وقف إمدادات النفط عبر مضيق باب المندب سيؤثر على اقتصاديات عدة دول خاصة الغير منتجة منها، ويسود الاعتقاد حاليا أن إيران جادة في حمل الحوثيين على القيام بهذا الدور الذي سيجلب لهم عواقب وخيمة حيث سيدعم موقف دول التحالف العربي بوجوب حشد الدعم الدولي للإسراع بتحرير ميناء الحديدة اليمني الذي يعتبر منفذا حيويا "تتسل" منه الأسلحة و المستشارون الإيرانيون إلى الحوثيين المتعلقين بتلابيب الحكم الذي أهداه إياهم المرحوم علي عبد الله صالح على طبق من ذهب نكالة في خلفه الذي كان يستعد لتسلم السلطة، ولم يكن يتوقع ما كان يخفيه له أعداء الأمس حيث انفردوا به و أعدموه و كان بخلدهم أنهم أتموا سيطرتهم التامة على اليمن اعتمادا على حليفهم إيران التي هدفها بسط ايدولوجيتها و منهجها الشيعي هناك. في واقع الأمر أن الإيرانيين يريدون بسط نفوذهم على المنافذ البحرية الهامة وهدفهم هو الحد من تنامي القوتان الإقليميتان في المنطقة: السعودية والإمارات اللتان تشهدان نموا اقتصاديا هائلا بالرغم من مساهمتهما الفاعلة في الحرب اليمنية لإعادة الشرعية و لتخليصها من المد الشيعي الذي تريد إيران تجذيره في الطبقات الشعبية هناك. إذن اختلطت الأوراق و الهدف واحد ألا و هو إضعاف الموقف العربي لدول منطقة الخليج و من المتوقع أن تشكل السعودية و الإمارات و جيرانها نواة لمحور إقليمي قوي لا يستطيع غيره الوقوف في وجه التعنت الإيراني و الإسرائيلي و إفشال المحاولات لبسط نفوذهما و سيطرتهما على المنطقة و بالتالي دعم الحثويين في حربهم للاستحواذ التام على مفاصل االسلطة في اليمن فالمليشيات الحوثية أصبحت خطرا على الملاحة البحرية و التجارة العالمية في البحر الأحمر و ذلك بالتعطيل المتعمد للسفن المارة من هناك. يجب تفعيل العمل الديبلوماسي خاصة و السعودية لها الريادة في ذلك للنشاط المتزايد لوزير خارجيتها و تنقلاته المكوكية لحشد الدعم الدولي للتصدي لهذا الخطر الداهم الذي لن يستثني أحدا خاصة الأنظمة الباحثة عن تطوير اقتصادها وانتعاشته للحد من المطلبية الشعبية المتزايدة والتي تضررت من الانعكاسات الاقتصادية العالمية، ولعل التوتر في العلاقات بين قطر و جارتها سببه تداعيات المد الإيراني و محاولات شق صف دول الخليج وزرع الفتنة بينها لإضعاف نواة المحور الإقليمي الجديد ثم إن تخوفها من هذا المحور سببه تنوع مصادر الاقتصاد لدول الخليج وعدم الاعتماد على النفط كمورد وحيد... وكذلك تفتحها على المجتمعات الغربية المتطورة وهذه الأزمة تزامنت مع انطلاق موسم الحج من ناحية و استعداد السعودية لدخولها المائوية الثانية لتأسيسها كل هذه العوامل ساهمت إلى حد بعيد في تغذية رغبة العداء لدى إيران لدول منطقة الخليج العربي وعملها الجاد لزعزعة الاستقرار بها، وربما جرّها إلى حرب إقليمية أو بعث بؤر توتر جديدة تنشط من خلالها الخلايا الإرهابية التي تعتبر اذرع عنف و قلاقل... فهل ستتحرك بعض القوى الدولية لإعادة التهدئة إلى المنطقة و الضغط على إيران و إقناعها بأنها لن تجني من طموحها إلا الوبال لنظامها و لشعبها ولمن والها خاصة بعد ما قررت واشنطن في شانها حزمة من العقوبات الاقتصادية التي سترى نتائجها السلبية إن عاجلا أو آجلا.