قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنهم أبطال بالفعل وأقصد ابطال المواجهة لفيروس كورونا هؤلاء الابطال هم الاطباء والطبيبات والممرضين والممرضات والعاملين فى الحقل الطبى والحكومة التى أعدت العدة-ولو بشكل متواضع-نظرا لتواضع القدرات لمواجهة هذا الفيروس اللعين ومشاركة القوات المسلحة فى تطهير كافة الأماكن وايضا المواطنون الذين التزموا فى منازلهم فى اطار الوقاية من هذا الفيروس. لقد توحدت كل الجهود فى الدولة من حكومة ومسؤولين وقوات مسلحة وشرطة ومجتمع مدنى وكل الطواقم الطبية وشركات انتاج الأدوية والمطهرات والكمامات كل هذه الجهود الخلاقة توحدت فى مواجهة فيروس كورونا من اجل الوقاية وحماية صحة التونسيين من وباء لعين وعديم الرحمة في خضم هذه المعركة الضروس استيقظ الضمير الجمعي،الإرادات الإنسانية الفذة،والمبادرات الخلاق هي ذي تونس بكل فئاتها وقطاعاتها تتوحّد-بكل نكران للذات-وتتمترس خلف خط الدفاع الأول فى مواجهة هذا الفيروس اللعين سريع الانتشار..لقد إلتزم معظم التونسيين بالحماية والوقاية ومنع التكدس والازدحام وأغلاق النوادى والمطاعم والمقاهى إلخ لا شك ان صمودنا فى مواجهة كل التحديات والسعي الحثيث نحو الاصلاح الاقتصادى سيساهم-حتما-فى مواجهة تداعيات المعركة مع فيروس كورون ولكن لابد من مزيد من التكافل المجتمعى للخروج بأقل ضرر على المواطنين . وإذن؟ مشكلة كورونا إذا أضحت بالنسبة لدول العالم أزمة كبرى وتبدو أنها مشكلة اعتراف بالحقائق قبل أي شيء آخر فهي مسألة صحية تهدد البشرية وليس دولة بعينها، وهذا ما يجعل من التأخر في اتخاذ الإجراءات مغامرة يصعب التكهن بنتائجها.. واليوم.. تشعر-اليوم- البشرية بالحيرة تجاه أزمة كورونا التي غيرت مفاهيم الأنظمة الصحية في العالم، وغيرت مجرى التاريخ وعاد الإنسان إلى المقدمة في أولويات الدول وخاصة تلك الدول التي اعتادت على أنظمة وقوانين تحبس الأنفاس عند ظهور الأزمات الكونية. من المؤكد أن أزمة كورونا أثبتت مدى فاعلية معايير الانضباط الذاتي لدى الشعوب العالمية وتميزت بعضها عن البعض الآخر بمقدار ذلك الانضباط،وأثبتت التفسيرات المتعددة لقراءة وضع شعوب العالم أن هناك شعوباً تصرفت بموجب أصولها الروحية ومعايير التزامها بالواقع الذي فرضه ظهور هذا الوباء الكوني.. يعدّ فيروس كورونا (كوفيد 19) -باعتباره وباءً عالميًّا- امتحانا حَرِجا نَمُرُّ به جميعا، ونستطيع القول: إن هذا الامتحانَ دفع جميعَ شعوب العالم إلى اتخاذ موقف مشترك تجاه هذا العدو المشترَك. من زاوية النظر هذه؛ يمكن ملاحظةُ أنّ الفيروس المعنيَّ قد وَحَّدَ العالمَ كلَّه بشكل مثير للاهتمام ضد هذا الخطر المشترك، وهكذا تتحقق القاعدة الشهيرة في علم الاجتماع التي تقول إنّ العدو المشترك يعزّز ولاءَ المجموعة،ويخلق وعيًا جماعيًا جديدًا.. على سبيل الخاتمة: فرض كورونا نفسه كابوسًا مزعجًا مؤرقًا قاتلًا على حياة البشرية جميعها، ضيف بيولوجى ثقيل يحاصر يوميات إنسان ظن أنه ملك الدنيا وما فيها، لم يفرق كورونا بين دولة عظمى وبلد يعيش على هامش الدنيا، ولا بين حاكم متغطرس وآخر لا حول له ولا قوة، ولا بين عالم أول متقدم وعالم ثالث أو حتى غير مُصنف بعد، كورونا أخذ الجميع من يديه ليقف به عاريًا أمام مرآة لا تكذب ولا تتجمل، مرآة الموت، أجبر الجميع على وقفة مع النفس، لعل وعسى يعود الإنسان إلى رشده، ويدرك أن توازن الحياة أحد مقومات استمرارها، وأن قيمة الإنسانية لا بد أن تعلو فى نفوس الجميع.. أليس كذلك-أيها القارئ الكريم-..؟