جرت العادة في عهد بورڤيبة وفي عهد الطاغية المخلوع أن يُقبر كل مشروع اذا وضع في نعش لجنة، أو أن يقال للمواطنين والمواطنات: أفيدونا بآرائكم في مشروع كذا ولا يؤخذ برأي المواطن ولكن الذي يعتمد هو ما قررته اللجنة خلف الابواب والآذان والصدور المغلقة. واليوم في عهد ثورة الكرامة هل لنا أن نتفاءل ونقول: إن رأي المواطن سيسمع ويجب أن يسمع ويكون له وزن؟ هل لنا أن نتفاءل ونقول: إن اللجنة السياسية وهيئة حماية الثورة وهما تعدّان قانون الانتخابات ستستمعان الى رأي المواطن الذي توصّل اليه وهو يعيش تجارب الانتخابات في الماضي؟ أرجو ذلك وتبعا لذلك أقول لمن ينكبّون على وضع قانون الانتخابات: لقد فتحت سمعي وصدري الى ما يقترحه عدد من المواطنين في قانون الانتخابات وجمعت لكم من آرائهم هذه المقترحات أفيدكم بها وأرجو أن تدرسوها بعين الوطنية الثورية والمسؤولية ولا تلقوا بها في سلة المهملات. يقترح بعض المواطنين أن تكون خارطة توزيع عدد النواب عبر الولايات على أساس المساحة الجغرافية لا على أساس الكثافة السكانية، لكن سياسة بورڤيبة وسياسة الطاغية المخلوع المقامة على كثافة السكان أثبتت أن أصوات المناطق التي تعيش على طول الساحل التونسي من الشمال الى الشرق كانت مسموعة وكانت نسبة التنمية في تلك المناطق اكبر وأكثر لأن عدد نواب الوسط والجنوب أقل وكانت التنمية في الوسط والجنوب أقل وأحيانا تكون منعدمة والحال أن المساحة الجغرافية في الوسط والجنوب أكبر وأوسع وأبعد ولا يمكن تلافي هذا الحيف والظلم الا اذا تقرر في قانون الانتخاب توزيع عدد النواب على أساس مساحة الولاية لا على أساس كثافة سكانها. (وهذا رأي يحترم ويدرس ويناقش) أليس كذلك؟ يقترح بعض المواطنين الاعلان من الآن عن مراجعة قائمات الناخبين والناخبات حتى يحافظ كل ناخب على حقه ويتثبّت من وجوده أو يثبته إن تم حذفه سهوا أو ظلما وحتى يقع اسقاط أسماء من ماتوا وكان المزوّرون في العهد البائد ينوبونهم في التصويت (هذا اقتراح يحترم ويدرس) أليس كذلك؟ يقترح بعض المواطنين أن تكون صناديق الانتخاب بلورية شفافة لا خشبية حتى يتم اغلاق باب من أبواب الغش والتزوير كانت مفتوحة في العهدين السابقين (هذا اقتراح يدرس) أليس كذلك؟ يقترح بعض المواطنين والمواطنات الاستعانة بالقضاة وعدول الاشهاد وعدول التنفيذ ليكون الفرد منهم حاضرا في مكتب الاقتراع ويتولى بنفسه التشطيب على ورقة الناخب الامّي إن كان في الانتخاب تشطيب (هذا اقتراح يحترم ويدرس) أليس كذلك؟ يقترح بعض المواطنين والمواطنات منع نيابة أي كان عن أي ناخب منعته الموانع من الحضور لمكتب الانتخاب بنفسه (وهذا اقتراح يدرس) أليس كذلك؟ يقترح بعض المواطنين والمواطنات منع الانتخاب العلني (وهذا اقتراح يدرس) أليس كذلك؟ يقترح بعض المواطنين والمواطنات منع دخول الشرطي مكتب الانتخابات الا لحاجة أمنية ضرورية (وهذا اقتراح يدرس) أليس كذلك؟ يقترح بعض المواطنين والمواطنات اعداد الخلوة في قاعة الانتخاب إعدادا كاملا يحمي الناخب من كشف سرّه ويحفظ له حقه في سلامة دوره الانتخابي من أي تجسس (وهذا اقتراح يدرس) أليس كذلك؟ يقترح بعض المواطنين والمواطنات أن يكون الترشح فرديا والحملة الانتخابية فردية والاستفادة من وسائل الاعلام على ضوء المساواة والعدل يمكن أن يكون أسماء مرشحي كل دائرة انتخابية في قائمة واحدة وللناخب أن يختار من كل قائمة أسماء ويشطب على البقية (وهذا اقتراح يدرس) أليس كذلك؟ يقترح بعض المواطنين والمواطنات أن تفتح صناديق الانتخابات في الوقت المحدد وبحضور قاض أو عدل اشهاد أو عدل تنفيذ الى جانب من يمثلون المترشحين وأعضاء مكتب الانتخابات (هذا اقتراح يدرس) أليس كذلك؟ يقترح بعض المواطنين والمواطنات أن تتولّى لجنة في كل ولاية تتألف من قاض وعدلي اشهاد أو عدلي تنفيذ تتسلّم بنفسها من كل رئيس مكتب الاقتراع التقرير النهائي وعلى ضوء ما يتوفر لديها من التقارير الواردة من كافة مكاتب الاقتراع في تلك الدائرة وعلى ضوء قانون الانتخاب تعلن هي بنفسها أمام وسائل الاعلام عن النتائج وليس للوالي ولا لوزارة الداخلية الا المراقبة والمساعدة (هذا اقتراح يدرس ويناقش) أليس كذلك؟ وبعد أن قدّمت وعرضت وطرحت ما سمعت وما جمعته من اقتراحات حول الانتخابات أبقى أسأل لأفهم: هل سيحترم القائمون على إعداد قانون الانتخابات رأي المواطن أم سيلقون به كالعادة في سلّة المهملات؟.