هذا هو الجزء الرابع و الأخير من الحديث الرمضاني الشهير للأديب والمفكر والكاتب الكبير عباس محمود العقاد عن معنى قول رسول الله محمد خاتم النبيين والمرسلين و خير العباد في اوجز واجمل جملة نطقت وقيلت بلغة امة حرف الضاد(ان من الشعر لحكمة ) ويبدأه بقوله...(نعم ان الشعراء الذين اشتهروا بالحكمة في اللغة العربية قد غلبت عليهم فلسفة القناعة في كثير من الاقوال فكان جملة ما نظموه التنويه بها اظهر واشهر ما نظموه في التنويه بالمغامرة والطموح فابو العتاهية يقول تعالى الله يا سلم بن عمرو اذل الحرص اعناق الرجال هب الدنيا تساق اليك عفوا اليس مصير ذلك للزوال؟ وابوتمام يقول من كان مرعى عزمه وهمومه روض الأماني لم يزل مهزولا لوجاز سلطان القنوع وحكمه في الأرض ما كان القليل قليلا وابن الرومي يقول مرحبا بالكفاف ياتي عفيا وعلى المتعبات ذيل العفاء ضلة لامرئ في الجم ع لعيش مشمر للفناء ومهيار يقول ملكت نفسي مذ كففت املي الياس حر والرجاء عبد وهكذا يقول كثير من الشعراء في كثير من العصور ولكنك تستطيع ان ترجع الى مواقع الكلام في شعرهم فتعلم انه تعبير عن شعورهم في مقام التعزي والتجمل وليس بالتعبير عن كل شعور في كل مقام اما الكلام الذي هو اجدران يعبر عما حولهم فهو مدائحهم لابطالهم وبيانهم للماثر التي استحقوا بها ذلك المديح واولها الاقدام والاقبال على طلب المجد والسيادة فلو لم تكن هذه الخليقة ماثورة بالمدح في تلك العصور لما اغرق الشعراء في الثناء عليها ذلك الاغراق وملتقى الاراء في هذا الحديث ان شعر الحياة قمين ان يمثل لنا جميع جوانبها ومنها فلسفة الزهد والقناعة على شريطة ان تاخذ مكانها ولا تجوز على امكنة غيرها من فلسفات الحياة... اما عن راي ابي ذاكرصاحب هذا المقال في هذا الموضوع وهذا المجال واستنادا الى ما يراه اليوم في هذا الجيل الجديد من ظاهرة وآفة وخليقة اللهفة و التكالب و الحرص على جمع وكنز الأموال دون مراعاة مسالة الحرام والحلال فانه يقول لعباس محمود العقاد ان فلسفة الزهد والقناعة التي تحدثت والتي كتبت عنها قد انتهى امرها وامحى اسمها ورسمها و وخفت صوتها ذهبت ريحها في هذا البلاد... وانك لوبعثت من قبرك وبحثت في بلادنا بالعرض والطول فلن تجد فيها من يوافقك على ما ترى وعلى ما تقول كما انك لا وربما لن تجد فيها من يعبا او يحفظ او يفهم من ذكرت شعرهم من الزهاد للكبار كابي العتاهية وابي تمام وابن الرومي ومهيار بل ستجدها مليئة حتما من بابها الى محرابها من الفها الى يائها ومن راسها الى ساقها بمن يسعون ليلا نهارا وسرا وجهارا الى جمع الدرهم والدينار واليورو والدولار...اما عن الخصال البطولية الرفيعة التي تحدثت عنها وماثر الاقدام والاقبال على طلب المجد والسيادة في ما ينفع البلاد والعباد فقد حلت محلها واخذت مكانها خصال الوقاحة والخيانة والنصب والاحتيال والكسل الخمول والركاكة والبلادة والبحث عن اللقمة الباردة في كل شاردة وفي كل واردة ...ولكم يحسن بنا في اخر هذا المقال وفي اخر هذا الكلام ان ندعو الله تعالى الغفور العزيز العلام ان يعيننا في هذه الامتار الأخيرة من صيام شهر رمضان على حسن اتمام الصيام والقوة عل التقرب اليه ببعض القيام والتوفيق في ترك وهجر سيء وقبيح الشعر وغيره من رديء الكلام وتذكر وترديد ذلك الحديث النبوي الشريف الذي اشتهر لدى المسلمين في زمن قوتهم وعنفوان حضارتهم وسيادتهم(وهل يكب الناس على وجوههم في النار يوم القيامة إلا حصاد السنتهم)؟