بكل انتباه وجدية، تابعت مثل المئات من المشاهدين الحصص الثلاث للمبوبين لرئاسة بلادنا، وكم كنت اتمنى، وهي تجربة اولى من نوعها، ان تكون الاسئلة اكثر الماما بالمواضيع الحياتية للمواطن، ليتعرف على الحلول التي يطرحها كل منهم، لإخراج البلاد من الازمة التي تمر بها منذ الثورة، عندئذ يمكن الاختيار عن وعي من له الحل الاجدر، و من هو الاكثر قدرة بمعرفة الواقعللتأثير في مجراه،و ارجاع القطار الى طريقه السوي، لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فقدت التجربة المصداقية منذ انبعاثها، لان المتبارين ينتمون الى احزاب سياسية، فشلت في ادارة البلاد، ولم تحقق اهداف الثورة، ولا طموحات الشباب في الشغل والكرامة، وذهب الامل في السياسة ومعتنقيها هباء منثورا، والواجب يدعو الذي اختار السياسة مهنة،ان تكون له قناعة برؤى وطموح وحلم وتصور،وافتقد كل ذلكعند المتسابقين على كرسي الرئاسةفي اجوبتهم، سواء في المناظرات او في الاذاعة او في التلفزيون،ويرجع ذلك سواء للأسئلة الموجهة لعدم دقتها، ومحدودية المامها بالواقع المرير، الذي تمر به البلاد او لعدم كفاءة المتبارين المطلوبة لمنصب رئيس الجمهورية،مما جعل الناخب وكانه ذاهب الى حلبة سباق الخيل،يراهن على حصانواي حصان ولم تمكنه الحلقات المفبركة والموجهة احيانا،من اختيار الافضل،و قد غابت على كل المشاركين في هذه المسرحية ان السياسة قوة عظيمة، اذا عرفت كيف تستخدم،وان لمتعط النتائجالمرجوة يجب مراجعتها او حتى التخلي عنها، فمن منهم في خلاصة هذا الصراع، اقترح المنهج الذي يمكن اتباعه لتحقيق التنمية،ولا احد تطرق الى تصوره من اجل مساعدة نخب جديدة للتكوينوالمسؤولية، تساعد على تفادي الازمات، غفل جلهم في الحقيقة، على انه من مهام رئيس الدولة خلق الانسجام بين كافة الاطر وبين الجهات، والعمل بكل شفافية على خلق الراي العام، المناسب للعمل السياسي، و كذلك على تجديد طاقات الدولة والاستماع الى كوادر الامة من اعلاها الى ادنى مستوياتها، وان يبحث افكارها ومطالبها مع الحكومة، ولم يتطرق احد الى مبدا الوحدة الوطنية الذي هو مرتبطبمواصلة بناء دولةعصرية،تتوفر فهامؤسسات نقابية وجمعيات مجتمع مدني تعمل على احترام علوية القانون، وملتحمة باختيارات وقع عليها الاجماع، وكان منهجها التوافق والسير في نفس السياسة مرجعها،ولا يمكن بناء الدولة، ان تقوم على العرق او العصبية كما تحدث عليها ابن خلدون،و رئيس الدولة هو الراعي لذلك، فلنذكر في هذا الباب ان الدعاية الماركسية تدعو الى تفكك الدولة وتلاشيها، اما في الدول الاوربية فقامت الدولة الوطنية اثر حروب دمرت الحواجز،والطريقة الاسلامية التي تدعو الى الخلافة ومآسيها في تاريخ الامة الاسلامية قاطبة لا تستجيب لذلك، فبناءدولتنا يجبان يمتاز بالتجديد والحداثة،كما نادت به الثورة، لكل فرد المشاركة بصوت سواء كان اكبر اقطاعي او افقر الناس وخلاصة القول يجب الانتباه الى ان هناك ظروف عالمية جديدة، تفرض علينا التكيف، ولا يكون مجابهتها بالفصاحة، التي ترمي الى الابهار، بل بملفات مدروسة ومرقمة من اهل الاختصاص يقع اعدادها عن روية، والمتأكد على رئيس الدولة ان يبين انه ليس بوصي على عقائد الناس، وان المجتمع مسلم، ولا رجوع فيه، وهذا لا يعني ان الدولة ستعتمد الدين في تسيير الشؤون العامة، لأنها بهذا الاتجاه تغلق الباب لكل الحداثة، كما اكده كثير من العلماء،في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، امثال محمد عبدو الافغاني وغيرهما، فالشريعة هي عمل انساني يستنبطه الفقهاء من الدين، أما نظام المؤسسات فهو مبنى على الحريات، وعلى مبدا اعمال الفكر والاصلاح، واناللائكية التونسية تعني كما اوضحها الزعيم الحبيب بورقيبة"ان للدولة الحق في قول كلمتها في الشأن الديني، بما يفسح المجال لعمل المؤسسات"وهو ما يملي على رئيس الدولة المنتخب واجب التوعية لإرجاع الناس الى جادة الصواب،وعلى المسؤول اجتناب ازدواجية اللغة والاتجار بالدين في المحافل "السياسوية "،والاصلاح المطلوب هو الذي يتماشى مع العصر لم يتطرق احد في كل الحصص التي تبعتها عن كثب، على دور الدولةوبيان مهامها،وللمال الخاص أصبح دور كبير في التنمية، والدولة مطلوبة بإلحاح من الممولين ان تتخلى عن دور المستثمر الاول،والمنظم الرئيسي لكل النشاط الاقتصادي، فالبلدان القوية ماليا واقتصاديا هي التي فرضت هذا التوجه الجديد، وبما ان البنك الدولي والمنظمات العالمية الاخرى هي المانحة، والممولة اساسا من طرف هذهالبلدان،فرضت على الدول المقترضة ان تغير سياساتها الاقتصاديوفق مقتضيات هذا التوجه الجديدوهو اتجاه ليبيرالي خطيرعلى البلدان التي هي في ازمة خانقة مثل بلادنا ومما لفت انتباهي أيضا في تفكير المتدخلين غياب"البرقمتية" التي يمكن تلخيص فحواها،بان معيار صدق الفكرة هو في قيمة نتائجها العملية، وهي الطريقة التي اتخذها الزعيم الحبيببورقيبة ورفاقه،في كل مراحل الكفاح، وفي العمل الدؤوب في بناء الدولة، معالقناعة بمؤسساتها الدستورية، فكانت المسيرةموفقة وايجابية، اذ كانت قادرة على توحيد الامة، وهي الكفيلة اليوم من استنباط وسائل عملية، تمكن من انقاض البلاد من ماهي عليها من ضبابية، و تساعدأيضا علىزرعروح الأمل في المواطنين، وارجاع الثقة وفي خاتمةالمطاف ادعو المتبارين على كرسي الحكم الرجوع الى فواعد وابجديات الخطاب السياسي، وخطب الزعيم هو مرجعلذلك،واتمنى ختاماان يكون عبد الكريم الزبيدي هو الفائز بالأغلبية، وقد بينت لماذا في مقال نشر من قبل، وان لم يكن ذلك كذلك،فدعائي لمن يفرزه الصندوق بالتوفيق والنجاحلفائدة تونس لا غير