انطلقت منذ الأيام الموالية لثورة 14 جانفي عديد المظاهر السلبية التي عمت مختلف مناطق ولايات الجمهورية كان من بينها بالأخص تفاقم ظاهرة البناء بدون رخصة أو البناء الفوضوي الذي اعتبر بمثابة الزحف الذي أتى على الأخضر و اليابس اذ انتشرت البناءات الفوضوية في عديد المناطق وحتى في ذلك الأثرية على غرار ما شاهدناه في مدينة قليبية و على أراضي الملك العمومي كالحدائق العمومية و الغابات و أراضي ملك الدولة و غير ذلك من الغرائب و العجائب في هذا الخصوص. و برزت هذه الظاهرة و تفاقمت خاصة بعد الفراغ الحاصل على مستوى الأداء البلدي خلال تلك الفترة . و تم تنصيب نيابات خصوصية عوضت المجالس البلدية لمواصلة النشاط البلدي و تنشيط البلديات في كل أنحاء الجمهورية . و قامت النيابات الخصوصية بمتابعة هذه الأوضاع و جرد كافة المخالفات سواء تعلق الأمر بالبناء السكني أو التجاري . و اصطدمت النيابات برفض أصحاب هذه البناءات تنفيذ القوانين الصادرة لهدم و إزالة ما صنعته أيديهم خارج الإطار القانوني مما جعلها ترفع تقاريرها إلى السلط العليا آملة في إيجاد الحلول الأنسب للقضاء على هذه الظاهرة. و يشهد كل يوم جديد تناميا لهذه التجاوزات في تحد سافر للقانون و المساس بالبعد الاجتماعي و البيئي للمشهد العمراني والسكني والبيئي في غياب كلي لاحترام المحيط و قاعدة الأجوار الذي تحدده القوانين البلدية على أساس منح رخص البناء التي تسند طبقا لدراسة ميدانية و أمثلة بناء . و رغم أن البلديات نجحت بعد ذلك في تنفيذ أمر الهدم على مجموعة كبيرة من المخالفات بالتعاون مع أعوان الجيش و الأمن الوطنيين لحفظ الأمن و توفير السلامة لأعوان البلديات إلا أن النتائج الحاصلة مازالت بعيدة عن الأهداف المرجوة إذ يشهد كل يوم إضافات جديدة و بناءات أخرى يرى فيها أصحابها حقا مشروعا في التشييد خاصة أن البلاد تشهد فترة انتقالية ولا محاسب ولا رقيب ولا احترام . هذا الأمر الذي بلغ في أكثر من مرة حد قطع أشجار الغابات أو إزالة أثار تروي تاريخا طويلا يستدعي التدخل الفوري و العاجل من كل الوزارات المعنية حتى لا يعلو صوت فوق صوت القانون و حتى يتم وضع حد للفوضى وللتجاوزات التي لا تليق بثورة تونس