سجل مستوى الثقة لدى المواطن في ما يتعلق بتحديد مصيره في المستقبل ارتفاعا نسبيا ليبلغ 40 بالمائة منذ بداية شهر جانفي الجاري وذلك مقابل 24 بالمائة تم تسجيلها خلال شهر أفريل2011 . ويعود هذا التطور النسبي وفق نتائج استطلاع للرأي أنجزه منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية حول باروميتر الثقة السياسية وتم الإعلان عنها اليوم الخميس بالعاصمة إلى دافع نفسي مرده عملية بناء الشرعية السياسية بعد الانتخابات والاستقرار الأمني النسبي الذي باتت تعرفه تونس منذ أشهر. وتشير نتائج الاستطلاع إلى أن مستوى الثقة في مستقبل التشغيل وفرص العمل لم يسجل أي تحول لافت ليبلغ 24 بالمائة مقابل 23 بالمائة في شهر أوت 2011 وذلك بسبب تزايد المشاكل الناجمة عن الاعتصامات والاحتجاجات الاجتماعية.ويفيد الاستطلاع أن خارطة انعدام الثقة في المستقبل التشغيلي تلتقي بصفة كبيرة مع خارطة البطالة في تونس حيث تتوزع النسب الأكبر من خيبات الأمل في ما تم تسميته بالمثلث الأحمر الذي يجمع ولايات القصرين و سيدى بوزيد و سليانة إضافة إلى الجنوب الغربي. واعتبر الاستطلاع أن ارتفاع المسجل في مستوى الثقة في الوزير الأول حمادي الجبالي إلى نسبة35 فاصل8 بالمائة مقابل 26 فاصل 5 بالمائة مسجلة خلال شهر أوت المنقضي يعد تحولا ايجابيا نسبيا.وبالرغم من التحسن التدريجي الملحوظ في مستوى الثقة في أداء الإعلام العمومي والذي وصل إلى نسبة 25 بالمائة روفق ما ورد في تحليل نتائج هذا الاستطلاع الذي تم انجازه من 3 إلى 7 جانفي 2012 فان النسبة المسجلة تبقى ضعيفة قياسا لما هي عليه نسب الثقة في القطاع العمومي في العديد من الديمقراطيات العريقة والناشئة.ويؤكد 73 بالمائة من العينة المشمولة بالاستطلاع البالغ عددها 2314 شخصا يمثلون مختلف الشرائح وكل الجهات البلاد ثقتهم العالية في المؤسسة العسكرية التي يعتبرها البعض أهم ضامن لنجاح المسار الانتقالي في حين لم تتجاوز نسبة هذه الثقة30 فاصل 6 بالمائة بالنسبة للمؤسسة الأمنية.من جهته تراجع مستوى الثقة في الاتحاد العام التونسي للشغل ليستقر في حدود 18 بالمائة مقابل 38 ,7 بالمائة وذلك لأن الصورة الطاغية لهذه المنظمة لدى العديد من القطاعات ولدى الرأي العام وفق تحاليل نتائج الاستطلاع هي صورة المحرض على الحركة الاحتجاجية وما يرافقها من حالة إرباك للسير الطبيعي للاقتصاد وتركزت عملية الاستطلاع في جانب أخر منها على مستقبل الحراك الانتخابي القادم من خلال دراسة اتجاهات إعادة التصويت التي شملت مختلف الحساسيات السياسية والأحزاب الممثلة داخل المجلس الوطني التأسيسي لتخلص إلى أن 58 فاصل 4 بالمائة من أفراد العينة الذين أكدوا تصويتهم لفائدة العريضة الشعبية يرغبون في إعادة توجيه خيارهم التصويتي خلال الاستحقاق القادم الأمر ذاته ينطبق على بقية الأحزاب الأكثر تمثيلا ضمن التأسيسي وان اختلفت النسب ليبرز حسب المستجوبين أن المستفيد الأكبر من حراك التصويت هو حزب المؤتمر من اجل الجمهورية و الخاسر الأكبر هو قائمة العريضة الشعبية وحضر هذا اللقاء عدد من الإعلاميين والباحثين في علم الاجتماع والإحصاء الذي أكدوا أن المحاذير في التعاطي مع المعلومة الاستطلاعية تتضاعف في البلدان التي تعرف انتقالا ديمقراطيا على غرار تونس. واعتبروا أن التغير الكلي في الوضع السياسي في تونس جعل من علماء الاجتماع والإعلاميين غير متمكنين من المعرفة الدقيقة بتوجهات الرأي العام مشددين على ضرورة إعداد إطار قانوني منظم لمعاهد ومؤسسات سبر الآراء واستطلاعات الرأي لوضع حد لما أسموه بالتلاعب بالمعطيات .وتم خلال هذا اللقاء تقديم شهادات لتجارب مؤسسات إعلامية في التعاطي مع نتائج سبر الآراء.وهذا الاستطلاع للرأي هو الثالث حيث سبق للبرنامج القيام في إطار مشاريع الباروماتر العربي للديمقراطية باستطلاعي رأي خلال شهري أفريل وأوت 2011. ويشار إلى أن منتدى العلوم الاجتماعية والتطبيقية الذي كان يعرف تحت اسم برنامج بحوث الشرق الأوسط مارك وتم نقله من القاهرة إلى تونس سنة 2006 هو برنامج للبحوث قي العلوم الاجتماعية هدفه تعزيز القدرات البحثية وإنشاء شبكة من الباحثين المتخصصين في هذا الشأن.(وات)