الحمد لله رب العالمين والذي بفضله تنتصر الثورة التونسية من جديد بالرغم مما لحقها من نكران وتشويه وأجتمع عليها من اعتزوا بغير الله ولم يحسبوا للشعب حسابا فباتوا من النادمين. وقع ذلك في تونس الجديدة، وبالرغم من المعوقات التي اجتهد المبطلون وتفننوا فيها بالمال والكلام لعدة سنين، لم ينفعهم ذلك وباتوا ليلة البارحة من الخاسرين، رأينا أذنابهم على موائد الحوار يتباكون ويشككون في انتصار الصادقين، ممن اعتمدوا على الشعب وقاطعوا أساليب هؤلاء الذين افتكوا إرادة الشعب بالمال وبالأباطيل. كان بطل تونس بدون منازع ذلك الاستاذ الجامعي الذي لم يلتفت له الاعلام المضلل ولا اصحاب المال الذي بذله المبطلون بدون حدود. لقد صوت التونسيون هذه المرة بالتفكير، ولم ينساقوا للمضللين الذين أفسدوا الحياة السياسية لسنين، واستولوا على مقدرات الثورة التي لم تكن لها قيادة، وتم توجيهها في الاتجاه الغير الصيح، وتكريس الفساد والمحسوبة التي كانت سببا في انهاء منظومة حكم فاسدة، ما زالت مسيطرة على النفوس والعقول، بالإغراء والخوف، وأفسدت المصير ودب الياس في النفوس والعقول حتى جاءت هذه الانتخابات وكشفت المستور، فأصيب القوم بالذهول. ومن خصائص هذه المرحلة انها كانت بين الحق والباطل وتجسيدا لقوله تعالى {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]. وأنا لا اريد الدخول الان في التحليل قبل التصريح بالنتائج الرسمية، ولكنني سأسجل هذا الزلزال الذي وقع في العقول والنفوس وبات القوم يشككون في الفائز الاول وينعتوه بالعجز والخمول والانتماء الموهوم! انه فِي نظري تونسي اصيل ملتزم بالقواعد اللغوية والزهد في الدعاية والوضوح في الأفكار والوسائل التي لم تعتمد على المال الفاسد واصحاب المصالح والنفوذ الذين يريدون السيطرة على سياسة الدولة للمزيد من الإثراء بدون سبب او حدود مقابل ما يبذلونه من مال للمترشحين وللفائزين المحتملين. لقد أقام السيد قيس سعيد الدليل على سلامة نوايا الشعب الكريم الذي لم تأخذه الحملات الدعائية المكذوبة ولا المال المهدور لأنها لم تكن لوجه الله ولكنها كانت للتغليط والتضليل. وللدورة الثانية التي ستعاد بين الاولين وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ على مَا تَصِفُونَ.