ألقى اليوم رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة خطابا بمناسبة افتتاح أشغال المنتدى السنوي الذي ينعقد اليوم تحت شعار «الهجرة والمواطنة» وقال جمعة إنّ جاليتنا بالخارج التي تمثل رصيدا بشريا هامّا بلغ 10% من مجموع السكّان أي ما يناهز مليون و 200 ألف مواطن مهاجر أفرزت كفاءات في مختلف المجالات العلمية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، مشيرا إلى إيلاء هذه الشريحة من مجتمعنا ما تستحق من عناية وتقدير من خلال ضمان حقوقها وصيانة مكتسباتها وإثرائها والدفاع عنها وحفظ كرامتها. وأضاف : «ولئن كانت المواطنة تقوم أساسا على ضمان الحقوق المدنية والسياسية والإجتماعية لكلّ المواطنين والمساواة بينهم، فإنها تقتضي كذلك من كل فئات المجتمع سواء داخل الوطن أو خارجه أن تقوم بواجباتها إزاءه بإحترام القوانين والإنخراط الفاعل في الشأن العام.» ومن جهة أخرى، قال مهدي جمعة ان هذا المنتدى يعقد في ظلّ تحقيق إنجازات هامة على الصعيد السياسي والمتمثلة بالخصوص في إصدار دستور جديد للجمهورية واستكمال مقتضيات الفترة الانتقالية بإصدار القانون الإنتخابي والشروع في تنظيم الإنتخابات التشريعية والرئاسية .وإننا عاقدون العزم على مجابهة كل الصعاب ورفع التحديات الاقتصادية والأمنية وإنجاح المسار الإنتخابي والوصول ببلادنا إلى بر الأمان والسلام، قائلا : «وإننا اليوم، بعد المصادقة على قانون المالية التكميلي، نكون قد أسسنا لعلاقة جديدة بين المواطن و مؤسسات الدولة ترتكز على الواجب الجبائي والتصدي للتهريب ومكافحة الإرهاب». كما بيّن أنّ الهدف من هذا التمشي الحد من التهرب الضريبي والسعي إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الجبائية وتوفير أفضل الظروف لحماية مؤسساتنا الإقتصادية ودعم المقدرة الشرائية للمواطن في إطار محيط آمن يحمي الأفراد و يحفظ مؤسسات الدولة، مشددا على ضرورة مساهمة كل حسب إمكانياته في معاضدة جهود الدولة ودعم مواردها لتحقيق هذه الأهداف وشكر أفراد جاليتنا بالخارج على ما قدموه من مساهمة سخية في الإكتتاب الوطني الذي تجلى من خلال نتائجه مدى انخراط التونسيين في إنجاح برنامج الإنتعاش الإقتصادي من الداخل والخارج. مكافحة الإرهاب وفي ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، فأكّد أنها أولى أولويات الحكومة التي لن تدخر جهدا في التصدي لهذه الآفة الغريبة عن مجتمعنا، مبينا أنّه أصبح اليوم واضحا أن الإرهاب يستهدف التجربة التونسية في الإنتقال الديمقراطي ويرمي إلى زعزعة الدولة وتقويضها وضرب مدنية الدولة وتغيير نمط حياة مجتمعنا. كما لم يفوّت جمعة الفرصة للترحم على أرواح شهدائنا من جيش وقوات أمن وأحيي ثبات قواتنا وعزمهم الراسخ على محاربة الإرهاب وإفشال مخططاته، قائلا : «وإننا نسجل اليوم بكل اعتزاز وحدة الموقف الوطني وانخراط كل القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني ضد هذه الآفة...وإننا واثقون أن ليس للإرهاب مكان في تونس وأن الإنتصار عليه مسألة وقت فقط... إن تونسالقيروان والزيتونة كمنارة للإسلام المتسامح والمعتدل ترفض التطرف والغلو والإرهاب...» كما دعا أفراد الجالية التونسية بالخارج كجزء لا يتجزأ من هذا الوطن العزيز أن يبادروا بالتسجيل في القائمات الإنتخابية لإنجاح هذا الإنتقال الديمقراطي الذي تمثل فيه محطة الإنتخابات أفضل رد على دعاة العنف والفوضى والترهيب، مضيفا : «وإنّي على يقين أنكم لن تدخروا جهدا في مساندة الدولة في هذه الحرب ضد الإرهاب ودعم موارد الصندوق الذي أحدثه قانون المالية التكميلي لمكافحة الإرهاب..». وفي سياق آخر اعتبر انه من مقوّمات المواطنة تعزيز الديمقراطية وتفعيل مبدأ مشاركة كل القوى الحيّة ومن ضمنهم التونسيون بالخارج في الشأن العام والمساهمة في نحت معالم تونس الغد لذلك توخّت تونس مقاربة شاملة ومتكاملة للإحاطة بكافة شرائح الجالية التونسية بالخارج وذلك بتعزيز مكانتها ودورها وتمثيليّتها في المجتمع، وقال : «وقد تمّ في هذا السياق إحداث المرصد الوطني للهجرة في أفريل 2014 والذي ستوكل له مهام رصد واقع الهجرة و جمع المعلومات المتعلقة به وطنيا و دوليا لاستغلالها في رسم سياسات الهجرة و استشراف الآفاق المستقبلية لها. كما أننا بصدد إصدار النص القانوني لإحداث المجلس الوطني للتونسيين بالخارج بعد إتمام الاستشارة الموسّعة التي أذنّا بها. وسيكون هذا المجلس بمثابة الآلية الدائمة لإرساء سياسة تشاركية بين هياكل الدولة و مكونات المجتمع المدني وممثلي التونسيين بالخارج في رسم السياسات المستقبلية للهجرة. ولعل هذا المكسب الذي انتظرته جاليتنا طويلا سيكون خير حافز لها لمزيد تثبيت مواطنتها و تعزيز مساهمتها في النهوض بالبلاد...وحرصا على مزيد إضفاء النجاعة المطلوبة على الهياكل المكلفة بالتصرف في قضايا الهجرة وتحسين جودة الخدمات المسداة لجاليتنا بالخارج، تم ّ الشروع في إعادة هيكلة ديوان التونسيين بالخارج على المستوى المركزي والجهوي ودعم سلك الملحقين الإجتماعيين لدى بعثاتنا الدبلوماسية بالخارج.» وفي ختام خطابه جدّد جمعة دعوته لكلّ التونسيين والتونسيات سواء داخل البلاد أو خارجها إلى مزيد البذل والعطاء والتفاني في العمل من أجل مصلحة بلادنا ونبذ العنف والتفرقة والوقوف صفاّ واحدا وراء قواتنا المسلحة وقوات أمننا الداخلي لدعمها في مواجهة الإرهاب بما يضمن لتونس الأمن والإستقرار والازدهار الإقتصادي والرفاه الإجتماعي وإنجاح الإستحقاقات الإنتخابية القادمة