صَدَر اليوم كتاب "رحيل المعاني، الحداثة وإعادة كتابة الأصل / الأصول في الشعر العربيّ المعاصر.(مقاربة تأويليّة)" للناقد والمبدع التونسيّ الكبير الدكتور "مصطفى الكيلاني" ، عن دار ديار للنشر والتوزيع في تونس ، بغلاف للفنّان السوري "رامي شعبو". وهو مُتَوَفَّر منذ صباح الغد الجمعة في العاصمة التونسيّة بكتبة "الكتاب" - شارع الحبيب بورقيبة ، ومكتبة المعرفة- ساحة برشلونة ، مكتبة "بوسلامة"- باب بحر ، ومكتبة "العيون الصافية" خلف وزارة المرأة. ويباع بثمن :30 د.ت للنسخة الواحدة. وهذا الكتاب هو الأوّل مِن نوعه في المنطقة العربية منذ عقود ، كونه يُخضع المدوّنة الشعريّة العربية المُعاصِرَة لدراسة نقديّة تطبيقيّة ، في حين كان النقاد العرب على قلّتهم يتجهون في كتبهم التي صدرت إلى التنظيرفحسب . يقع الكتاب في 368 صفحة قياس 15/21سم ، ويتضمّن مقدمة وأحد عشر فصلا وخاتمة تليها المصادر والمراجع ، وملحقاً يتصمّن مختارات من قصائد الشعراء الذين قام الناقد بدراسة مدوّناتهم الشعريّة ، وذلك على النحو التالي: مقدّمة: ما المقصود برحيل المعاني تحديدًا؟ . - الفصل الأوّل: بلاغة اللاّ-معنى في راهن الشعر العربيّ - الفصل الثاني: تداعيات الكتابة ورمزيّة الباب في"من وردة الكتابة إلى غابة الرماد" لِحَمِيد سَعِيد. - الفصل الثالث: "مدوّنات هابيل بن هابيل" لسامي مهدي . - الفصل الرابع: "أيقونات توت العلّيق" لإلياس لحّود - الفصل الخامس: شربل داغر وكتابة "الطيف العابر" بين الخبر والأثر - الفصل السادس: "ميراث الأخير" لإلياس فركوح - الفصل السابع:"الذئب في العبارة" ليوسف رزوقة - الفصل الثامن: "مُهمل تستدلّون عليه بظلّ" لعلاء عبد الهادي - الفصل التاسع:"شجرة الحروف" لأديب كمال الدّين - الفصل العاشر: "فاكهة الصلصال" لمراد العمدوني - الفصل الحادي عشر: "حبر أبيض" لمروان حمدان - خاتمة: رحيل المعاني وحداثة الأصل ؟ - المصادر والمراجع - ملحق ونقتطف لقارئات هذه الصفحة وقرائها من المقدّمة ، مايلي: "إنّ الحدّ الفارق المفهوميّ بين الحداثة والحداثة المغشوشة، وبين ثقافة الأصل والأصوليّة الجامدة قائم على أساس الفهم الدقيق ل"مستقبل الماضي"(4) وعمق اللحظة واتّساعها بمدى استقدام الماضي ممثّلا في محَصّل خبرته وتوهّج حالاته ومواقفه،ومدى الانفتاح أيضًا على المستقبل،ليتعالق بذلك المخيال والحدس والعقل والذاكرة في سياق كِتابيّ مشترك.فالحداثة المغشوشة،بهذا المنظور،هي الماضَوِيَّة المقنّعة وراء زخم هائل من الشعارات،أو تلك الهاربة من أصلها إلى أصول أخرى لا تمتّ إلى وجودنا الثقافيّ بصلة.لذلك أمكن الجزم بأنّ الحداثة،وأيّة حداثة،لا تكون إلاّ بمدى فهمها لأصلها/أصولها الخاصّة وتحويلها من ساكن الحركة وواحديّة المعنى إلى التوثُّب والتعدّد والاختلاف والفاعليّة في راهن الوجود ومستقبله.وكلّما استدعت الحداثة حداثة أخرى بَعْديّة بحكم تواصل الحركة تأكّدت الضرورة إلى إعادة قراءة هذا الأصل/الأصول في أضواء الوقائع الحادثة بالذهاب من الفكرة أو القيمة الجماليّة المُحيّنة إلى الواقع ومن الواقع إلى تلك الفكرة أو القيمة. فَكَيْف تَجَسَّدَ فهم الحداثة وإعادة قراءة الأصل تفصيلا لدى الشعراء المذكورين؟ وما أوجه الاختلاف والاشتراك بينهم ضمن بيان ماهيّة الأصل في صلته الوثيقة بالحداثة، والحداثة البَعْديَّة؟ لقد استدعى البحث في قضيّة المعنى الشعريّ إجمالا وانقضاء عصر جاهزيّته قراءة تجارب الشعراء السابق ذكرهم ، وهم يمثّلون أجيالا ثلاثة كالآتي: أ- الجيل الستّينيّ الّذي بدأ تجربة الكتابة الشعريّة منذ العقد السادس من القرن الماضي (حميد سعيد وسامي مهدي وإلياس لحّود)، وذلك باعتماد آخر الدواوين الصادرة لهم لبيان الوعي المشترك المتردّد بين ثقافة الإيديولوجيا (ثقافة البدايات) وبين فكر اللاّ-وثوق الناشئ عن انقلاب الوقائع الوطنيّة والقوميّة واهتزاز الوعي الذاتيّ المختلف تبعا لاختلاف الذوات الشاعرة. ب- الجيل السبعينيّ والثمانينيّ، عند التنصيص على بدايات تجربة الكتابة الّتي تُحدّ بالعقدين السابع والثامن من القرن الماضي، وذلك بالتوقّف عند شعراء آخرين (شربل داغر و علاء عبد الهادي ويوسف رزوقة وأديب كمال الدين). كما انصرف اهتمامنا بالنسبة لهذا الجيل إلى إلياس فركوح، لما تبيّن لنا أثناء قراءة قصصه القصيرة ونصوصه الشعرية من تعالق حميم هو في صميم احتفائه بالشعريّ. وقد تثقّف هذا الجيل ثقافة إيديولوجيّة عند البدء سرعان ما تحوّلت عن جاهزيّة المعنى إلى مشروعيّته نتيجة الوعي الكارثيّ الحادث واللواذ بجماليّة المختلف الأسلوبيّ والدلاليّ والتدلاليّ وهاجس المغامرة الكتابيّة بإعادة النظر في المسألة الأجناسيّة... ج- الجيل التسعينيّ وما بعد، وقد ارتأينا عند التوقّف عند شاعرين (مراد العمدونيّ ومروان حمدان) بدآ تجربة الكتابة من التسعينات إلى اليوم. والقصد من ذلك مواصلة البحث في الآفاق الأخرى الممكنة الحادثة لمشروعيّة المعنى المختلف خارج فخاخ المسبق الإيديولوجيّ وتكرار الأساليب والرؤى. كذا تتعالق هذه الأجيال الثلاثة براهن تجارب كتابيّة حرصنا على اختيارها متزامنة في النشر كي يلتقي الزمنيّ والآنيّ في بنية مُركّبة واحدة تساعد على محاولة الكشف عن المؤتلف والمخلف آنَ تمثّل كتابة المعنى – المشروع بعيدا عن مسبق المعنى الإيديولوجيّ ومتعدّد إملاءاته السالفة وَالحادثة، وبمنظور جماليّ شعريّ راهنيّ ومستقبليّ. فكيف يتعالق السابق واللاحق من التجارب الشعريّة المذكورة؟ وكيف يتزامنان سياقا بفعل الانتماء إلى وعي تحديثيّ مشترك، وعصر أدبيّ واحد، وثقافة جامعة؟".