لم يرتكب الممثل عاطف بن حسين جريمة ولم يتطاول على نبي او ذات الاهية بل عبر عن رايه في الزعيم بورقيبة بدون تقديس ولا تأليه كما تعود أن يفعل غيره ورغم حدة موقفه فانه رأي حر من المفروض أن نحترمه ونناقشه ونوافقه أو نعارضه فقد دفع بعضنا حياته ثمنا لهذه الحرية وضحى كثيرون بالغالي والثمين من أجل أن يعبر عاطف وأنا وأنت عن آرائنا دون خوف ولا نفاق فلماذا اذن يتعرض عاطف الى هجوم لفظي وجسدي عنيف عقابا له على رأيه الحر ؟؟ وهل تخلصنا من تسلط ديكتاتورية السلطة لتحكمنا ديكتاتورية الشارع ؟؟ لماذا كل من يعبر عن راي مخالف يتعرض الى التشويه والتعنيف وحملات التخوين والتكفير ؟؟ *** هذه ليست أخلاقيات الثورة ومن يريد الديموقراطية عليه ان يكون ديموقراطيا يتحمل الرأي المخالف والا فان الثورة ستنتج ديموقراطية بلا ديموقراطيين وما حدث لعاطف تكرر مع آخرين ذنبهم أنهم عبروا عن رأي متمرد على السائد أو ناقد للثورة رغم ان هذه الثورة تستحق النقد لحمايتها ولا يجب ان نمنحها حصانة من التقديس والقداسة ونحولها الى سلطة لا تحب سوى المديح والشكر والتأييد ومن ينقدها فهو خائن وعميل وبيوع والتهمة الجديدة "تجمعي" وهي موضة التهم وقد كان نظام بن علي يقضي على معارضيه ومن ينقده بتهمة واحدة جاهزة هي "ارهابي واليوم كل رأي مخالف وكل من ينقد الثورة التهمة الجاهزة لاسكاته هي "تجمعي *** اننا نخاف على حريتنا وديموقراطيتنا من هذه الديكتاتورية العشوائية الجديدة التي تنقض على كل راي مخالف بوسائل قمع جديدة من بينها العنف اللفظي وأحيانا الجسدي وحملات التشويه والتخوين والتكفير والتحريض والتهديدات وما عاطف بن حسين سوى مجرد مثال على هذا القمع الذي استهدفه لمعاقبته على رفضه للشخصنة وللرموز والأصنام وتقديس الأشخاص ورغم أنني أحب بورقيبة كرمز وكمحرر الا انني أحب حرية التعبير أكثر ومن حق عاطف أن يرفض الحاكم الذي ينصب نفسه أبا على شعب يتيم والرأي لا يواجه سوى بالرأي وبالنقاش ولا يجب الرد على السطور بالساطور *** وقد كنت أحد الذين أزعجهم رأي عاطف في بورقيبة لأنني درست بورقيبة واحببته وآحترمته لكن الذي أزعجني أكثر هو العنف الذي تعرض له بسبب رأيه في شخصية تاريخية مهما عظمت لا يجب أن تبلغ القداسة وتنال حصانة الأنبياء ويحرم نقدها ففي نظام بورقيبة أخطاء تاريخية تستحق النقد ولا ينقص ذلك من قيمته التاريخية شيء ولا أحد يملك حصانة ضد النقد والمحاسبة سوى الأنبياء فالأمم العظيمة تنقد رموزها ولا تعاملهم كأنبياء مهما عظموا وتعملقوا وارتفعت قامتهم وقيمتهم للأسف كنا قبل الثورة نخاف من نقد رئيس حي فأصبحنا بعد الثورة نخاف من نقد رئيس ميت.