أنشأ هذه المجلة الراقية : مديرها ورئيس تحريرها، العلامة المصلح .. الشيخ الحبيب بن محمد المستاوي رحمه الله وطيّب ثراه، بتونس (العاصمة)، سنة (1388 ه = 1968 م)، وكان العدد (الأول) منها صدر في شهر ربيع الأول. وهي (مجلة إسلامية) بامتياز، كما عبّر عنها صاحبها، وبكل ما يحمله هذا الشعار من معنى، فكانت "ينبو عن" حضاريًّا ثريًّا، ينهل منها العُطَاشى ظَمَأَهُم العلمي ويهتدي بها الحَيَارَى في تِيهِ الظلام، وساحة الضلال، من الشباب والشابات، في فترة الستينيات. على أني أقول : إنها – كانت ولا تزال – مجلة المجلات دون مُنَازِع، وإن سبقها ظهور بعض (مجلات دينية) في الخمسينيات من القرن الماضي، لكنها توقّفت كلها، ولم تكْمِل مسيرتَها، ك (المجلة الزيتونية)، و(مجلة ابن مراد)، ومجلة الشيخ الإمام الخضر حسين : (السعادة العظمى)؛ إلا أن (جوهر الإسلام) – والحق يُقال – فاقَتْها جميعا من حيث دَيْمُومِيَّتُهَا (أوّلاً)، ثمّ – وهذا مهمّ أيضًا – عُمْقُ .. وأصالة .. ومعاصرة .. ما تطرحه من موضوعات (ثانيًا)، وأخيرًا : عراقة كُتَّابِهَا الأجِلاء من أصقاع العالَم (ثالثًا). فالله عز وجلّ – وهو العالِم بما في الصدور – اِدّخر لصاحبها ومُنشئها استمراريَّتَها – بعد وفاته – لأجيال عديدة، وسنوات مديدة، كي يقرأها من الناس : الداني والقاصي، وينْهَلُ منها النُّخبَة من العلماء، ورجال الفكر والثقافة، في العصر الحديث.. وهنا، وهو الجدير بالفكْر أنّ نجله البارّ، الأستاذ العلامة، والمفكّر الفهّامة : السيّد محمد صلاح الدين – هكذا سمَّاه والِدُهُ رحمه الله، فهو اِسمٌ على مُسَمَّى – أخذ المَشعل بعد رحيله، لِيُواصِل مسيرَتها الميمونة، فرعاها حقّ الرعاية، وتابع إصدارها في المَنْشَطِ والمَكْرَهِ بكلّ عناية، على النهج القويم الذي خطّه منشئها، دون أن يُخِلَّ بشرط من شروطها، أو أن يستبْدِل الذي هو أدنى بالذي هو خير، خصوصا وقت الأعاصير، وفُرَص المغريّات، وتقلّبات الأيّام والأعوام ممّا يستجدّ من النّكبات المتواليات، والهزائم المريرة؛ لكنّ هذا الفارس البطل، لم يترجّل، بل ضلّ – حفظه الله – صامِدًا .. مُرابطًا .. وصابِرًا.. مستشعرًا قَوْلَ ربّه تبارك وتعالى : (يَا أيُّها الذينَ آمنُوا اصبِرُوا وصَابِروا ورابطُوا واتقّوا الله لعلّكم تُفْلِحُون) الأية 200 سورة آل عمران واليوْم، رأى هذا النجْل الأبرّ، بثاقب فكره، ورجاحة رأيه، وسديد نظره، أن يُكَرِّمَ والِدَهُ الغالِي – وإن كان ميْتًا – (وقد كان رحمه الله من علماء الزيتونة الأبرار، وخِرِّيجِيهَا الأخيار)، بعد أن اقتطعتْ المجلة الأبِيّة : (جوهر الإسلام)، " خمسين عامًا من حياتها "، ثمّ هي لا تزال تُواصِلُ الصّدورَ، وقد غرّبَتْ وشرّقتْ في الوصول والحصول عليها من محبيها ومتابعيها، لما تحملُه من العطاء العلميّ الثريّ، فلا يَبْلَى على مرّ الزّمن. وحَسَنًا فَعَلْ، جزاه الله خيرا وأثابه؛ فكان الابتداء بهذا الاحتفاء كالتّالي : (أوَّلًا) : في تونس (العاصمة) مَنْشَأ تأسيسها، بتاريخ يوم الأربعاء 12 شعبان 1440 ه = 17 أفريل 2019 م. (ثانِيًا) : في باريس بالتعاون مع مركز التربية الإسلامية، بتارخ يوم الأحد 7 صفر 1441 ه = 6 أكتوبر 2019 م. (ثالثًا) : في مدينة تطاوين (مسقط رأس مؤسسها) في المركّب الثقافي، بتارخ يوم السبت 24 ربيع الثاني 1441 ه = 21 ديسمبر 2019 م. وهَلُمَّ من المزِيدِ إن شاء الله .. وإنَّ غدًا لنَاظِرِه لقريب. * باحث وكاتب في شؤون الدين والتربية والتعليم