رغم أنّي لست ممّن يحبّذون الاستمتاع بعذابات الآخرين حتّى و لو كانت هذه العذابات ضدّ الحيوانات و لكن كلّما شاهدت صدفة ملعب مصارعة الثيران الاسبانية و طريقة التنكيل بتلك الثيران إلاّ و يصيبني أوّلا الغثيان من تلك المعاملة اللاّ أخلاقية لهذه الثيران و أيضا يظلّ يلحّ عليّ سؤال خطير، كما يردّدها دوما المنشط عبد الرزّاق الشابي، و مفاده أين منظمات الرفق بالحيوان فيما يحصل على حلبة مصارعة الثيران الاسبانية؟ ولكن قبل ذلك لابدّ من القول وأنّ مصارعة الثيران يعود إلى عام 2000 قبل الميلاد حيث كانت هذه " الرياضة" من المباريات الشعبية في روما القديمة و لكنها لم تتطور إلاّ في شبه الجزيرة الإيبيرية، فالعرب الذي جاؤوا إلى الاندلس في القرن الثامن أدخلوا على رياضة مصارعة الثيرانبعض التحسينات فحولوها من صراع دموي وحشي إلى مناسبة طقسية ترتبط بأيام المهرجانات و المناسبات العامة التّي يواجه الفرسان فيها الثيران و يقتلونها ويقول الكاتب الأمريكي " ارنست همنغواي " في أحد مؤلفاته " إن مصارعة الثيران هي الفن الوحيد الذي يتعرض فيه الفنان لخطر الموت و يتوقف شرفه فيه على درجة الدقة و التوازن في الأداء و المصارعة و في نظره مصارعة الثيران ليست رياضة و لكن خبرة جمالية و عرض أشبه بطقوس المأساة و الموت " إلاّ أن كثيرا من الاسبان من يعتبرون و أنّ مصارعة الثيران جزءا لا يتجزّأ من الثقافة الوطنية لبلادهم و هي في نظرهم عرض للبراعة و الشجاعة من جانب كلّ المشاركين بما في ذلك الثور. و لكن أيضا إذا كان الهدف من أي رياضة هو الفوز فإن في مجال مصارعة الثيران الاسبانية ليس هناك تسجيل نقاط بل تكمن المتعة في ترقب الفوز المتوقع للحيلة البشرية على القوة الحيوانية الطاغية. هذا و تشير بعض المراجع إلى أنّ الثور يهاجم كل شيء يتحرك أمامه بالغريزة الطبيعية و نتيجة للتربية و الترويض الخاص و الثور المخصص للمصارعة يختلف عن غيرة من الثيران فهو لا يخضع للتجويع أو التعذيب لجعله أكثر شراسة و عدوانية كما يبلغ الثور المخصص للمصارعة أربع سنوات من العمر . و بالعودة إلى السؤال الذي طرحناه منذ البداية حول منظمات الرفق بالحيوان و رحلة العذاب و التنكيل فالموت التي يتعرض لها الثور على الحلبة نقول و أنّ التحرك في هذا الاتجاه بدأ منذ عهد الملك فيليب الثاني في القرن السادس عشر أصدر بابا الفاتيكان وقتها حظراعلى مصارعة الثيران معتبرا أيّاها رياضة دموية عير متكافئة و لكن الاسبان تجاهلوا ذلك وواصلوا إقامة مباريات المصارعة ممّا اضطر البابا إلى الغاء المرسوم بمنع المصارعة خشية التسبب في وقوع مشكلات كبيرة باعتبار و أنّ مصارعة الثيران تجري في دم الشعب الاسباني.. و يبدو و أن مصارعة الثيران تثير جدلا واسعا لدى جمعيات الرفق بالحيوان و هي تواجه خارج اسبانيا خصوصا و بداخلها بشكل متزايد انتقادا شديدا فتوصف بأنها رياضة دموية مثيرة للغثيان و تقوم جمعيات الدفاع عن حقوق الحيوان بحملات ضدّها لما تسببه من موت بطيء و مؤلم للحيوان حيث تفيد تقارير هذه الجمعيات بأن الثور يتعرض للمعاناة حتى قبل ظهوره في الحلبة حيث يتم رشه في عينية بمادة " الفازلين " لإضعاف قدرته على الابصار و يبدو أيضا و أن جمعيات الرفق بالحيوان جادة كثيرا في محاربة هذا النوع من المصارعة التي لا تراعي أبسط حقوق الحيوان و أيضا الانسان الذي كثيرا هو أيضا ما يذهب ضحية هذه الثيران و تعمل على زوالها نهائيا من العالم؟ فهل تنجح هذه الجمعيات في تحقيق ذلك؟؟؟ فقط نشير ة أنّ البشر اليوم أصبح يعاني أكثير ما تعانيه الثيران من موت و دمار و تهجير قسري نتيجة ظاهرة الارهاب المنتشرة عالميا تقريبا فهل تصحو ضمائر هؤلاء المجرمين؟؟؟