يشارك جنود من الجيش الجزائري للمرة الأولى منذ الاستقلال في الاحتفالات الخاصة بمئوية الحرب العالمية الأولى التي ستنظم بباريس في 14 جويلية الجاري والتي تتزامن مع العيد الوطني الفرنسي. وكانت فرنسا هي التي بادرت بالإعلان عن هذا الخبر عن طريق وزير الخارجية لوران فابيوس قبل أن تؤكده الجزائر بلسان وزير خارجيتها رمتان لعمامرة الذي قال "نعم الجزائر ستشارك في الاحتفالات الخاصة بمائوية الحرب العالمية الأولى بفرنسا مثل باقي الدول ال80 الأخرى التي فقدت العديد من مواطنيها خلال هذه الحرب". وواصل "الهدف من هذه المشاركة هو تكريم الجزائريين الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية الآخريين (الفرنسيين)". ولم تقدم وزارة الدفاع الجزائرية ولا الخارجية تفاصيل أكثر حول عدد الجنود الجزائريين المشاركين أو عن الصيغة التي سيشاركون بها. التوضيحات جاءت من جريدة "الوطن" الجزائرية الناطقة بالفرنسية، التي كتبت نقلا عن رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس، أن ثلاثة جنود فقط سيمثلون الجزائر في هذه الفعاليات، موضحة في الوقت نفسه، أن الجنود الثلاثة لن يشاركوا في العروض العسكرية التي ستقام في جادة "الشانزليزيه" بل سيتمركزون فقط في ساحة "كونكورد". وأثارت هذه المشاركة التي تكتمت عليها السلطات الجزائرية في البداية، جدلا واسعا في الجزائر وردود فعل انقسمت بين رافض ومؤيد. ويعد عبد العزيز بن علي الشريف، الناطق باسم وزارة الخارجية الجزائرية، من بين المؤيدين لهذه المبادرة حيث صرح "كثير من الجزائريين ضحوا بأنفسهم وسالت دماؤهم بغزارة ضد الظلم والغطرسة خلال الحرب العالمية الأولى والثانية. إذن، الهدف من المشاركة، هو الإظهار للعالم أن الجزائريين ضحوا بأنفسهم من أجل الحرية وضد النازية والظلم". هذا، وانتقل الجدل إلى أروقة البرلمان الجزائري إذ يوجود انقسام بين الأحزاب السياسية إزاء هذه المسألة. وقال شهاب صديق، وهو نائب من حزب التجمع الوطني الديمقراطي: "أعتقد أن مشاركتنا في هذه الاحتفالات تتعدى الطابع الرمزي أو البرتوكولي. لكن هذا لا يعني أن الجزائر مستعدة للتنازل عن مطالبة فرنسا بالاعتراف بجرائمها أثناء الحرب التحريرية". وإلى ذلك، رأت بعض أحزاب المعارضة أن قرار المشاركة في الاحتفالات بالعيد المئوي للحرب العالمية الأولى خطأ لم تحسب له السلطات الجزائرية جيدا. وأكد لخضر بن خلاف، من جبهة العدالة والتنمية أن خبر المشاركة العسكرية الجزائرية في فعاليات 14 جويلية بفرنسا جاء من الجانب الفرنسي كما تعودنا دائما على ذلك. وأضاف إن "الحساسية مع فرنسا ما زالت موجودة إلى اليوم. فبعض المسؤولين في الجزائر لا يزالون يرفضون تمرير قانون تجريم الاستعمار وفرنسا هي الأخرى ترفض الاعتراف بجرائمها في رغان"، (وهي مدينة تقع في عمق الصحراء الجزائرية حيث قامت بأول تجربة نووية في عام 1960) ودعا هذا النائب المسؤولين الجزائريين إلى مراعاة شعور الشعب الجزائري الذي ما زال مجروحا من ممارسات فرنسا. من جهته، انتقد سعيد عبادو، الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، قرار قبول الحكومة الجزائرية مشاركة جنودها في الاحتفالات الفرنسية. وقال في تصريح لموقع "كل شيء عن الجزائر": "يمكننا أن نتصور تنظيم عرض عسكري فرنسي-جزائري مشترك يوم تقدم فيه القوة الاستعمارية اعتذارها عن الجرائم التي ارتكبتها في الجزائر". وأكد عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم: "السياسة الخارجية الجزائرية ترتكز على الإرث الذي خلفته الحرب الجزائرية. بين الجزائريين والفرنسيين خلافات، لذا يتوجب على العسكريين الجزائريين أن لا يشاركوا في العروض العسكرية رفقة الجنود الفرنسيين. الفرنسيون يرفضون الاعتذار لكنهم يطالبون في نفس الوقت من الأتراك أن يعتذروا عما سببوه من مآس للأرمن". وفي فرنسا، دعت بعض جمعيات "الحركى" و"أقدام السود" فرانسوا هولاند إلى العدول عن قراره القاضي باستضافة جنود جزائريين للمشاركة في احتفلات 14 جويلية. لكن لوران فابيوس رد بالقول "لا يوجد أي شيء يثير الصدمة وأن فرنسا تريد فقط تكريم كل الذين شاركوا في تحريرها ودافعوا عنها". (فرانس 24)