معذرة إن نعتكم بالفاشلين سيداتي وسادتي الحاكمين منذ انتخابات 2014، ولكنه للأسف واقعنا المرير الذي لم تعد تنفع معه لا مساحيق ولا عمليات تجميل. لن اتحدث عن نسب النمو أو التداين او العجز التجاري أو التضخم او احتياطي العملة الصعبة أو قيمة العملة أو نِسب البطالة او نسق الاستثمار وغيرها من المؤشرات الاقتصادية التي أطنب في الحديث عنها السياسيون والخبراء و المختصون، وأجمعوا على إطلاق صيحة فزع منذ اشهر إن لم أقل سنين! ولكني كمخالط للناس في الحي والمقهى والسوق والساحات العامة ...اكاد اجزم ان اوضاع البلاد لا تُبشّر بخير وشيك، فالقدرة الشرائية قد اهترأت لدرجة ان الورقة «بو عشرين» وكأنها ألفين بحكم التهاب الأسعار والفوضى ضاربة اطنابها في مسالك التوزيع والطرقات و الارصفة والانهج بلا حسيب ولا رقيب، أما «البراكاجات» والخطفة و النشلة فحدث و لا حرج لدرجة ان كثيرا من النساء لم يعدن يحملن حقيبتهن على الاكتاف، وبالنسبة ليأس الشباب العاطل و المهمش و مدى ثقته في المستقبل فتُجيبك قوارب الموت و«الحرقة» إن كانت شمالا او جنوبا بكل يقين، وليس المستثمرين بافضل حال من الموظفين فهم يعانون الامرين عند عزمهم إنشاء مؤسسة ما، ثم يصطدمون بقوانين و اجراءات متشعبة تكبل حتى اسرع العدائين، علاوة على اكتساح الموازي لمساحات متعاظمة من الاسواق و الميادين، أضف لهذا كله انقطاع الماء ونقص الدواء و ما يمكن ان تسببه ساعة واحدة من غيث السماء من كوارث تفضح بنية تحتية تعاني من الإهتراء و الفساد ...الفساد هذا الغول الذي لم يترك مجالا و لا ميدانا الا اقتحمه عنوة و بلا استئذان ... أنه في الخلاصة، واقع يومي مرير منذ يخرج المواطن للشارع الى أن يعود الى منزله منهك القوى، فيصطدم بمن هو أشدّ منه انهاكا بدنيا و معنويا و عصبيا، ليتواصل مسلسل المعاناة الذي يؤثر حتما على القدرة على النوم العميق وقابلية استرجاع الانفاس ليبدء يوم جديد وبمردود اضعف فاضعف تزيده وسائل المواصلات و ازدحام المرور وهنا على وهن ... لم تتغير أوضاع البلاد و لم نسجل بكل موضوعية اي تحسن في الاداء، رغم الكم الهائل من الحوارات و الاجتماعات و المشاورات ...,و حتى من دعانا الى حمد الله بما اننا نجد الماء عند فتح الحنفية، فعليه بمراجعة نفسه و سحب تصريحه الذي كذّبه اخيرا واقع عديد المناطق من الجمهورية، ولا اعتقد شخصيا بان نفس المنظومة والاحزاب التي تسببت في أزمتنا الخانقة لقادرة على ايجاد الدواء، ثم ان بلادنا لا يمكن أن تتحمل لغاية 2019 في ظل انسداد و خصام بين من يدعم بقاء الحومة الحالية بشرط عدم ترشح اعضائها للانتخابات القادمة، وهو ما يرفضه تقريبا رئيس الحكومة بما ان السكوت في هاته الحالة هو علامة الرفض وبين من ينادي بإسقاطها في أقرب حين ... يبقى في رأيي، أفضل خيار يجنبنا تكرار الفشل مع ما يمكن ان ينجر عن الاخير من مخاطر هو المبادرة بارجاع الامانة لصاحبها عبر الدعوة لانتخابات رئاسية و تشريعية سابقة لاوانها، يتحمل فيها الشعب مسؤوليته كاملة في اعادة انتاج نفس التركيبة، وبالتالي تجديد شرعيتها ومشروعيتها المهترئتان او تغييرها أو عزوفه عن التصويت و لا يلومن عندها الا نفسه لما يمكن ان تؤول اليه الاوضاع. أما عن العرض السياسي الذي كما نقول بلهجتنا التونسية يملى العين، فاني متفائل عند موعد الانتخابات القادمة, بانخراط و مشاركة عديد الشرفاء و المخلصين و الوطنيين ونزولهم اخيرا من الربوة استجابة للواجب الوطني المستعجل و الاكيد. (*) ناشط سياسي مستقل