أستغرب لموقف بعض الاصدقاء هذه الايام.. لقد كانوا زمن حكم الرئيس المخلوع بن علي دائما ينتقدون سياساته وما تقترفه عائلته الموسعة من سطو على مقدّرات الشعب.. فكانوا يتحدّثون في جلساتنا وحواراتنا سرّا عن اليوم الذي يخلص فيه الناس من بأسهم وسطوتهم.. ويوم حصل التغيير باندلاع الثورة الشعبية كانوا أول المهلّلين والمرحّبين رغم كونهم لهم يشاركوا في المسيرات لا من قريب ولا من بعيد.. ولم تمض سوى أيام قليلة على الثورة حتى عادوا الى الحديث عن السلبيات وعن السلب والنهب والفوضى.. بل ذهبوا الى القول أننا لا نستحق الحرية!! وأن «العرب ما يجيو كان بالزلاّط»!! أي بالعصا!! وكأن لسان حالهم يقول مع الدكتاتور أفضل!!.. ولست أدري عن أية فوضى يتحدّثون؟! لسنا شعبا فوضويا.. والدليل أن المفترقات التي كانوا يتواجد بها اعوان المرور ظلت منظمة في غيابهم ورأيت الناس يحترمون الاضواء.. فلم تحصل فوضى.. نعم لسنا شعبا فوضويا.. صحيح أن البعض استغل ظروف الثورة للقيام بأعمال سلب ونهب ولكن ما حصل يحصل خلال كل الثورات وبعدها.. بل إن ما حصل في بلادنا لا يعني شيئا ويظل نوعا من الشذوذ الذي يحفظ ولا يقاس عليه.. اننا في العموم شعب متحضر ندرك معنى الحرية وحتى ما رأيناه من فوضى الباعة المتجولين بالعاصمة وغيرها من المدن لا يعدو أن يكون ردّة فعل طبيعية من شباب عاطل كان محروما من أبسط مقوّمات الحياة.. كما أن الاندفاع المكثف للمطالبة بالحقوق يأتي نتيجة الكبت والحرمان على مدى أكثر من عقدين!!