في ندوة عقدت قبل أيام في المغرب، عرّج البعض في مداخلاتهم على ما عرف ب"الربيع العربي"، وقام بإدانته بعنف، ووصفه بأوصاف بشعة أصبحت متداولة في عديد الأوساط العربية. وهو حكم متسرع، وفيه قدر واسع من الظلم؛ لأن الصراعات التي انفجرت، والنزاعات المسلحة التي نشأت في أكثر من بلد، ومحاولات اختطاف العديد من الثورات من قبل جماعات العنف السلفي أو أطراف خارجية، لا يمكن أن يكون المسؤول عنها أولئك الذين طالبوا بالحريات وتأمين حقوقهم المسلوبة، وإنما هناك أكثر من طرف من قرر، وفق أجندات متباينة، بهدف إجهاض المسار الذي أطلقته الثورة التونسية ومن أجل فرملة التحولات التي كان من المتوقع حصولها. لا يعني ذلك تبرير الأخطاء التي وقعت فيها الكثير من هذه التجارب، بما في ذلك التجربة التونسية، وإنما يُخشى أن يؤدي الهجوم على هذه الثورات أو الانتفاضات إلى أن يتم استغلال ذلك من قبل قوى محلية أو خارجية من أجل إعادة المنطقة إلى مرحلة الاستبداد بكل بشاعتها، خاصة وأن الحركات الاحتجاجية في المنطقة العربية لم تتوقف نهائيا، وبعضها يمكن أن ينفجر في كل وقت وفي أي بلد. وما يحدث في السودان دليل على ذلك، فالثورات قد تنفجر دون تخطيط مسبق