عملية بيضاء تونسية جزائرية لتعزيز حماية الثروة الفلاحية والغابية في ساقية سيدي يوسف    رغم تجاوز التكلفة 20 ألف دينار... أكثر من 226 ألف تونسي يترشحون للحج!    قلعة سنان: قتيلان و3 جرحى في حادث مرور    ''السوشيال ميديا خطيرة''...نوال غشام تحذّر من انهيار الذوق الفني!    سيدي بوزيد: محاضرة بعنوان "ولاية سيدي بوزيد من خلال النتائج الأولية لتعداد سنة 2024"    ماهر الكنزاري: سنسعى جاهدين الى ضم الكاس للبطولة واحراز ثنائي الموسم    تعيين المباراة الفاصلة لتحديد بطل الرابطة الثانية يوم الاربعاء المقبل بالملعب الاولمبي بسوسة    "كوناكت": بعثة أعمال تضم 20 مؤسسة تشارك في بعثة الى النمسا وفنلندا والدنمارك    استقرار الدينار.. كيف يؤثر على ''جيبك'' ونفقاتك اليومية؟    الليلة في ميونيخ: باريس وإنتر في معركة المجد الأوروبي المنتظر    بالفيديو: تعرف على كيفية إحياء التكبيرات أيام الحج وفضلها    حسين الرحيلي: تونس تسجل عجزا طاقيا ناهز 10،8 مليار دينار سنة 2024    وزير الخارجية الألماني: قد نغير ممارساتنا السياسية تجاه "إسرائيل"    كيف تحمي نفسك من جلطات الصيف بخطوة بسيطة؟    حريق يأتي على 4.5 هكتارات من المحاصيل الزراعية في بئرمشارقة    جندوبة: استعدادات للموسم السياحي بطبرقة    90% من مستشفيات السودان خارج الخدمة وسط تفشي الكوليرا    عاجل/ فيضانات نيجيريا: حصيلة القتلى تتجاوز ال150 قتيلا    عاجل/ بيان تونسي مصري جزائري مُشترك حول الأوضاع في ليبيا    قابس: انتهاء الاستعدادات لامتحان الباكالوريا    العائلة التونسية تنفق شهريا بين 130 و 140 دينار لاقتناء مياه الشرب المعلبة    مختص في الحماية الاجتماعية: قانون الشغل الجديد يقلب المعادلة في تونس    العائلة التونسية تنفق شهريًا بين 130 و140 دينار لاقتناء مياه الشرب المعلبة    الثلاثاء.. انطلاق بيع لحم الخروف الروماني بهذه الأسعار وفي هذه النقاط    شاحنة الموت في الكاف تفتك بحياة ثالثة...    بطولة رولان غاروس للتنس: الاسباني ألكاراز يتقدم للدور الرابع    د. كشباطي: المشي والسباحة مفيدان لمصابي هشاشة العظام    تايلور سويفت تستعيد حقوق جميع أعمالها الفنية    حجيج 2025: أكثر من 1700 حالة حرجة نُقلت للعناية المركزة...ماذا يحدث؟    مُنتشرة بين الشباب: الصحة العالمية تدعو الحكومات الى حظر هذه المنتجات.. #خبر_عاجل    جندوبة: يوم 2 جوان القادم موعدا لانطلاق موسم الحصاد    وفاة الممثلة الأمريكية لوريتا سويت عن 87 عاماً    ماسك عن كدمة عينه: إكس فعلها.. لم أكن بالقرب من فرنسا    عيد الأضحى يقترب... ستة أيام فقط تفصلنا عن فرحة عظيمة!    بلاغ توضيحي من وزارة الشباب والرياضة    علي معلول يعلن انتهاء مشواره مع الاهلي المصري    بطولة ليتل روك الامريكية للتنس : عزيز دوقاز يصعد الى نصف نهائي مسابقة الزوجي    اليوم: درجات حرارة معتدلة إلى مرتفعة    عاصفة قوية وغير مسبوقة تضرب الاسكندرية.. #خبر_عاجل    تنطلق الاثنين: رزنامة إمتحانات البكالوريا بدورتيها وموعد النتائج.. #خبر_عاجل    الموافقة على لقاح جديد ضد "كورونا" يستهدف هذه الفئات.. #خبر_عاجل    صادم/ معدّل التدخين المبكّر في تونس يبلغ 7 سنوات!!    وزارة الفلاحة تُعلن عن إجراءات جديدة لدعم تمويل ربط الأعلاف الخشنة وتكوين مخزونات ذاتية لمربي الماشية    تونس تستعد للاحتفال باليوم الوطني في إكسبو أوساكا 2025    عمادة المهندسين تُندّد بإيقاف عدد من منخرطيها قبل صدور نتائج الاختبارات الفنية    كأس تونس لكرة اليد .. نهائي الفرجة بين الترجي والساقية    انطلاق فعاليات الدورة الرابعة لمختبر السينماء بمركز التخييم والتربصات بدوز    دعاء الجمعة الأولى من ذي الحجة    أكثر من 64 ألف تلميذ يترشحون لمناظرة "السيزيام" لسنة 2025    عاجل : ريال مدريد يتعاقد مع نجم جديد    أسماء أولاد وبنات عذبة بمعاني السعادة والفرح: دليلك لاختيار اسم يُشع بهجة لحياة طفلك    مهرجان دقة الدولي يعلن عن تنظيم الدورة 49 من 28 جوان إلى 8 جويلية    رحيل مفاجئ للفنانة المعتزلة سارة الغامدي    الجامعة التونسية لكرة القدم: 18 جويلية جلسة عامة عادية واخرى لانتخاب اللجان المستقلة    السوشيال ميديا والحياة الحقيقية: كيف تفرّق بينهما؟    جوان رولينغ توافق على الممثلين الرئيسيين لمسلسل "هاري بوتر" الجديد    ملف الأسبوع ...العشر الأوائل من شهر ذي الحجة .. اغتنموا هذه الأَيَّامَ المباركة    منبر الجمعة ..لبيك اللهم لبيك (3) خلاصة أعمال الحج والعمرة    









عيسى البكوش يكتب لكم : ثمانينية حمّادي الصيد رائد الحوار مع الآخر
نشر في الصريح يوم 26 - 01 - 2019

في مثل هذا اليوم من سنة 1939 ولد حمادي الصيد بتونس، هذا الرجل كان بالنسبة لجيلي بمثابة ظاهرة صوتية ليس في المعنى المتداول اليوم بل في المعنى النبيل للعبارة فلقد اختار منذ عودته من الولايات المتحدة حيث زاول تعليمه العالي أن يصول ويجول في أروقة ذلك المربع الناصع في شارع الحرية عدد 71 مبنى الإذاعة التونسية فكانت البرامج ذات الطابع الهادف أي التي يمتزج فيها الجد بالهزل من نوع المسابقات والحصص التنويرية مثل في "مهب الموسيقى" وسلوى البعيد" التي يكشف خلالها سي حمادي أهواء ضيوفه من قادة الرأي والأدب والفن في بلادنا وميولاتهم في شتى الأغراض، ثم تدرّج الصيد في تلك الدار إلى أن أصبح مستشارا لدى إدارتها العامة من سنة 1968 إلى سنة 1971 إلى أن انتقل من الظاهرة الصوتية إلى ظاهرة ضوئية بفعل ترأسّه للشركة التونسية للإنتاج السينمائي ولم يكن غريبا عنها من قبلُ إذ أنه كان هو الصوت الملازم للصورة في كل الأشرطة الإعلامية أو ما يطلق عليه بلغة الإفرنج Actualités Tunisiennes وقد كان أعد لنفس الشركة عدة أفلام قصيرة من بينها عمار فرحات سنة 1963 والمعركة الكبرى في نفس السنة وثلاث مدن تونسية سنة 1966 وعدّة أعمال أخرى تحت أسماء مستعارة كمحمد لطفي ومحمد الهادي ومحمد ياسين، كما أنه يُحسب لحمادي الصيد تأسيس خزينة السينما Cinémathèque وترأسّه لأيام قرطاج السينمائية عام 1978.
يقول عنه الناقد الصديق عبد الكريم قابوس:"هو مستهلك للصور حتى أعمق ما في النظرات وهو قادر على أن يعيد إلى مخيلتنا موسيقى لاعبي الشطرنج للهندي رأي أو مشهد قنال سان مرتان في شريط فندق الشمال أو أن يحيي لوحة من شريط يوسف شاهين" كان يجيد التخاطب بلغة الجاحظ ولغة موليار ولغة شكسبير.
كان يردد "وخاطب الناس بما يفهمون"
الصوت الحسن والعدسة البراقة ثم القلم. لقد شغف الصيد بالكتابة والنشر فلقد شارك سنة 1963 إلى جانب الراحل محمد بن إسماعيل في بعث مؤسسة CERES ثم أسّس من بعد ذلك وقبل ارتحاله بقليل مجلة Confluences في فرنسا عام 1991 إذ صدر العدد الأوّل أياما قبل وفاته.
صدر له في حياته كتاب " حقيقتان وجها لوجه" Deux vérités en face وهو عبارة عن تسجيل حواراته مع Théo Klein
ثم صدر بعد التحاقه بالرفيق الأعلى كتابان Chronique du monde arabe ،L'Harmatan عام 1991 بباريس و Questions aux arabes et aux autres عن دار بن عبد الله عام 1992 وهذا الكتاب يحتوي على تصدير للوزير الفرنسي السابق Michel Jobert (1921-2002) جاء فيه بالخصوص :"لقد ارتحل صديقنا عندما كنا في أشدّ الحاجة إليه ولعلنا نلومه على هذا الفعل طالما أنّ مكانه أصبح شاغرا فالفكر معطّل والتعبير صامت. كم كنّا نود إيقاظه وإعادته إلى الحياة لكي يزعزع لفائدتنا حصن احتجاجاتنا ضد الظلم".
ونستشفّ من هذه الكلمات التي تفطر حبّا وأسى في آنّ مدى الفراغ الذي تركه حمادي الصيد رجل الدفاع عن قضايا الحق، قضايا الإنسانية أينما وجدت وهو في نفس الوقت رجل الحوار بين الفرقاء في مجالات الدين والثقافة والسياسة.
والسياسة بالأساس فصاحبنا اكتوى هو أيضا بنارها مند أن أصطفاه الأستاذ الشاذلي القليبي الأمين العام لجامعة الدول العربية لتمثيله في بيروت أيّام الحرب الأهلية ذلك الأتون الذي لم يخمد إلا بعد ضناء وعناء، ولقد نجح الصيد بشهادة الشاعر الكوني أدونيس الذي كان يراقب الأحداث في بلاد الشام : "إنّ الحوار بالنسبة لحمادي الصيد ليس مجرد تقارب بين الفرقاء بل هو بالأساس سبيل نحو التحالف".
كتب الصيد في افتتاحية العدد الأول من Confluences تحت عنوان " تجاوز مظاهر سوء التفاهم " : إنّ تبادل الآراء والتفكير المشترك إنّما هما من بين الوسائل المتحضرة والناجعة إلى حل الأزمات والصراعات" لقد غادر الصيد لبنان متوجها بمثل خطته نحو بلدان أمريكا اللاتينية ثم في سنة 1983 التحق بمنظمة اليونسكو في باريس أولا كملاحظ قار للجامعة العربية، ثم سنة 1986 كسفير لديها ثم واصل ببناية الدائرة السابعة بباريس ولكن كسفير هذه المرّة للجمهورية التونسية وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته يوم 27 نوفمبر 1991.
لقد غادرنا سي حمّادي ولكن طيفه ظل ملتصقا بأستوديوهات الإذاعة حين كان يستقبلنا بطلعته البهية ونحن تلامذة بالمدرسة الصادقية للمشاركة في إحدى حصصه كما أنّ روحه سوف ترفرف في كل الأماكن التي برع فيها بالصوت والصورة في كل المناظرات التلفزية.
ولسوف يبقى حيّا من خلال الساعة الناطقة :"عند الإشارة تكون الساعة ".
لحمادي الصيد رجل فذّ وعلامة فارقة في مجال الاتصال يقول " Jobert " من ذا الذي سوف يحمل بعد هذا الرجل مشعل الذود عن قضية العرب ؟ ".
من؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.