أثار قرار رئاسة الجمهورية بإنهاء مهام مصطفى كمال النابلي، محافظ البنك المركزي التونسي، اليوم الأربعاء، جدلا واسعا داخل الأحزاب السياسية والمجتمع المدني. الشابي يعتبره قرارا اعتباطيا وقد عبّر أحمد نجيب الشابي قيادي الحزب الجمهوري في اتصال هاتفي مع "الصباح نيوز" عن تفاجئه من قرار عزل أفضل محافظ بنك مركزي في إفريقيا. كما أكّد الشابي عدم وجود أيّ سبب اقتصادي أو فني لإقالة النابلي، مبيّنا أنّ هذا القرار اعتباطي. وأضاف قائلا: "إنّني أعبّر عن ذهولي من هذا الخبر الذي سيزيد الطين بلة ويضيف أزمة مؤسساتية جديدة في البلاد بعد أن كانت تعاني من أزمة أمنية". ودعا الشابي المجلس الوطني التأسيسي إلى أن لا يسير وراء هذا القرار وأن يدعم استقلالية البنك المركزي، ثمّ تدارك قائلا: "إنّ الأزمة الموجودة داخل المجلس حيث أنّ الحوار محصور من قبل مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي وكتلة الأغلبية (حركة النهضة) لا تتركنا نتفاءل بخير". كما وصف الشابي هذا الخبر بالمحزن والمحير في نفس الوقت.
حزب العمال يتنبّأ بأزمة ومن جهته، أبرز جيلاني الهمامي القيادي في حزب العمّال الشيوعي كثرة قرارات الثلاثي الحاكم الخاطئة وغير المدروسة وغير المسؤولة خلال المدة الأخيرة. كما بيّن أنّ قرار رئاسة الحكومة الفردي لترحيل البغدادي المحمودي كان متعجّلا وجاء نتيجة لخفايا لم يتمّ الكشف عنها بعد، مبرزا أنّ الحكومة قد اتهمت بقيامها بصفقة للغرض وهذا ما لم تنفيه إلى حدّ الآن. وأضاف قائلا: "واليوم فوجئنا بقرار المرزوقي بإقالة النابلي واعتماده لسياسة لي الذراع ممّا يؤكّد انعدام وحدة الفريق الحاكم وخاصة رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية أصبحت ملحوظة". وفي نفس السياق، أكّد الهمامي وجود أزمة كبيرة قد تؤدي إلى أزمة حكم تتحمّل مسؤوليتها الترويكا التي يمكن أن تدخل البلاد في حالة فوضى. وفيما يتعلّق بالمجلس الوطني التأسيسي، اعتبر الجيلاني الهمامي أنّه من المؤسف أن لا يتحمّل المجلس التأسيسي مسؤوليته بصفته السلطة الأصلية والشرعية في البلاد. كما أبرز الهمامي أنّ أطراف الترويكا تعتدي على صلاحيات بعضهم البعض، قائلا: "هذا ما يدلّ على وجود فوضى عارمة تثبت يوما بعد يوم أنّ الترويكا غير جديرة بالحكم. ودعا الهمامي المجلس التأسيسي إلى الأخذ بزمام الأمور بكلّ جدية لوضع حدّ لهذه الفوضى.
أم زياد تتحدث عن تعويض لإساءة أمّا نزيهة رجيبة (أم زياد) الصحفية والحقوقية فقد أكّدت في اتصال هاتفي مع "الصباح نيوز" أنّ خبر إقالة مصطفى كمال النابلي تمّ تداوله منذ مدة ممّا أثار احتجاج المعني بالأمر الذي قال بأنّ رئيس الجمهورية ليس له صلاحيات" وأضافت قائلة:" هذا ما جعل حمادي الجبالي يعلن بعد ذلك أنّ له ثقة كبيرة في النابلي ممّا يفنّد انعدام الصلاحيات بالنسبة لرئيس الجمهورية، ليقوم هذا الأخير بالإعلان عن خبر الإقالة على صفحته الرسمية في الموقع الاجتماعي "الفايسبوك" صباح اليوم الاربعاء". ومن جهة أخرى، أبرزت أمّ زياد أنّ هذا النوع من القرارات كأنّه نوع من التعويض على الإساءة التي حصلت للمرزوقي، بعد أن وقع ترحيل البغدادي المحمودي من قبل رئاسة الحكومة، رغم أنّ رئيس الجمهورية أكّد في عدّة مناسبات أنّه لن يسلّمه إلاّ بعد انتخاب حكومة شرعية في ليبيا وضمان حكم عادل للبغدادي. ورأت رجيبة أنّ هذا القرار يرجى منه الإشارة إلى أنّ المرزوقي ليس رئيسا صوريّا وليس مجرّدا من مهامه وأنّ هناك توافق بين الرئاسات الثلاثة. وفي نفس السياق، أكّدت رجيبة أنّ كلّ هذا لا يدلّ على وجود توافق بين الترويكا باعتبار أنّ قرار الترحيل كان الجبالي هو من قرّره بمفرده أمّا إقالة النابلي فكانت بقرار من المرزوقي والجبالي معا وهو ما يبرز، على حدّ قولها، الإخلال الموجود بين الرئاسات. كما بيّنت رجيبة وجود طرف في الحكومة يسيطر على جميع المواقف، ألا وهو حزب النهضة، قائلة: "هذا كان واضحا في عدّة مناسبات وقد تأكّد بقرار ترحيل البغدادي". وفي نفس الإطار شدّدت رجيبة على أنّ القرار الجماعي منعدم داخل الرئاسات الثلاث، مبينة أنّ رئاسة الحكومة تقرّر بمفردها بعيدا عن كلّ من رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس الوطني التأسيسي. وأضافت أنّه كان من المفروض أن يكون الاحتكام في هذا القرار للمجلس الوطني التأسيسي باعتبار عدم وجود توافق بين الرئاستين.