حسنا فعل عندما حافظ السيد الباجي قائد السبسي على أهم أعضاء الحكومة وثبتهم في مواقفهم.. وهذا دليل آخر على حكمة واتزان ورصانة وذكاء الوزير الأول الجديد وهي صفات أساسية يجب أن تتوفر في المسؤول السياسي أما عندما لا تتوفر فيه فيا خيبة المسعى وعلى السياسة والبلاد السلام.. إن إعلان التركيبة الحكومية التي يترأسها السيد الباجي قائد السبسي عنصر إضافي يلعب لفائدة الاستقرار الذي ننشده جمعيا كي تستأنف البلاد حالتها النفسية السليمة.. وتسترجع قدراتها العامة والكاملة على العمل والانتاج.. وتعود عجلة الاقتصاد والتنمية الى الدوران بصورة طبيعية وبما يحمي البلاد والعباد.. ونرجو أن نرى الآن كل وزير من وزراء حكومة تصريف الأعمال يعمل.. ويجتهد.. وينكب على دراسة ملفاته ومعالجة الأوضاع التي تعود إليه بالنظر بحماس واجتهاد وبالصدق في القول والإخلاص في العمل.. وحبذا لو أن كل وزير من الوزراء ينسى تماما أنه سيترك وزارته بعد بضعة شهور ويعمل وكأنه وزير دائم.. وكأنه سوف لا يغادر موقعه إلا بعد بضعة سنوات.. على السادة الوزراء أن لا يكترثوا بمبدأ الوزارة المؤقتة.. والوزير المؤقت.. وأن ينسوا أنهم ما جاؤوا إلا لتعمير فراغ معيّن.. إن ما نتمناه هو أن لا يتصرف كل وزير من وزراء الحكومة المؤقتة بعقلية «عابر السبيل».. الذي سيترك الوزارة بعد حين.. نتمنى عليهم أن يتقوا الله في تونس.. وأن يمارسوا أعمالهم بعقلية الجنود في معركة.. وفي معركة فاصلة وشرسة يتوقف عليها مصير الوطن فالهزيمة فيها كارثة والنصر فيها بداية تاريخ جديد.. وولادة وطن.. وتفوّق شعب.. حبذا لو يعمل كلّ وزير من هؤلاء الوزراء بمبدإ «إعمل لوزارتك وكأنك ستبقى وزيرا أبدا».. فنحن نحتاج في هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة الى وزير يشتغل عشر ساعات على الأقل في اليوم.. ويعالج أكثر ما يمكن من الملفات في أسرع ما يمكن من الوقت.. ويجتهد ويكافح ويضحي ويناضل وكأنه في ساحة معركة شعارها: «إمّا حياة وإما موت».. إن على وزرائنا أن يشتغلوا بعقلية انتصارية وقتالية ونضالية فتونس تحتاج اليوم وأكثر من أي وقت مضى الى وزراء أكفاء ينسون أنفسهم.. ويضحون.. ويفعلون المستحيل.. لحماية ثورة تونس.. وبالتالي لحماية الوطن والشعب.. ويخطئ من يظن أن الأخطار لا تتربص بنا وأن السفينة في مأمن من الزوابع والعواصف والأنواء والغارات.. لقد انتصرت الثورة ما في ذلك شكّ.. وهذا الانتصار تكاليفه كانت غالية.. ولكن علينا أن نتذكر أن تكاليف المحافظة على النصر أغلى وأقسى وأكثر بكثير.. إن التحديات التي تواجه حكومة السيد الباجي قائد السبسي كثيرة وخطيرة.. بل هي ليست تحديات عادية وهي من قبيل المطبّات والفخاخ والمفاجآت غير المتوقعة ولكن عندما تصحّ العزيمة وتصدق النية ويكون الوطن في الميزان فإن الجبال تنهار و«على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. وتأتي على قدر الكرام المكارم».. هكذا قالها المتنبي العظيم الذي وكأني أراه اليوم يخاطب حكومة قائد السبسي بهذا القول ويذكّرها بأن العزم هو مفتاح النجاح..