صمنا رمضان بتوفيق من الله تعالى وقرأنا القرآن وختمناه وأقمنا الصلوات وأدينا الباقيات الصالحات وقمنا الليل وعملنا الصالحات وسارعنا في الحسنات ودعونا وابتهلنا ووصلنا الرحم, كل ذلك في ظروف غير عادية فرضتها علينا جائحة الكرونا , وها هو رمضان قد مر ونسأل الله تعالى الإحسان لمن أحسن فيه والغفران لمن قصر فيه, فهل انتهى موسم الخيرات ؟ لا والحمد لله . ها قد حل العيد وصلينا صلاته بالبيوت وفرحنا به الفرح المنضبط عن المحرمات والمحكوم بإجراءات الحجر الصحي مستحضرين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه " ( رواه البخاري ومسلم ), وصلة الرحم مستمرة في العيد وبعد العيد كما جاء في الحديث " الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله " (رواه مسلم) . ومع أن لرمضان فضلا لا يضاهيه وقت آخر فإن أبواب الرحمة تبقى مفتوحة لمن أراد التواصل مع الله تعالى بالطاعات والعبادات, ومن علامات قبول صيام رمضان أن تبقى آثار الصوم مستمرة ما بعد رمضان ولو بقدر قليل كما جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها " أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل " (متفق عليه), ومن هذه الآثار نذكر بما يلي : ° المثابرة على الصيام المسنون في أيام معدودات منها ما يأتي مباشرة بعد أيام العيد وهي صيام ستة من شهر شوال كما جاء في السنة أنه من صام رمضان وأتبعه بستة من شوال فكأنما صام الدهر كله, وأن صوم يوم عرفة ( لغير الحاج ) يكفر السنة الماضية والباقية, وأن صوم عاشوراء يكفر السنة الماضية, وأصى النبي صلى الله عليه وسلم بصيام يومي الاثنين والخميس في قوله " تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم " (رواه البخاري), كما أوصى عليه الصلاة والسلام بصيام أيام 13 و 14 و 15 من كل شهر وهي الأيام البيض من كل شهر قمري . ° اجتناب الانتكاس في القيام بالعبادات, فمن حافظ على الصلوات في رمضان لا ينبغي له أن يتخلى عنها بعد رمضان, فالاستمرار على الطاعات أرجى من أن يموت المرء عليها فتدركه رحمة الله تعالى. ° الاستمرار في قيام الليل ولو بركعتين, فالقليل الدائم خير من الكثير المنقطع . ° الاتعاظ بمر الزمن, فكما مر رمضان سيمر العمر والعاقل من عاود نفسه على العمل للغد وأعد للقاء المولى عز وجل, والنية الحسنة ضمينة بالأجر الجزيل عند الله تعالى, فلنحسن النوايا ولنصدقها في التقرب إلى الله جل وعلا بما نستطيع من الأعمال الصالحة وفعل الخيرات . نور الله عز وجل قلوبنا وشرح صدورنا للإسلام في رمضان وقبل رمضان وبعد رمضان وهدانا بهدي القرآن والسنة وثبت قلوبنا ونفوسنا على الإيمان والتقوى إنه سميع مجيب, عيد مبارك إنشاء الله باليمن والخير والبركة وبالعفو والعافية, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين.