أطلق أكثر من 14 ألف مسلم بأفريقيا الوسطى، تحاصرهم ميليشيات "الأنتي بالاكا" المسيحية في قلب مدينة "بودا" (191 كم جنوب غرب العاصمة بانغي) نداء استغاثة لجميع الأطراف لإنقاذهم. وقال محمد لامين، عامل، وهو أب ل13 طفلاً ويقيم بالمدينة "باسم جميع المسلمين المحاصرين هنا، أرفع نداء استغاثة للفاعلين السياسيين وللمجموعة الدولية وللناشطين في حقوق الإنسان لتجنيبنا مأساة كبرى نعيشها يوميا". وتعيش أفريقيا الوسطى منذ الخامس من ديسمبر الماضي عنفًا طائفيًا متبادلاً، استدعى تدخل فرنسا، كما قام الاتحاد الأفريقي بنشر بعثة دولية لدعم أفريقيا الوسطى باسم "ميسكا"، والتوصّل إلى تسوية للنزاع فيها، قبل أن يقرر مجلس الأمن مؤخرًا، نشر قوة حفظ سلام تحت اسم "مينوسكا" مكونة من 12 ألف جندي، في محاولة لاستعادة الاستقرار في البلد المضطرب. وقال لامين "كل ما نطلبه هو نقلنا من هنا، وإلا ستتم إبادتنا من طرف الأنتي بالاكا". وأضاف "وضع المسلمين هنا شديد الخطورة، نعيش على وقع الخوف ونموت عبثًا، المرض يفتك بنا من جهة، والأنتي بالاكا يقتلوننا من الجهة الأخرى". وبحسب لامين فإن "امرأة مسلمة حامل قُتلت قبل يومين على يد الأنتي بالاكا عندما سعت للحصول على بعض الحطب لاستعماله في إشعال نار للتدفئة، فقبضوا عليها وقطعوا رأسها ثم فتحوا بطنها وأخرجوا الجنين وأدخلوا في جسمه سكينا". وقال "لا وجود للأمان هنا، كل شيء متوقع، رائحة الموت تملأ المكان، لكن آلامنا كانت لتكون أكبر لولا تشبعنا بمبادئ الإسلام الذى علمنا أن نصبر". ويختتم لامين حديثه قائلا إنه فيما هاجر مئات الآلاف من المسلمين في أفريقيا الوسطى إلى البلدان المجاورة (التشاد والكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية)، يبقى مسلمو "بودا" محاصرين في موقع يشبه إلى حد بعيد غرفة سوداء يمر عبرها المحكومون بالموت". أما محمد حسن فروى لوكالة الأناضول كيف جاء إلى مدينة بودا قادمًا من بلدة "زامبو" الصغيرة التابعة لمحافظة يالموكي الواقعة على بعد 150 كم من بانغي قائلاً "لقد هرعنا جميعا هاربين من بلدتنا، ومشينا مئات الكيلومترات في الأدغال، لا نملك شيئًا سوى ما نرتديه من ملابس". وأوضح حسن أن حياته وحياة المسلمين في بودا تتوقف أساسًا على المساعدات الإنسانية وعلى التضامن بين المحتجزين في المدينة. وقال "نحتشد بالعشرات وأحيانا بالمئات في بيت واحد.. أي تحرك لنا قد يوحى بخطر داهم". وأوضح أن قوات "سانغريس" الفرنسية وقوات الميسكا الأفريقية تقومان بتأمين المكان، فيما يحاول مسؤولون في "برنامج الغذاء العالمي" (بام) التابع للأمم المتحدة ومنظمة "سي أو أو بي" الإيطالية (غير حكومية) بمساعدة الآلاف من المسلمين الذين يتعرضون لمعاناة يومية. يأتي ذلك فيما أعلنت تشاد الاربعاء انها انهت سحب جميع عناصر كتيبتها العاملة في افريقيا الوسطى في إطار القوة الافريقية "ميسكا"، وذلك خلال احتفال في سرح (جنوب) ترأسه رئيس الوزراء باهيمي دوبيت كالزوبي، كما ذكر مراسل وكالة فرانس برس. وقال رئيس الكتيبة التشادية في القوة الافريقية الكولونيل سليمان ادم في حضور رئيس الوزراء، ان "آخر جندي قد اجتاز الحدود في 13 أفريل في الثامنة مساء". واشاد رئيس الوزراء بالانسحاب "المنظم والمنضبط". وكان الرئيس ادريس ديبي انتو قرر هذا الانسحاب في الثالث من أفريل بعدما اتهمت الاممالمتحدة الجنود التشاديين باطلاق النار على مدنيين في بانغي. وذكرت الحكومة في نجامينا ان 833 جنديا بالاجمال قد اجتازوا الحدود مع عدتهم وعتادهم بعد تدخل في اطار قوة ميسكا ادى الى مقتل 15 جنديا. وانتقد رئيس الوزراء "من يصرون على تشويه صورة قواتنا الباسلة"، وطلب من القوات الفرنسية في قوة سنغاريس وفي قوة ميسكا "توفير امن مواطنينا الذين ما زالوا في افريقيا الوسطى". وفي بداية أفريل، اعلنت الحكومة التشادية سحب حوالي 850 جنديا في قوة ميسكا (ستة آلاف جندي بالاجمال)، وانتقدت "حملة لتشويه" صورة جنودها الذين وجهت اليهم مجددا تهمة قتل 24 مدنيا في بانغي. ثم أكد وزير الخارجية التشادي موسى محمد ان "لا عودة" عن القرار، معتبرا ان بلاده ضحية "حملة تنكيل منهجية وقد دفعت ثمنا غاليا". وأعرب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن الامل الثلاثاء في الا يكون هذا الانسحاب للكتيبة التشادية "خيارا نهائيا". (وكالات)