تحدي الإرهاب أوضح أن هذه الظاهرة لا تشكل خطرا على دولة متماسكة بجيشها وأمنها ومجتمعها المدني ورأى عام رافض للتشددوالعنف ولكنها تبقى مصدر ازعاج للتونسيين تشوش صورة البلاد في العالم على حد قوله. ولاحظ المرزوقي أن المقاربة التونسية للتعامل مع هذه الظاهرة تتمثل في التفريق بين السلفية الدعوية التي تنبذ العنف والارهاب التكفيري الذى يجب التصدى له بالقوة داخل منظومة القانون وحقوق الانسان ودون العودة الى اساليب النظام البائد في التعامل مع هذه الظاهرة كمشكلة اجتماعية تتستر بغطاء ديني وفق تقديره. وأوضح أن هذا التحدي اذا تواصل سيشكل خطرا على السياسة على حد تعبيره. وبخصوص الثورة المضادة بيّن المرزوقي أن المقاربة التونسية فضلت الاعتماد على سياسة العدالة الانتقالية وإحالة من أجرم في حق الشعب على القضاء. التحدي الاقتصادي وبخصوص التحدي الاقتصادي أشار المرزوقي الى الوضع البالغ الصعوبة الذى تعيشه البلاد بحكم ثقل التركة وحجم الانتظارات وقلة الامكانيات في ظل مرحلة انتقالية محكومة بعدم الاستقرار مشيرا الىانكماش الاستثمار الداخلي والخارجي الذى قال ان تونس بأمس الحاجة اليه. المرزوقي ينوه بدور تركيا وعلى صعيد اخر نوه رئيس الجمهورية بدور تركيا في دفع مشروع السلام العادل في فلسطين ودورها في حل مأساة الحرب الاهلية الطاحنة في سوريا على حد تعبيره. وقال في هذا الصدد : "علينا جميعا تكثيف الجهود لانهاء مأساة لم يتوقع أحد أن تكون بهذا الطول والخطورة والوحشية وأضاف قناعتنا.. لا حل لهذه الماساة خارج وفاق سياسي بين مكونات الدولة التي يجب ان تتواصل لضمان الوحدة وبين المعارضة لبناء نظام ديمقراطي مدني يكفل لكل السوريين نفس الحقوق" وأضاف أن لدى تركيا الإرادة السياسية لكي تلعب دورا محوريا في حل مشكلة تهدد أمنها القومي مثلما تهدد الأمن القومي التونسي وقال في هذا السياق لم نتوقع نحن التونسيين يوما نظرا لبعدنا عن خط النار ان المأساة السورية ستصبح مسالة داخلية وان جزءا من شبابنا المغرر به سيذهب للقتال هناك وقد يعود لمواصلته في تونس على حد تعبيره. يشار الى أن رئيس الجمهورية كان التقى ظهر الاربعاء نائب رئيس المجلس الوطني الكبير في انقرة قبل ان يتحول لاسطنبول اين التقى في اجتماع مغلق رئيس المجلس الوطني الكبير جميل تشي تشاك. (وات)