عاجل/ في حملات أمنية شملت كامل تراب الجمهورية: الداخلية توقف هؤلاء..    الدورة الثانية للصالون المهني للصناعات التقليدية من 6 الى 12 اكتوبر المقبل بقصر المعرض بالكرم    مجزرة جديدة للكيان الصهيوني..وهذه حصيلة الشهداء..#خبر_عاجل    كأس الرابطة الانقليزية : إيساك يسجل هدفه الأول مع ليفربول وطرد إيكيتيكي في الفوز على ساوثامبتون    القصرين : إحالة موظف والاحتفاظ بمقاول في قضية تدليس    إعصار ''راغاسا'' يحصد الأرواح في تايوان: انهيار سد وفيضانات مدمّرة..شفما؟    تفعيل بروتوكول الطوارئ في سفن أسطول الصمود..وهذه التفاصيل..#خبر_عاجل    عاجل: شنوّة صار في الإكوادور؟ عنف وحرائق مع بداية الإضراب    العاصمة: قرارات إخلاء عاجلة ل248 بناية مهدّدة بالسقوط    برشا تشويق في الرابطة: 4 ماتشوات في نفس الوقت وهذه أبرز المواجهات    البطولة الإسبانية : تعادل إسبانيول مع فالنسيا 2-2 وأتلتيك بلباو مع جيرونا 1-1    مبابي وفينيسيوس يتألقان في فوز ريال مدريد 4-1 على ليفانتي    أمطار غزيرة بهذه المناطق اليوم..#خبر_عاجل    محرز الغنوشي: ''البشائر متواصلة اليوم والأمطار حاضرة بتفاوت في الكميات في هذه المناطق''    علي الزرمديني: استهداف أسطول الصمود رسالة ترهيب دعائية لا توقف المسيرة    معرض السياحة Top-Resa بباريس: تونس تسجّل حضورًا قويًا وتؤكّد مكانتها كوجهة مفضّلة    مسألة الهجرة ،ومعالجة الهجرة غير النظامية ابرز محاور لقاء وزير الخارجية بالمفوّض الأوروبي للشؤون الداخليّة والهجرة    تونس تدعو من الأمم المتحدة إلى جعل صحة الإنسان محورًا للسلام والاستقرار العالمي    وزارة الصناعة: محطة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بولاية توزر سجلت تقدما في الأشغال بنسبة 75 بالمائة    المنستير: تقدم أشغال مشروع توسعة وتهيئة ميناء الصيد البحري بطبلبة    ضبط ملفات "سرية" ووثائق "أسلحة دمار شامل" لدى بولتون    ترامب يتوعد ABC بعد عودة الكوميدي جيمي كيميل إلى الشاشة: "ربما أربح أكثر هذه المرة"    وفاة أيقونة السينما العالمية كلوديا كاردينالي    تفاصيل الهجوم الذي استهدف اسطول الصمود العالمي    وسط جدل واسع...ديمبيلي يحرز الكرة الذهبية ..    عاجل: صدور قرار يتعلق بمؤسسات إسداء الخدمات بالرائد الرسمي... التفاصيل    ماذا في ميزانية 2026: التشغيل، الاستثمار والتحول الرقمي في صميم الأولويات    عاجل : دوي انفجار قرب إحدى سفن أسطول الصمود العالمي في البحر المتوسط.    عاجل: الموت يغيّب كلوديا كاردينال عن عمر ناهز 87 عاماً    ثمن نهائي بطولة العالم للكرة الطائرة ..المنتخب يفشل في امتحان التشيك    قيمتها 100 مليار..وثائق مزوّرة فضحت تهريب حبوب الهلوسة    الموت يغيّب الممثلة كلاوديا كاردينالي    منظمة الصحة العالمية ترد على ترامب: لا صلة مثبتة بين الباراسيتامول والتوحد    انطلاق نشاط وحدة بنك الدم بالمستشفى الجامعي بسيدي بوزيد    تظاهرة "الخروج إلى المسرح" في دورتها السادسة تحمل اسم الراحل الفاضل الجزيري    شبكة مخدرات تتفكك المروج: التفاصيل اللي ما تعرفهاش    مسرح الأوبرا يعلن عن فتح باب التسجيل في ورشات الفنون للموسم الثقافي الجديد    على متنها 3000 سائح...سفينة كوستا كروازيار ترسو بميناء حلق الوادي    عاجل/ تعليق الدروس في هذه الولاية..    عاجل : هذا هو موعد شهر رمضان 2026 فلكيا    في بالك ... فما اختبار دم يقيس قداش كل عضو في بدنك تقدم في العمر؟    مدنين: 90 الف طن تقديرات صابة الزيتون الاولية لهذا الموسم    رغم الغياب عن البطولة: الترجي الرياضي يحافظ على الصدارة.. النجم الساحلي في المركز الثالث والنادي الإفريقي في المركز ال6    أوت 2025: شهر قريب من المعدلات العادية على مستوى درجات الحرارة    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    عاجل/ "كوكا، زطلة وأقراص مخدرة": أرقام مفزعة عن حجم المخدرات المحجوزة في تونس..    الشيبس كل يوم.. تعرف شنوّة اللي يصير لبدنك    محرز الغنوشي يُحذّر من تواصل الأمطار هذه الليلة    وزير الاقتصاد يتباحث مع المدير الإقليمي للمنطقة المغاربية بمؤسسة التمويل الدولية، سبل تعزيز التعاون.    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    أمطار قياسية في مناطق من تونس.. الأرقام كبيرة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغنوّشي : باب الحوار يبقى مفتوحاً مع المتشددين دينيا... والسبسي صديقي
نشر في الصباح نيوز يوم 03 - 04 - 2014

نشر اليوم الخميس راشد الغنوشي على صفحته الخاصة ب"الفايس بوك" حوارا له مع صحيفة ""العربي الجديد".
وجاء الحوار كما يلي:
-تؤكدون منذ فترة طويلة، بأن "لا تعارض بين الإسلام والديموقراطية"، فهل تعتقدون أن هذا المجهود قد آتى ثماره، وأن النخب العربية والإسلامية والغربية بدأت تقتنع بأن لا تعارض بين الإسلام والديموقراطية؟
هذا بُعد أساسي من أبعاد التطور في خريطة الأفكار في المنطقة والعالم، ويتمثل في دخول الإسلام كمُعطى أساسي من معطيات السياسة الدولية. فالإسلام هُمّش منذ قرنين تقريباً، وحُشر في مجالات التعبّد وأُقصي عن الصراع السياسي والاجتماعي، ومن الشراكة في السياسة الدولية، أقلّه منذ الثورة الإيرانية، قبل أن تعزّز ثورات الربيع العربي موقعه في العالم، ولا سيما مع وجود حركات سياسية تراهن، أو تنطلق من قناعة راسخة لديها، بالتوافق بين الإسلام والقيم الحديثة، كالإنسانية والديموقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية والمواطنة، لتكون أساساً لبناء الدولة. تتمثّل هذه التيارات بما نسميها "الوسطية الإسلامية"، وهي التيار الرئيس في الحركة الإسلامية، أو ما يُسمّى "الإسلام السياسي"، وسط طرفين: متشدد، يصل في أقصاه إلى الإرهاب، وتقليدي يحصر الإسلام في مجالات التعبّد الفردي. أما "الوسطية الإسلامية"، فترى في الإسلام مصدراً للقيم والعدالة والمساواة.
وكانت النخب في تونس والآستانة ومصر، استيقظت، منذ القرن 19، على تقدم أوروبا وتراجع العرب، فاستدركت الاختلال في توازن القوى، التي من المُمكن أن تؤدي إلى احتلال العالم الإسلامي.
ومن هناك أكد المثقف والمصلح الكبير، خير الدين باشا، في كتابه "أقوم المسالك"، أن الخلل لا يكمن في الإسلام ذاته، إنما في فهم الإسلام. وكما ذكر محمد اقبال، المطلوب هو تجديد التفكير الإسلامي، وليس إجراء عملية جراحية على الإسلام. ويجب ألا نعتبر فهم الإسلام كأنه ضد الإصلاح الإداري، أو التطور العلمي، أو الحرية العامة، أو حقوق المرأة، أو القضاء.
وبوشر في حينه تحديث الإسلام من داخل الإسلام لصالح الإسلام، ولمصلحة مكانته.
وللأسف، أجهضه الاستعمار الغربي، ليُرسي مشروعاً آخر للتحديث، خلاصته استبعاد الإسلام لمصلحة الحداثة، وحصره في المجال الخاص كما فعل الغرب.
ومنذ ذلك الوقت، يتصارع مشروعان للتحديث، أحدهما ينطلق من الإسلام ويجدّد الثقة فيه، ويجدد العلاقة بينه وبين مكاسب العصر، ليتحول الإسلام إلى بوابة ندخل منها العالم الحديث، وآخر يسعى الى اظهار "تناقض" الحداثة والإسلام، فلا يُمكن اكتساب الحداثة إلا بإزاحة الإسلام.
وأثبتت جميع ثورات الربيع العربي أن مشروع التحديث باستبعاد الإسلام، الذي قاده الحبيب بورقيبة ومصطفى كمال أتاتورك فشل، ووصل إلى طريق مسدود.
كما أظهرت أن الإسلام عاد شريكاً أساسياً في التنمية الاجتماعية والسياسية، وبات يُعتبر مدخلاً لدمقرطة الحياة السياسية. فتجربة الترويكا في تونس تقوم على تحالف بين إسلاميين معتدلين وديمقراطيين أو حداثيين معتدلين. والإسلام عاد إلى قلب الحياة السياسية ليس بلغة اقصائية للآخر، بل متفاعلاً معه.
-تقولون إن القبول الكامل بكل آليات الديمقراطية نظرياً وعلمياً بالنسبة للإسلاميين، ربما لم يصدر عن غير "حركة النهضة" ، منذ إعلانها عن نفسها حزباً سياسياً في 1981.
هل تعتقدون أن النخب بدأت تقترب من هذه الفكرة؟
هناك اقتراب من الاقتناع بالإسلام شريكاً دولياً، ولم يعد إقصاؤه ممكناً، والمسلمون أظهروا تمسكّهم بدينهم وحرصهم في الوقت عينه على أن يعيشوا عصرهم.
كما أن الأقليات الإسلامية أصبحت جزءاً من التركيبة الاجتماعية في الغرب. وباتت الحكومات الفرنسية تضمّ وزراء من أصول إسلامية، لا بل أن أقصى اليمين يحرص على ترشيح مسلمين في قوائمه الانتخابية. لذلك، لم يعد السؤال الأوروبي اليوم "هل نتعامل مع الإسلام أم لا؟"، بل "مع أي إسلام نتعامل؟".
من هنا جاء البحث عن إسلام، ندعوه "إسلام النهضة"، يحتوي الحياة الحديثة ولا يتصادم معها.
-هذا الخطاب شكل وقتها ما يمثل قطيعة معرفية، مع خطاب الحركات الإسلامية، ولعله يمثله إلى الآن؟
أنا لا أحب الحديث عن القطيعة، الحياة تيار متدفق، ولا تتحمّل القطيعة. في الثقافة الفرنسية القطيعة لها معنى، يعتقدون أن الثورة الفرنسية والتنوير كان قطيعة، وهذا ليس صحيحاً. القداسة التي كانت للكنيسة أصبحت للدولة، فالمصلحة العليا للدولة تعتبر مقدسة، ما أدعوه "علمنة المقدس".
وليس صحيحا أن الثورة الفرنسية قطعت العلاقة مع الكنيسة نهائياً، فقد تعاون الاستعمار الفرنسي والكنيسة في السياسة الخارجية.
-القبول بالديمقراطية "كاملة" ألا يفترض تقديم تنازلات؟
لا يُمكن للوفاق الوطني أن يتم من دون تنازلات، فالديمقراطية تنازلات. ولم يكن ممكناً صياغة دستور في تونس من دون تقديم تنازلات، وإلا فكيف التوفيق بين إرادات متناقضة، لتخرج بنصّ صالح لأمد طويل؟
- لكن التيارات المتشددة دينياً، هاجمتكم من زاوية التنازلات الدستورية وغير الدستورية، وأنتم وصفتموهم ب"حمقى أطاحوا بحكومتين"، وأن "فهمهم للإسلام خاطئ".
هي حماقة ناتجة عن ضعف المعرفة، فالواقع شديد التعقيد، والمتطرف يبسّط الواقع والأيديولوجيا والإسلام، ويقدّمه على أنه حلال وحرام فقط. يصوّر المتطرّف الإسلام على أنه مربعات ومثلثات، بينما الحياة البشرية عبارة عن خطوط منحنية لا يُمكن استيعابها بفهم هندسي مبسّط.
-هل يئستم من استيعاب المتشددين، للفهم الوسطي للإسلام؟
لا، لم نيأس، ينبغي أن يظل باب الحوار مفتوحاً دائماً.
-قلتم منذ فترة إن "الحوار القومي الإسلامي نعده تحولاً استراتيجياً، في العلاقة بين أهم تيارين في الأمة، نقلها من صراع طويلٍ دامٍ، ليضعهما على عتبة التعاون والمواجهة لنفس الأعداء". أما زال هذا الالتقاء ممكناً؟
يواجه اللقاء تحديات كبيرة حالياً، وكانت القضية الفلسطينية من أهم القضايا التي جمعتنا.
واعتبر التياران أن الديمقراطية تبقى أساساً لبناء الدولة وتنظيم الحياة السياسية، ولذلك ينبغي رفض الأنظمة الدكتاتورية والدفاع عن حقوق الجميع.
هناك امتحان أمام اللقاء، بالنظر إلى ما يحدث في سوريا ومصر، كونه يقف جانب كبير من التيار القومي إلى جانب الانقلاب في مصر، ولذلك فالمبادئ التي التقينا من أجلها، تُداس.
-عن علاقتكم بالولايات المتحدة الأميركية، قلتم في سنة 2003 "لا تبدو هناك مصلحة دولية في أن تقرر شعوبنا لنفسها، وأن يكون القرار معبّراً عن غالبية الناس. بكل بساطة لو حصل ذلك، لطالب الناس مباشرة بالوحدة، وتحرير فلسطين، واستعادة الأموال الهاربة. هذا لن يقبل به الخارج. ولذلك فأي دراسة، بظنّي، لواقعنا الراهن، بدون إعطاء هذا العامل الخارجي أهمية كبيرة، لن تؤدي بنا إلى شيء. وربما سنجد أننا نجلد أنفسنا، ونقول أن ثقافتنا لا تسمح بالديمقراطية وإلى آخره. يعني روحوا انتحروا إلى أن يحصل قبول العامل الخارجي".
الآن هل تغير شيء؟
السياسة ليست كلها رغبات، وأكثرها إكراه، لذلك فموازين القوى في حالة تغيّر وتبدّل مستمرّ، وأعتقد أن عالم الأفكار اليوم مسكون بالإسلام، كما كان في ستينيات القرن الماضي مسكوناً بالفكر اليساري والاشتراكي والعلماني والعروبي، ثم الليبيرالي. والخيار الآن بين إسلام وإسلام، هناك إسلام القاعدة وإسلام الإخوان وإسلام الصوفية، والغرب ليس في وضع استبعاد الإسلام، وإنما في الاختيار بين إسلام وإسلام.
- زرتم واشنطن أكثر من مرة، ما سرّ الاهتمام الأميركي؟
هناك إعجاب بالنموذج التونسي، الذي تجاوز العراقيل، التي ظهرت في بلدان الربيع العربي. فقد نجحت تونس حيث فشل الآخرون.
- هناك من يقول إن النهضة والحركات الإسلامية عموماً، أخطأت في تولّيها الحكم؟
نعكف حالياً، على تقييم فترة حكمنا للبلاد، وفي رأيي نجحنا في الدخول إلى الحكم والخروج منه. دخولنا إلى الحكم أعطى للتجربة قوة، ومثّل العمود الفقري للتحوّل الديمقراطي، وكان نموذجاً للإسلاميين في كل مكان، على أن الإسلام يمكن أن يحكم.
هناك من كان يعتقد أن السماء ستقع إن تولّى الإسلاميون الحكم، لكنه تبيّن أن شيئاً لم يحدث، نحن حكمنا واستمرت العلاقة مع الغرب، وتطورت معنا... نمط حياة التونسيين لم يتغير، فقط المساجد كانت تغلق فأصبحت مفتوحة، أما الخمارات فكانت مفتوحة وبقيت مفتوحة (يضحك)، وباتت الحريات عامّة وفي كل الاتجاهات، في حين كانت مع بورقيبة وزين العابدين بن علي في اتجاه واحد.
- النهضة نجحت في تونس في الدخول والخروج من الحكم، وفي مصر؟
النهضة نجحت في الخروج من الحكم لأنه خروج جنّب البلاد الكارثة، وجنّبها سقوط السقف فوق رؤوس الجميع. الآخرون في تونس، كانوا مستعدين لأن يسقط السقف فوق رؤوس الجميع، من أجل أن تخرج النهضة. مارسنا مسؤوليتنا ليبقى البيت، حتى وإن خرجنا منه، ولذلك كبرت النهضة في رأي الناس، لأن الناس يحترمون من يقوم بالتضحيات.
- وفي مصر؟
تمسّك الإخوان بحقهم القانوني في السلطة، وكان يمكن لنا نحن أيضاً أن نتمسك بحقنا القانوني في السلطة، لأننا منتخبون ديمقراطياً، ولكن في ظنّي لم يحسنوا تقدير موازين القوى.
في تونس إبّان الصراع بين الحكم والمعارضة، تدخلت قوى مدنية في مقدمتها "اتحاد الشغل" لإدارة الحوار بين الطرفين، وانتهى الأمر إلى وفاق. أما في مصر، فالصراع بين السلطة والمعارضة أوجد طرفاً ثالثاً، من أجل حسم الأمور، لكنه أجهز على العملية برمّتها، وأقصد الجيش.
من حظ تونس أن القوى الأمنية والجيش لم يتدخلوا في الحياة السياسية.
- كيف ترون الحلّ في مصر؟
ليس هناك بديل عن الحوار والمصالحة الوطنية، والليبيرالية المصرية، إن صحّ الحديث عن ليبيرالية مصرية، تقوم بعملية انتحار جماعي، فحزب مثل حزب الوفد الذي قضى قرناً من حياته يدافع عن الحرية، يجد نفسه في ذيل الجيش، هذه فضيحة.
وجزء من النخبة المصرية أصابنا بصدمة، فشخصيات كبرى، نجدها في الموقع الخاطئ يقفون ضد إرادة الشعب ويمنحون الشرعية للمذابح. هناك مذابح تحدث الآن في مصر ، هذا أمر معيب.
- من يمكن أن يكون وسيطاً في مصر مثلما حدث في تونس؟
مصر بلد كبير ولا بد أن يظهر عقلاء وحكماء، والسير في طريق مسدود لا يؤدي إلى شيء، وسيفهم الجيش أنه أخطأ خطأً شنيعاً، حين سار وراء طموحات جنونية في الإجهاز على الثورة المصرية، وتصور أن ذلك ممكن.
في مصر حدثت ثورة واستعاد الشعب ثقته في نفسه، أما الخوف والرعب من الحاكم، فقد سقط من قلوب الناس، ولذلك لا يُمكن إعادة العفريت مرة أخرى إلى القمقم. تبقى مسألة وقت فقط، حتى يستعيد الشعب المصري ثورته، وستزداد القناعة يوماً بعد يوم، داخل وخارج الجيش بأن مصر لكل المصريين، وأن سياسة الإقصاء لا تؤدي الى نتيجة. ويُعتبر الإخوان في مصر، عدوّ، في حين أن العدوّ الآن هي الحرية.
الإخوان المسلمون في مصر، ليسوا حالة عابرة، فهم وُلدوا قبل أن يولد (المرشح الرئاسي عبد الفتاح) السيسي، وسيبقون بعده. ومن العبث الاجهاز على حلم المصريين في التحرّر.
- إن عُرضت عليكم الوساطة هل تقبلون؟
حاولت قبل فترة التوسط بين "جبهة الانقاذ"، الممثلة في حمدين صباحي، وبين الإخوان، لكن المحاولة فشلت.
- أين وصلت مساعيكم في الوساطة في الأزمة الليبية؟
لا تزال في بدايتها وواعدة، ونحن على اتصال مع الجميع، للوصول إلى وفاق .
- تجرون اليوم استفتاءً لقواعدكم من أجل تقرير موعد المؤتمر قبل أو بعد الانتخابات، ما الذي يعنيه هذا؟
إذا قررت القواعد إجراء المؤتمر قبل الانتخابات، فهذا يعني أن اهتمامها داخلي، واذا قررت أن يكون بعدها، فهذا يعني ان اهتمامها المركزي خارجي، ويعطي الأولوية للانتخابات .
- أثارت استقالة حمادي الجبالي ردود فعل كبيرة، كيف تنظرون إلى هذه الاستقالة؟
الجبالي قيادي كبير في النهضة، وهو طلب إعفاءه والحركة ستنظر في ذلك، وستُوكّل له المهمة القيادية التي تليق به.
- قال الجبالي أنه لو ترشح للرئاسة فسيكون ذلك من خارج النهضة؟
له ذلك طبعاً
- إن ترشح للرئاسة من خارج النهضة هل ترشحون غيره؟
حتى الآن لم تقرر النهضة اذا كانت سترشّح للرئاسة أحداً من داخلها أو خارجها، وسيكون القرار وفقاً لسياسة الحركة وقتها، وإن رشحت واحداً منها فلمَ لا يكون الجبالي؟
- حين كنتَ في باريس، في نهاية الستينيات، كتبتَ عن تلك الفترة وعن كونكم قلّة، في مقابل المدّ اليساري الجارف، هل كنت تتصوّر أن الحركات الإسلامية يُمكن أن تحقق ما حققته اليوم؟
الأيديولوجيون ممتلئون دائماً بالأحلام، فالأيديولوجيا أحلام بالمستقبل المشرق، وإلا فكيف لقلّة أن تغيّر موازين القوى؟
- و تحقق الحلم؟
نعم تحقق.
- كتبت "لم أكن محظوظاً، إذ لم أحصل على فرصة للعمل في الحراسة رغم شدة رغبتي فيها. فتنقلت بين مهنٍ كثيرة كمهنة التنظيف ومهنة توزيع مناشير الدعاية للمؤسسات، وتلك كانت تتطلّب أن يجول المرء في أحياء كثيرة، من أجل أن يسقط أوراق الدعاية هذه من خلال فتحات صناديق البريد وفي أبواب البيوت... هل كنت تتصور انك تصبح هذا ال"راشد الغنوشي "الذي نعرفه اليوم؟
لماذا تذكرني بتلك الأيام؟ (يضحك). نعم و كنت أحلم بأكثر من ذلك.
- لقاؤك بالباجي قائد السبسي في باريس، غيّر معطيات كثيرة في تونس، عما تحدثتما هناك؟
تحدثنا عن ضرورة التوافق.
- هل أصبحتما صديقين؟
(يصمت قليلا) نعم.
* قال السبسي إنه في حال ربح الانتخابات فيمكن أن يتحالف مع النهضة، فهل تتحالفان معاً بعد الانتخابات؟
نتائج الانتخابات ستحدد ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.