بلاد العجائب والغرائب، ذلك هو نعت بلادي، كل يوم يفاجئنا بما لا نتوقعه، ولا نتصوره، فهذه مئات الاحزاب تظهر على الساحة، بدون نشاط يذكر، وهذه آلاف الجمعيات تنبعث من حيث لا ندري، لكن لأمر في نفس يعقوب،كلها تجد التمويل الكافي،والمناخ الملائم، لبث نواياها، والعبث بقانون اصدارها، ولا احد يتجرأ على مراقبتها، وكثرت، منذ الثورة المباركة،الهيئات، بدون موجب،تنعم بأموال المواطن، عن طريق الجباية المفروضة،ولا احد يراقب في اي اتجاه تذهب،واين يقع صرفها،حتى ان بعض الهيئاتتجرها الوقاحة الى خرق القوانين، والانتصاب مكانها،وذلكبكل جرأة،مدعية انها محمية من الداخل والخارج، تتصرف في اموال الدولة، بدون موجب،نذكر أنها من عجائب مخلفات "التريكا"، و من مأسي الدستور الجديد، الذي حان الوقتلتلقيحه،ولاكتماله، و لإدراك نواقصه، وقد نوه بهكأحسن دستور بعث للعالم باسره، وتلك هي معجزة من شارك في الدفاع عنه، ولا احد يعرف من هو ابوه الروحي، والى اي طرف ينتمي، وتعاقبت حكام البلاد، وقبلته كالأمر المقضي،ويترقبنا المزيدمن ذلك الهذيان، و من تحريك السواعد، من الذين يعملون في الخفاء، لتطبيع آرائهم، وترويج عقائدهم،رغم أنهم خابوا،بكل المقاييس،في اداء واجبهم، لما كانوا يديرون البلاد وتدقمزامير الانتخابات من جديد، والبلاد على شفى حفرة من الافلاس،وكل يعتبر ان الديموقراطية حلت بثقلها،للسير بالبلاد الى المجهول، ولا احد ينظر الى المستقبل عن روية وتفكير، والارقام تتهاطل على رؤوس متعاطي السياسة، وهم ليسوا اهلا لها، يذكروننا بسروال عبد الرحمان وما تابعه، فلنذكر ب132000 تلميذ يجتازون امتحان البكالوريا، و650000 عاطل عن العمل، ثلثهم من التعليم العالي،و 15 في المائة من الاحزاب و 2 في المائة من الجمعيات استجابتللإعلان عن الدخل ....تلك الارقام وغيرها،هي من عجائب تونس ايضا، والخطير جدا دخول السلك الديبلوماسي على الخط،اذ أصبح يتدخل في شؤوننا علا نية،وهو في مأمن، يجد الدعم لتجاوزاته لعرفه، و لأخلاقية مهنته،لا حاجز يمنعه،يتدخل كما يشاء ويشتهي، منتصبا للدفاع عن الجمعيات، ومحاميا لحقوقها، ومنحازا اليها تماما،فماهذا التدخل السافر؟ و ما هذا السكوت الذي لا يمكن ان يكون الا تواطؤ على استقلال بلادنا و ملامح استعمار مقنع جديد،يهدد مصيرها؟وانا ككل من له شرف الحصول على وسام الاستقلال،وكلالذين مثلي ضحوا من اجل تونس، ودافعوا عن رايتها في كل المحافل الدولية،ادعوا رئيس الدولة للتدخل، وهو الضامن لاستقلال تونس، الى وضع حد لهذا التدخل السافر و انادي بان نقف كالرجل الواحد للدفاع عن مكاسبنا، وتسخير اقلامنا، كما فعلت منذ الثورة، الى الرد عن ما يتزعم الدفاع عن حقوقنا،وبلادهم احيانا تشتكي من الشعوبية المفرطة، استولى عليها اليمين المتطرف، واتخذوا بلادنا ملجأ لبث نواياهم، وللظهور بالدفاع عليها،ينتصبون نصحاء، ولسنا بحاجة الى ذلك، تفتح لهم منابر صفحاتنا بالترحيب، وتغلق علينا نحن وتلك هي من غرائب تونس أيضا، ينصحنا السفير في منبره "بضمانالأمنوحمايةالمواطنينوزوارتونس،منتهديداتالإرهابوالجريمة"،ويواصل يجب علينا"استكمالالانتقالالديمقراطي،والبناءالسياسيوالدستوري،واللامركزية"،وكذلك ايضا "المثابرةفيمكافحةالفسادوالتهريب،والاقتصادالرمادي،والمافيا،أوتضاربالمصالح،وجعلالدولةالضامنللعدالة"ويختم بنصحه"بإحياءالتراثالثقافيلتونسالتييعودتاريخهاإلىألفعام،والمفتوحةأمامالعالم،وجعلتراثهاموضعفخروطنيوكذلكلجاذبيةدولية" أمام هذه التخمينات شكرا له لكن كنا نتوقع من ممثل لدولة عظمى من اغنى الدول في العالم، ان يبين لنا مدى اعانة بلاده لتونس، وكيف يمكن تحويل دينها الى مشاريع تصب في انجاز ما يقترحه علينا، ونحن قد نادينا في كتاباتنا لذلك، لكن لم نجد الاذان الصاغية، بل حتى المنابر أغلقت لكتاباتنا و لآرائنا، لأنها مركزة ومستنبطة من تجربتنا على رأس ديوان المرحوم طاب ثراه محمد الصياح،طيلة عشرات السنين، تركنا في المناصب التي كلفنا بها بسماتنا، وكم كنت ممنونا لو يتمعن سعادة السفير في مسيرة هذا الزعيم وقراءة كتاباته، وما كان له من فضل في اداء واجبه بكل امانة ومقدرة في بناء تونس ما بعد ابن خلدون.