لا شك ولا خلاف ولا مراء ان الفرق بين الرؤساء المثقفين والعباقرة والأذكياء وبين الرؤساء العاديين وغير المتمتعين بما يكفي وبما يفيد من نسبة الثقافة ومن نسبة الفطنة ومن نسبة الذكاء هو مدى متابعتهم ومدى عمق وجدية تعليقهم على الأحداث المعاصرة الحالية وعلى الاحداث السالفة الماضية التاريخية ومدى استغلال هذه التعاليق في افادة شعبهم ومن ورائهم بقية الشعوب العالمية وخاصة جيرانهم واخوانهم في التاريخ وفي العقيدة الدينية. ولقد لفت انتباهي في هذا المجال ذلك التعليق او ما يسمى بلغة هذا العصر تلك التغريدة الرائعة الجميلة الجديدة المفيدة التي غردها الرئيس المسلم اردوغان بمناسبة حلول يوم عاشوراء ومجزرة كربلاء، ففي الوقت الذي مر فيه غيره من الرؤساء العرب والمسلمون على هذا اليوم التاريخي العظيم دون تعليق او تغريد او ترنيم علق وغرد وترنم اردوغان المشهور بعمق الثقافة وبسلامة وبصفاء العقيدة وبرفعة وبروائع الاراء والأفكار فاشار الى انه رغم مرور1379 عاما بالتمام والكمال على حادثة كربلاء ويوم عاشوراء الذي وقعت فيه تلك المذبحة الماساوية النكراء والتي ملات وشغلت العالم الاسلامي بالعويل والصياح والندب والبكاء الا انها لا تزال الى اليوم تدمي القلوب كما زاد فدعا وابتهل وارتجى من الله ان يحمي وان يحفظ قلوب المسلمين من ان تصبح كصحراء كربلاء وان يقود العالم الاسلامي وهو ذو القدرة والقوة الى الوحدة والتعاضد والأخوة...اليس هذا هو الأمر المرتجى والأمرالمطلوب في احياء كل الذكريات التي تدمي والتي تفرح القلوب؟ او ليس من الغفلة ومن قصر النظر الواضح المبين ومن ضعف العقيدة المشين ان تمر ذكرى عاشوراء وذكرى مجزرة كربلاء على كل رؤساء وعلماء المسلمين وهم عن استخلاص العبر والدروس منها غير عابئين ولا حريصين لا مهتمين؟ والسنا في حاجة الى نسال فنقول وما جدوى دراسة احداث التاريخ الكبرى كحادثة كربلاء ان لم نستخلص منها الدروس والعبر فيما ينفع المسلمين اليوم وهم يعانون ويقاسون كل انواع وكل اصناف الشقاء وكل الوان العذاب والبلاء؟ اما عن غفلة التونسيين في هذا المجال فحدث ولا حرج بكل لسان وسجل في كل مقال فانهم لم يعرفوا من يوم عاشوراء منذ تاريخهم القديم الا عادة الصيام عن الطعام وزيارة القبور وكثرة الكلام الذي لا يفيد ولا ياتي بالجديد بل ان اغلبهم يجهلون ذلك الحديث المشهور (رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش) وكم نحن جياع وكم نحن عطشى حقا وفعلا في مجال فهم دروس التاريخ واستخلاص العبر وكم نحن محتاجون ان نتعلم من تغريدة اردوغان ما يجب ان يعلمه ويفهمه كل المسلمين اذا مرت بهم ذكرى عاشوراء وذكرى حادثة كربلاء وغيرها من كبار الاحداث الاخر اليس بمثل هذا الفهم وبمثل هذه الدروس تبنى العقول وتتوطد اركان البلدان وتفنى الأحقاد وتزول الحروب في كل زمان وفي كل مكان؟ اولا يكفينا ما قاله تعالى في كتابه المكنون منذ عهود وعصور وقرون (فاقصص القصص لعلهم يتفكرون)؟