قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تنشر نتائج المرحلة الثانية من استبيان «بارومتر» الثقة(2)
نشر في الشروق يوم 17 - 08 - 2011

كانت «الشروق» نشرت في شهر أفريل نتائج المرحلة الأولى من بارومتر الثقة الذي أنجزه منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية على عيّنة من المواطنين التونسيين من كل الجهات في إطار عمل علمي بعيد عن التوظيف السياسي والتجاري مثلما نرى اليوم فيما ينجز من «استبيانات «لأغراض سياسية واضحة الأهداف والغايات وهي التأثير في الرأي العام الانتخابي».
وإذا كانت نتائج المرحلة الأولى عن «الثقة»وهي الشّرط الأوّل في أي بناء سياسي انتقالي فإنّ المرحلة الثانية كانت نتائجها مؤشّرا خطيرا ينذر بتطوّرات قد يكون له تأثير كارثي على المستقبل .
وننشر اليوم قراءة الدكتور مهدي مبروك الباحث في مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية والاقتصادية وأستاذ مناهج علم الاجتماع بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية في نتائج هذا الاستبيان كما ننشر حوارا مع رئيس المنتدى وأستاذ علم الاجتماع السياسي في كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس الدكتور عبد الوهّاب حفيّظ .
وقد اختارت «الشروق»التعامل مع مؤسسة جامعية ذات توجّه علمي أكاديمي حرصا على المصداقية لأن المؤسسات الخاصة التي تقوم باستبيانات كثيرا ما تكون لها غايات سياسية وتجارية تمسّ من مصداقية نتائجها فتونس اليوم أصبحت سوقا مفتوحة لهذه الاستبيانات.
قراءة أولية في نتائج باروميتر الثقة السياسية: 57,9٪ لا يثقون في عودة الأمن و26٪ فقط يثقون في الوزير الأوّل
يستعرض الدكتور المهدي مبروك بالتحليل أهم نتائج باروميتر الثقة (أوت 2011) مقدما المعطيات وفق أهم المتغيرات المعتمدة
في الاستطلاع محاولا التدليل على مؤشرات المسح من خلال قراءة سياقية للواقع السياسي والاجتماعي الراهن.
شملت الموجة الثانية من باروميتر الثقة السياسية تقريبا نفس المؤشرات المعتمدة في الموجة الأولى التى أنجزها المنتدى خلال شهر أفريل 2011. وعلى الرغم من قصر المدة الفاصلة فلقد جاءت نتائج هذه الموجة الاستطلاعية لتعكس حقيقة التناقضات الراهنة للمجتمع التونسي في الشهر الثامن من ثورته وقبل موعد الانتخابات بقليل.
كيف يرى التونسي مستقبله... 8 أشهر بعد الثورة؟
إن من أهم نتائج هذا المسح الثاني هو أن نظرة التونسي لمستقبله قد كانت أقل غموضا وتشاؤما في الشهر الثالث من الثورة، حيث تراجعت نسبة الثقة من32% الى24٪ . ويبين ذلك تزايد عجز الفرد عن الاختيار الذاتي في ظل توالي الانفلاتات بأشكالها والخروج الملحوظ للعديد من الوقائع والأحداث عن سيطرته أو معرفته. وبشكل ما ،فان تغول «الأيادي الخفية» واقعا أو متخيلا يبدو أنه قد قلص من قدرة الفرد على التوقع والبرمجة واتخاذ القرار المناسب وهي أركان وشروط تحديد المصير ذاتيا. هنا يستسلم الفرد لضرب من القدرية الاجتماعية، الأمر الذي يفسر كيف ولماذا ارتفعت نسبة انعدام الثقة الى مستوى 36% بعد ان كانت لا تتعدى 26 بالمائة خلال استطلاع أفريل 2011. في هذا السياق، سجلت جهة سيدي بوزيد أعلى نسبة من افتقاد الثقة في هذا المجال بنسبة تناهز 62,1% تليها مباشرة سليانة بنسبة 54% وجندوبة بنسبة 52%. أما متغير النوع فقد سجل تقارب النسب لدى الرجال والنساء فلم يكن متغير النوع الاجتماعي( ذكر/انثى) محددا للمواقف الا نادرا سواء في هذا المحور أو غيره من محاور الاستمارة مع ميل طفيف جدا في حالات محدودة وجهات معينة ( القصرين، قابس، تونس الكبرى. . . )لتوجه الرجال نحو الحذر أو افتقاد الثقة. أما وفيما يتعلق بالمتغير العمري، فيبدوأن الشباب (18سنة – 35 سنة) هم أكثر الشرائح العمرية فقدانا للثقة في قدراتهم الذاتية على تحديد المصير بنسبة ارتفاع تقارب 50 بالمائة، أما وفي ما يتعلق بالمستوى التعليمي فلقد، كانت نسبة انعدام الثقة الأكثر ارتفاعا لدى أصحاب مستوى التعليم الثانوي وذلك بنسبة 47,3 .
الثقة في سوق الشغل
تراجعت الثقة في قدرات سوق الشغل على النمو من 42,1٪ إلى 23,3٪ وبالمقابل ارتفعت نسبة الحذر من33,1٪ إلى نسبة 36,4% كما تضاعفت تقريبا نسبة عدم الثقة في الحصول عن عمل، فانتقلت بدورها من24,2٪ إلى 40,1%. كال ذلك ناجم في اعتقادنا عن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل و الغلق النهائي أو المؤقت للمؤسسات وكأن الدرس المستخلص من هذه الأحداث حسب الشباب بشكل خاص كان قد تمثل في ان سوق الشغل سيظل لسنوات طويلة عاجزا عن امتصاص طلبات العمل. ومن ناحية التوزيع الجغرافي سجلت جهة تطاوين ارفع نسب عدم الثقة بما يعادل 59,% تليها قابس ب 58٪، ثم مدنين وقفصة بنسبة 57%. أما من ناحية المتغير العمرى، فيبدوان الفئة العمرية الواقعة ما بين 18- 35 سنة هي الفئة الأكثر فقدانا للثقة بنسبة 46,6٪. كما ان نسبة انعدام الثقة من أصحاب مستوى التعليم العالي هي الأعلى (30 بالمائة انعدام كلي و32 بالمائة حالة حذر)، بحيث يمكن القول بأن تراجع مستوى الثقة في الحصول عن العمل يرتفع مع ارتفاع التوقعات وارتفاع مستوى الشهادة . كما يرتفع أيضا بمتغير الجنس، من حيث أن المرأة هي أكثر تشاؤما بالنسبة لامكانية العثور على عمل من الرجل ( 26 بالمائة من انعدام الثقة مقابل 23 بالمائة بالنسبة للذكور).
الحق في الأمن... الحق في الاستقرار... أين نحن ؟
سجل الاستطلاع، تراجعا حادا في نسبة الثقة في عودة الأمن وإعادة الاستقرار الاجتماعي من مستوى 57,9% إلى مستوى 32,4٪وبدورها ارتفعت نسبة الحذر من 32,4% إلى 42,2% أما نسبة عدم الثقة فقد ارتفعت بدورها من 8,3٪ إلى 28,9%. ولا يعد هذا الأمر مفاجئا إذا ما استحضرنا الانفلات الأمني وتفجر النزاعات العروشية التي شملت عدة مناطق (المتلوي، السند، سبيطلة، قصر هلال، جبنيانة..) في الأسابيع الأخيرة. هذا بالإضافة إلى عجز الأمن عن التدخل في أكثر من حالة وموقع مما جعل العنف الذي يستهدف الأفراد وممتلكاتهم يسجل ارتفاعا قياسيا. كما أن إضرابات رجال الأمن ومطلبيتهم المشطة ومساندتهم للمذنبين منهم إلى حد الابتزاز قد صاغ لدى أوساط عديدة صورة غير مطمئنة في ظل التباس الدور الذي قام به هذا الجهاز في قمع الثورة وتعطيل مصالح المواطنين فيما بعد.
ووفق التوزيع الجغرافي، فلقد سجلت سليانة ارفع نسبة من عدم الثقة 67,6% تليها زغوان بنسبة 58,8% فالقيروان بنسبة 50%. أما الفئة العمرية الأكثر فقدانا للثقة في الأمن فهي الواقعة فوق الخمسين سنة بنسبة 43,1 ٪. وتتقاسم تقريبا الفئات ذات المستوى العلمي المحدود نفس النسبة ب 34% مع الاشارة الى أن المرأة يفوق اهتمامها بالموضوع الأمنى الاجتماعي، اهتمام الرجل وكذلك ثقتها في العودة القريبة الى حالة أمنية مستقرة (60 بالمائة).
الوزير الأول...
أشهر الحسم ؟
كانت نسبة الثقة التي حاز عليها السيد الباجي قائد السبسي بوصفه وزيرا أول، خلال مسح الموجة الأولى، مرتفعة نسبيا حيث بلغت تقريبا حوالي 62% في حين أنها لم تبلغ سوى26,5 . ٪ في المسح الأخير . هذا التراجع غذى نسبة الحذر في المقام الأول حيث بلغت النسبة 41,7 ٪في حين أنها لم تكن في المسح الأول سوى 30,8٪ . أما نسبة انعدام الثقة فقد بلغت 31,8 ٪في حين كانت في الموجة الأولى 5,7% وهو من بين النسب الأكثر ارتفاعا خلال هذه الدراسة. ان ارتباك العمل الحكومي والأداء المتردد الذي ميز عمل الوزارة الأولى من خلال التعيينات الوزارية ( كاتب الدولة للخارجية، وزير الداخلية والوزير المعتمد لديه. . . ) ناهيك عن سوء الأداء الإعلامي للوزير الأول ذاته في أكثر من مناسبة . (كلنا نتذكر الفضاضة التي عامل بها مذيعة القناة الوطنية واستفزازه لأوساط عديدة من خلال بعض المفردات والاستعارات) قد عاقبت الوزير الأول وبددت من رصيد الثقة الذي كان يحظى به. ومن ناحية التوزيع الجغرافي سجلت سليانة أعلى نسبة من انعدام الثقة في الوزير الأول حيث وصلت الى مستوى 54,9٪. أما ومن ناحية المتغير العمري فلقد لوحظ بأن نسبة الثقة ترتفع مع ارتفاع السن وتقل كلما كان متدنيا ( 51 بالمائة لدى فئة 18-35) و79 بالمائة لدى الفئة التى تجاوزت 51 عاما. أما ووفق المتغير التعليمي فانه يسجل ذوي مستوى التعليم العالي أقل نسبة في الثقة 52 بالمائة مقارنة بأصحاب المستويات التعليمية الأخرى.
الأحزاب السياسية... ضريبة الاشهار أوالتشهير؟
من أبرز الظواهر التى ميزت الحياة الحزبية في تونس بعد الثورة هو الدخول المباغت للبعض منها في اطار حملات انتخابية وبميزانيات ضخمة دفعت بالعديدين الى التساؤل عن طبيعة الدور الذي من الممكن أن تلعبه تلك الأحزاب في المستقبل القريب لتونس. واذا اضيف الى كل ذلك حملات التشهير والتشهير المضاد فيما بينها وتزايد الاحالات «الكوميدية» على عملها، على بعض الاذاعات (دور اذاعة موزاييك مثلا) مما قلل من مصداقيتها، يمكن أن نفهم الموقف المتزايد في الحذر من التشكيلات الحزبية ومن السياسيين. في هذا الصدد يمكن أن نسجل تراجع الثقة في الأحزاب السياسية من نسبة 47,6 ٪ إلى نسبة 29% وبالتوازي مع ذلك ارتفاع نسبة التحفظ والريبة من 21,7٪إلى 29,8% كما ارتفعت نسبة عدم الثقة من 25,9٪الى41%. ان الملاحظ هنا، هوان عجز الأحزاب عن ابتكار خطاب سياسي مطمئن وتفرغها المطلق لشانها الخالص وعجزها عن تغيير الواقع واستفراد الحكومة بإدارة الشأن السياسي الهام والعنف الذي مارسته هي فرضيات تفسيرية مهمة لكل ما حصل في هذا المجال. كما يتجلى بوضوح بأن التراشق الحزبي على خلفية المال السياسي وغيرها من المساءل الخلافية الحادة قد أدت إلى تراجع الثقة في الأحزاب هذا علاوة على كثرتها المربكة وغموض برامجها ولافتقادها إلى زعامات وقيادات ذات تأثير جماهيري وشعبي. وقد سجلت ولا ية قفصة أعلى نسب انعدام الثقة في الأحزاب بنسبة تقدر ب 75,3% تليها سليانة بنسبة 64,8% فالقصرين بنسبة 60,3% وقابس بنسبة٪58,5. وتبين المعطيات أن ارتفاع المستوى التعليمي يترافق مع تنامي مؤشر الثقة والذي يصل الى مستوى (54 بالمائة)
تحيا الهيئة... تسقط الهيئة... وماذا بعد ؟
بدورها لم تسلم الهيئة العليا لتحقيق الثورة من أزمة الثقة اذ نذكر بأنه . اذا كانت نسبة الثقة في الهيئة خلال مسح أفريل 2011 في حدود 54,6٪ فإنها تدنت إلى حدود 20,7%. وبالموازاة مع ذلك سجل ارتفاع نسبة التحفظ من 24,1٪إلى 35,1% . أما انعدام الثقة فقد ارتفعت من 19,4% إلى 44,2% وهي من ارفع النسب خلال هذه الدراسة. إن الصورة التي رسمت من خلال وسائل الإعلام المبتذلة والمتهورة للهيئة(صراعات ،الغيابات، شبهة التطبيع لدى بعض أعضائها. . . ) إضافة إلى أن الانسحابات سواء لبعض الأطراف الحزبية أو لبعض المستقلين منها وعجزها عن مراقبة الحكومة قد أثرت على آداء الهيئة وصورتها وانعكس سلبا على رصيد الثقة. وفي مستوى التوزيع الجغرافي، فلقد كانت ولاية مدنين قد سجلت النسبة الأعلى من انعدام الثقة ب71٪ تلتها قفصة بنسبة 70,7% وسليانة بنسبة 64,1%. أما الفئة العمرية الأكثر تبرما من الهيئة وفقدانا للثقة فيها فهي الشباب حيث بلغت النسبة٪47,8. وكان ذو المستوى التعليم الابتدائي هم أعلى نسبة لانعدام الثقة ب 55. 2 ٪.
الثقة في وسائل الإعلام
( مثال التلفزة الوطنية)
ارتفعت نسبة الثقة في التلفزة التونسية ارتفاعا طفيفا فانتقلت من 17,7% الى حدود 21,9٪ أما التحفظ فقد انخفضت نسبته من 46,6٪إلى 41,9٪ أما نسبة غياب الثقة فقد ظلت تقريبا ثابتة على حالها تقريبا فانتقلت من 35,4% إلى 35,7%. سجل إذا تحسن طفيف في نسبة الثقة في الإعلام عموما وخصوصا الرصيد الممنوح إلى التلفزة الوطنية. إن تناول القضايا والتغطية الجريئة أحيانا لبعض الأحداث كالقصبة ثلاث وغيرها قد تكون من العوامل التي تقف وراء هذا التحسن. وسجلت تطاوين أعلى نسبة من انعدام الثقة ب63,9٪ تليها الكاف ب نسبة 51,1٪ وإقليم تونس الكبرى ب50٪. أما الكهول فقد كانوا أكثر من عبروا عن افتقادهم للثقة حيث كانت نسبتهم 38%. في حين كان محدودي التعليم هم أكثر تعبيرا عن مشاعر عدم الثقة بنسبة 52,4%.
الثقة في الاتحاد العام التونسي للشغل
لم يكن حظ الاتحاد العام التونسي للشغل أفضل من غيره من المؤسسات اذ بدورها قد انخفضت نسبة الثقة من 46% إلى 38,7٪أما نسبة التحفظ والحذر فقد شهدت بدورها ارتفاعا من 29,7% إلى 39,8% حيت تراجعت نسبة الثقة من22,5% إلى 21,6٪. وما يسجل هنا بشكل استثنائي هو ارتفاع نسبة التحفظ أي الحيرة وعدم الاطمئنان فيما يصدر عن الاتحاد. إن مواقف الاتحاد الأخيرة والعجز عن كبح الانفلات النقابي وحركة الإضرابات والاعتصامات والمواقف السياسية وصورة بعض رموزه ناهيك عن التعددية النقابية الحثيثة دفعت لا محالة في اعتقادنا إلى ذلك. في هذا السياق، تصدرت ولايتا سيدي بوزيد والقيروان الجهات الأعلى نسبة من انعدام الثقة في الاتحاد بنسبة 47,1% تليهما جهة صفاقس بنسبة 37,1%. ولقد كان الشباب كذلك أكثر فقدانا للثقة فيه حيث كانت النسبة في حدود 23%. في حين غلب التحفظ على الكهول بنسبة 38,7%. وكان من لهم مستوى تعليم ثانوي هم أكثر من عبر عن مشاعر عدم الثقة بالاتحاد يليها ذوومستوى التعليم العالي بنسبة 40,9%.
الثقة في الجمعيات
نال الجمعيات ما نال المؤسسات الأخرى من هدر لرصيد الثقة فيها، حيث تراجعت النسبة فيها من 55,9% إلى 41٪قي حين ارتفعت نسبة التحفظ من نسبة 33,7٪إلى نسبة 36,7%. أما نسبة افتقاد الثقة فقد ارتفعت بشكل لافت للانتباه من نسبة 8,5% إلى نسبة 23,7%. إن الفساد الذي أبانت عنه التحقيقات في الجمعيات النافذة في عهد الرئيس المخلوع ما زال يلقي بظلال الشك والريبة فيها كما ان تنامي الجمعيات حاليا وارتباطها على المستوى المحلي بلوبيات المصالح المالية والسياسية التي تمس من استقلاليتها وتدعم توظيفها قد تكون وراء هذا. وقد كانت سجلت جهة القصرين أعلى نسبة من انعدام الثقة ب 42,5% تليها القيروان ب 38% وكل من قفصة وقابس بنسبة تقارب 36%. وعبر الشباب عن أعلى نسب فقدان الثقة في هذه الجمعيات بنسبة 27,2%. مع ارتفاع لمستويات الثقة لدى الشباب الجامعي دون غيره ولدى الاناث أكثر من الذكور على الرغم من ضعف حضور المرأة ضمن النسيج الجمعياتي.
المؤسسة العسكرية... والأمن
حافظت المؤسسة العسكرية على مستوى مرتفع نسبيا من الثقة لدى الرأي العام ولكن مع تغيير طفيف مس بعض الجهات والولايات التى تضررت بشكل ما من بعض الانفلاتات الأمنية . وإذا كانت نسبة الثقة في الجيش خلال الدراسة الأولى عالية جدا و قياسية حين بلغت نسبة 81,7٪فإنها في هذه المرة قد تراجعت لتدرك نسبة 66,3٪ مما يدلل على أن للعامل الزمني دوره في اعادة تقييم الأدوار في صورة عدم الاحساس بتطور ملموس في الواقع اليومي والمعيش. على أنه وبهذا المستوى المرتفع من الثقة تمثل المؤسسة العسكرية الطرف الأكثر مصداقية لدى الرأي العام نظرا للدور الذي لعبه الجيش في حماية الثورة، وللدور الذي مازال يلعبه اليوم في المناطق الحدودية. على أنه وبخلاف ذلك، سجل المسح الثاني مستويات ثقة متدنية بالنسبة للأداء الأمني خلال الأشهر القليلة والى حدود انجاز المسح. ( سبق المسح تصريحات الكولونيل سمير الطرهوني التى يبدو بأنه قد كان لها وقع ايجابي في تحسين صورة المؤسسة الأمنية) . في هذا الاطار تبوأت جهة القصرين الصدارة في الولايات التي سجلت أعلى نسب من انعدام الثقة ب 79,9% نظرا لما نالها ابان الثورة أو بعدها من انفلات امني وتجاوزات خطيرة دفعت الجهة ثمنها غاليا تليها ولاية سليانة بنسبة 76,8% فقابس بنسبة 59,8 وقد سجلت مدينة قابس أعلى نسبة من انعدام الثقة في الجيش ب24% تليها مدينة بنزرت بنسبة 24% فسليانة ب21,8٪. ويبدي الكهول أعلى مشاعر فقدان الثقة بنسبة 14,2% في حين كانت نسبة ذوي المستوى التعليمي المحدود أعلى نسبة لانعدام الثقة ب 20,5٪.
الخدمات...
والادارة المحلية
ربما شكلت الثقة في الخدمات العمومية (الهاتف، الماء، النور الكهربائي، الصحة، النقل..) استثناء دالا في هذه الاستبيان. فقد ارتفعت نسبة الثقة ارتفاعا طفيفا من 26,3٪ إلى%30,1٪كما تدنت نسبة التحفظ من 36,4% إلى 33,7%في حين انخفضت نسبة انعدام الثقة من 36,6٪ إلى 35,9%. إن التحسن الملحوظ في الخدمات الإدارية والعمومية بعد موجة الاضطرابات والاعتصامات التي كادت أن تشلها هي من الأسباب التي نرجحها لارتفاع رصيد الثقة فيها. وسجلت ولاية سليانة أعلى نسبة من انعدام الثقة ب 57% فقفصة ب50,7% تليها في المرتبة الثالثة قبلي ب 43,7%. أما الشباب فقد عبر عن أعلى مشاعر انعدام الثقة. وكانت أيضا نسبة ذوي المستوى التعليمي هي الأكثر ارتفاعا من حيث عدم الثقة في المصالح العمومية وخدماتها. أما وفيما يتعلق بالادارة المحلية، فيمكن أن نلاحظ وبشكل ملحوظ انخفاض نسبي في مستويات الثقة والتى مرت من 34% إلى 18,7٪. في المقابل ارتفعت نسبة التحفظ من 21,7٪إلى 31,5٪ أما انعدام الثقة فقد ارتفع بدوره من نسبة 10,6٪إلى 37,2% وتعد نسبة من لا إجابة لهم الأرفع خلال كامل هذه الاستبيان رغم ما شهدته من انخفاض من 33,7% إلى٪33.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.