في إطار تذكير السلط التونسية بأهمية إدراج حقوق الإنسان وحق التعليم في قلب الإصلاحات التاريخية الجارية في البلاد منذ قيام الثورة، أدّى "كيشور سينغ" المقرّر الخاص لمفوضية الأممالمتحدة المعني بحق التعليم زيارة إلى تونس. كما عقد "كيشور سينغ" ندوة صحفية مساء اليوم الاربعاء بنزل بتونس العاصمة لتقديم النتائج الأوّلية لمهمّته الرسمية في تونس منذ 30 أفريل الفارط إلى غاية اليوم. وتتلخّص مهمّة "سينغ" في تونس في دراسة أوضاع تفعيل حق التعليم مع التركيز بشكل خاص على عدم التمييز في ممارسة هذا الحق بالإضافة إلى تقييم جودة التعليم وكيفية استجابته للاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. وأبرز "سينغ" أنّ دعوته من قبل الحكومة التونسية دليل على التزام الدولة بتحقيق حق التعليم بصفة كاملة وأيضا تكريس حقوق الإنسان بشكل عام. كما بيّن "سينغ" رغبة الحكومة في تعاونها وأظهرت "انفتاحا رائعا". والتقى "سينغ" خلال زيارته عددا من أعضاء الحكومة وكبار الموظّفين والمدرّسن والتلاميذ والطلبة وممثّلين عن المجتمع المدني. كما زار "سينغ" مؤسسات التعليم الأساسي والثانوي والعالي. وتحدّث "سينغ" عن قرار تونس لتكريس حق التعليم لجميع أفراد مجتمعها دون تمييز من خلال مصادقتها على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. الوضع التعليمي في تونس فيما يخصّ الوضع التعليمي في تونس نوّه "سينغ" بال"جهود الجبّارة" التي بذلتها الحكومات المتعاقبة في تونس من أجل تكريس حق التعليم، مضيفا أنّه في أوّل دستور للبلاد وقع التنصيص على مبادئ تكريس التعليم ليصدر بعد ذلك قوانين تخصّ هذا المجال لا سيما سنتي 2002 و 2008. كما تطرّق "سينغ" لقانون التعليم العالي الذي يهدف إلى تحديث المجال عن طريق إرساء منظومة "امد" مع التركيز أيضا على تطوير مجالات البحث والتأهيل المهني في التعليم العالي. واعتبر"سينغ" أنّ معدّل التمتّع بالتعليم على جميع المستويات "جيّد" مبيّنا أنّ نسبة تحقيق مبدأ التعليم للجميع وأهداف الألفية للنمو وخاصة الأهداف عدد 2 المتعلّقة بتوفير تعليم ابتدائي للجميع والأهداف عدد 3 الرامية إلى تحقيق مبدأ التناصف في التعليم هي "في مجملها متطوّرة جدّا". وأبرز "سينغ" أنّ نسبة تعليم الفتيات "ممتازة" ويتّضح ذلك في نسبة التحاقهنّ بالجامعات التي تناهز ال 60 % من عدد الطلبة. ومن جهة أخرى، بيّن "سينغ" أنّ "الحكومة مطالبة اليوم بالحفاظ على جملة هذه المكاسب مع الاستعداد لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية من خلال وضع استراتيجيات وطنية لرفع هذه التحديات أما قطاع التعليم". وفي هذا الإطار، تحدّث "سينغ" عن "معاناة التعليم التونسي من عدّة ثغرات خطيرة تبرز خاصة في عدم المساواة بين مختلف الجهات" مؤكّدا أنّ "نسبة التعليم في مناطق مثل الكاف والقصرين هي دون مستوى المعدّل الوطني في حين أنّ مناطق أخرى لديها نسبة 100% ممّا يتطلّب اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل الدولة". ودعا المقرّر الخاص لمفوضية الأممالمتحدة المعني بحق التعليم إلى "ضرورة تكريس حق التمتّع بالتعليم للفئات المعوزة والمهمّشة خاصّة الأطفال المعوقين، قائلا أنّ هناك معاهد تتمتّع باهتمام الدولة وأخرى تقع في مناطق مهمّشة لا تحظى بنفس القدر من الاهتمام". كما أكّد "سينغ" أيضا أنّ "الدولة التونسية مطالبة بصفة عاجلة بمعالجة جودة التعليم لما من شأنه أن يساهم في حلّ مشكلة البطالة لدى الشباب أصحاب الشهائد العليا بصفة فعالة". وبيّن "سينغ" خلال هذه الندوة الصحفية أهميّة تطوير معايير انتداب المدرّسين وتحسين أوضاعهم المهنية للمساهمة في "حلّ مشكلة الانقطاع عن الدراسة التي تبعث على القلق". ومن ناحية أخرى، ولمعالجة مشكلة بطالة الشباب أبرز "سينغ" أهمية إصلاح منظومة التكوين المهني والتقني بصفة معمّقة والذي يرتكز على سياسة دمج التعليم التقني والمهني في التعليم العام. وأضاف "سينغ" ضرورة أن "تقوم الدولة بحملات توعوية تهدف إلى تحسين وتكريس المكانة الاجتماعية للتعليم التقني والمهني مع السعي إلى توفير فرص تشغيل في هذا المجال". وفي نفس السياق، طالب "سينغ" ب"إنشاء إطار مؤسساتي ينظّم العلاقة بين التعليم وسوق الشغل لضمان الأهداف الأساسية للتنمية في تونس". وتحدّث "سينغ" أيضا عن "الحريات الأكاديمية التي اعترت عديد المشاكل خلال الأشهر الأخيرة في تونس حيث تمّ الاعتداء على عدد من الأساتذة كما تمّ غلق الكليات وعلّقت الدروس باسم التطرّف الديني". ودعا "سينغ" الجميع إلى التعقّل قائلا أنّ المجتمع الديمقراطي القائم على علوية القانون واحترام حقوق الإنسان يعني بالضرورة حرية التعبير". وعبّر "سينغ" عن رفضه للعنف وكذلك التحريض عليه". كما طالب "سينغ" الحكومة بأن تضمن الحماية للأساتذة والطلبة وكذلك حرية التعبير والتدريس واستقلالية البحث العلمي والأكاديمي. ودعا "سينغ" أيضا إلى أن تلتزم الدولة بضمان الحرية الأكاديمية واستقلالية الجامعات والتعددية الفكرية في الأوساط الأكاديمية عبر "استهداف الشبّان المتطرّفين ببرامج توعوية تهدف إلى تلقينهم مبادئ التسامح والانفتاح". مجانية التعليم والتمويل وفيما يتعلّق بمجانية التعليم، قال "سينغ" أنّ "التعليم ليس مجاني بصفة كاملة فهناك تكاليف غير مباشرة تتمثّل في النقل واللوازم المدرسية،... حيث تعجز بعض الأسر المحدودة الدخل في بعض الأحيان على توفير هذه المصاريف" مضيفا أنّه "على الدولة أن توفّر تعليما مجانيا أكثر فاعلية خاصة في مجال التعليم الأساسي". أمّا عن مسألة التمويل فقد حثّ "سينغ" الحكومة على إعطاء أهمية أكبر لصيانة البنية التحتية للمؤسسات التربوية وخاصة المؤسسات التي تدرّس التكوين المهني والتقني ولا تتوفّر بها الحاجيات اللازمة من لوحات تفاعلية وكمبيوترات... وأضاف "سينغ" أنّ الجزء المخصّص للتعليم في الميزانية الوطنية هو أكثر من 14 % وهو أمر يشاد به ولكن من الضروري، حسب قوله، "أن يتمّ تخصيص موارد كافية للاستثمار في التعليم". وفي نهاية الندوة، تطرّق سينغ إلى هجرة الأدمغة والتي "تعتبر تحديا هاما لتونس"، قائلا أنّه "على الحكومة أن تعمل على استقطاب الطلبة المتحصّلين على منح للدراسة في الخارج وتوفير الظروف الملائمة لهم والعالية الجودة. وأكّد "سينغ" أنّه سيتمّ رفع التقرير النهائي إلى رئيس الجمهورية والذي يتضمّن جملة من التوصيات، مضيفا أنّه "على الحكومة أن تعمل على تنفيذ التوصيات للنهوض بقطاع التعليم في تونس ولها أن تختار المنظّمات التي ستتعاون معها لإنجاز برامجها" عبير الطرابلسي الحمدانيالتحكم في الأسعار الذي تنظمه اللجنة الجهوية المحدثة للغرض و التي تشتغل تحت إشراف والي الجهة.