منذ عرفت القلق ، عرفت الصيد على ساحل البحر الابيض المتوسط , كنت كل مساء اعانق الغروب واحمله معي الى شاطئ البحر المتوسط غير بعيد عن مدينتي ، لانعم باشواط هانئة من الصيد البحري ... الطعم على يميني في سطل من تاريخ طفولتي وصنارتي الافقية لا تفارق يميني والبحر امامي في صدره صخب موجه الهادئ وفي أحشائه عرائس بحر انتظاري ,, كرسي الصغير لا يمل جلوسي المشحون بالصبر الاسطوري، الصمت احيانا يغذي نسمات سكون افكاري وتارة يزف لي ارتعاشة صيد ثمين ، فاقف متوثبا لجذب سمكتي الجريحة ، ثم انوء بسجايا طول انتظاري واعيد الى عبابه ساكنته الاليفة واعيد شحن الصنارة بطعم لذيذ من جديد واجلس على كرسي الوثير لامارس صفة المنتظر القديم .. طال انتظاري على غير العادة فأخذتني سنة ، ورأيت في ما يرى الحالم في الهزيع الاخير من ليلة مفعمة بالشجون عروس البحر تغطس وتطفو في اتجاه الشاطئ، وتجذب في رقة صنارتي ، وعلى وجهها الملائكي بسمة ساحرة ، بهرت من روعة جمالها ، كانها كوكب دري ، كانها قمر سرمدي متلحف بحياء الانوثة جاءت من وراء الشمس , ترقص ، لا, تتمايس ، تختال, لا, تتبختر في رشاقة راقصة بالي روسي ،جاءت ومن ورائها خيوط الشمس،تمشي على ماء البحر ، نظرت في وجهي ، حملقت في حدقتي عينيّ ، أأستلقي ،أأسقط مغشيا عليّ ، لا لا أقاوم، أمد يدي الى قنينتي وارش وجهي بماء الزهر ، أهي هي ؟, أهذا ملاكي الذي غادرني منذ دهر ؟، أهي عروس البحر التي نسجها خيالي منذ زمان ؟، يا الاهي ما دهاني ، ترتعش فرائصي ،أين ذهب جسمي ؟ اين مشاعري ؟ الي أية وجهة ارتحلت أحاسيسي ؟ ومدت لي يدها الناعمة ومددت لها يدي المرتجفة وتصافحنا ، ومدت يدها اليسرى ومسحت بلطف عرقي ، وهمست في تغنج : - كانك لم تغب عن ناظري يا سيدي ، يا نبض قلبي اليافع ، يا فرقدي ,, - لماذا سافرت ولم تتركي عنوانك ؟ لماذا هاجرت قلبي الولهان حين تعلق بك ؟ - لم اغادر كيانك ولو برهة .. كنت دوما معي ،كنت دوما نبض قلبي ، وشعاع بصري ، وروح روحي يا بؤبؤ مهجتي ,, e-mail :aminos-boufares@topnet .tn