نظمت جامعة الزيتونة لقاء أكاديمي لدراسة موضوع تضمين الشريعة في الدستور حضره عدد من أساتذة وطلبة وشيوخ الزيتونة وممثلين عن أحزاب إسلامية فضلا عن استضافة مفتي سلطنة عمان والوفد المرافق له وذلك صباح يوم الخميس بجامعة الشريعة وأصول الدين. وأبرز راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة خلال مداخلته أنّ الدين الإسلامي قادر على تنظيم الحياة في مختلف أوجهها وأنّ الجيل الأول للمفكرين الإصلاحيين في تونس كان مؤمنا بهذا المبدأ وهو ما تجسّد حسب رأيه من خلال البند الأول لدستور 1959 الذي نص على هوية المجتمع التونسي ودينه. وقال الغنوشي أنّ "التنصيص على الشريعة كمصدر للتشريع في دستور 59 لم يمنع من وجود انتهاكات صريحة لتعاليم الإسلام وأركانه ومن سخرية واضحة من بعض النصوص والمبادئ الدينية". وأضاف الغنوشي أنّ "الأهمّ أن تكون الشريعة في النفوس لا في النصوص". واعتبر الغنوشي الاتفاق على الاحتفاظ بالبند الأول من دستور 1959 يعدّ "انتصارا للحركات التي طالبت بإدراج الشريعة كمصدر للتشريع" باعتبار أن هذا البند "كان محل جدل ونقاش في الأوساط العلمانية التي فكرت في تغييره". وفي هذا الإطار، قال الغنوشي أنّ "الشريعة لم تهجر التونسيين كما يخيّل إلى البعض وإنما تختلف درجة الوعي والإيمان وقوتها من شخص إلى آخر". واعتبر الغنوشي أنّ "العدوّ الأعظم للإسلام هو الاستبداد" وأنّ حركة النهضة اتخذت الحرية ركيزة أساسية في منهجها الإصلاحي". من جهة أخرى تحدّث عبد الفتاح مورو الناشط السياسي والحقوقي عن "حصول حركة النهضة على وثيقة الاعتراف القانوني بحقها في الوجود والنشاط بعد 42 سنة من القمع لم يصحبه قبول فعلي على ارض الواقع ". كما قال مورو أنّ "قضية تطبيق الشريعة ليست قضية نص قانوني باعتبار أنّ 90 % من النصوص القانونية في تونس مصدرها القران وأنّ أغلب التشريعات والقوانين لا تخالف الشرع في ما عدا بعض النصوص". وأكّد مورو أنّ الدولة لم تصادق على المعاهدات الدولية التي تتنافى مع النص الصريح في القران على غرار المساواة في الإرث وزواج المسلمة بغير المسلم. كما بيّن مورو أنّ ا"لإشكال الأكبر اليوم هو مطابقة الشريعة مع الواقع اليومي للمواطن". وأضاف مورو أنّ "الفقه الإسلامي توقف عن العطاء منذ القرن الخامس للهجرة وأصبح العالم الإسلامي بمعزل عن تطورات العالم ومتخليا عن موكب الحضارة". واعتبر مورو أنّ "طرح قضية الشريعة اليوم لم يكن بريئا وإنما بهدف التشويش على الإسلاميين ولإيجاد سبب للخلاف في البلاد" ودعا مورو إلى قبول الرأي المخالف ومقارعته بالحجّة العلميّة المقنعة. هذا وكان المفكّر والفيلسوف التونسي يوسف الصديق قد منع من بعض الطلبة السلفيين بجامعة الزيتونة من المشاركة في هذا اللقاء. وقال الصديق في تصريح أدلى به على موجات "شمس ا ف م" أنّ طرده يعدّ "عارا على المسؤولين الجامعين" بما فى ذلك رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي أقدم على القيام بمحاضرة دون حضور شخصه وحضور منذر ساسي وثلة أخرى من المفكرين. كما أشار الصديق في تصريحه إلى "أنها المرة الثانية التي يمنع فيها من دخول فضاء علمي وثقافي بإعتبار أنه نفس الشئ الذى حدث معه في مدينة قلبية".