الحكومة الجديدة، وبالنظر للظروف الاقتصادية و الاجتماعية الخطيرة التي تمر بها البلاد، لا بد أن تتمتع بأوسع حزام سياسي ممكن وفوق كل شبهات الفساد او تضارب المصالح، كما لا يجب أن تبادر عند تشكيلها باقصاء أي طرف سياسي يرغب في المشاركة فيها وفق حد أدنى من التوافق على برنامج سياسي و اقتصادي قصير المدى ومتوسط وبعيد المدى، إلا من أقصى نفسه وخيّر البقاء في معارضة يكفل وجودها ونشاطها دستور وقوانين البلاد. إن الذهاب نحو تشكيل حكومة جديدة لا يعني انتصارا لحزبا او طرفا سياسيا على اخر ، بل هو انتصار و مكسب كبير لشرط شفافية و نزاهة المسؤولين السياسيين عن أي شبهة فساد أو تضارب مصالح من الممكن أن تلاحقهم قدوة بديموقراطيات عريقة لا تعتبر الفساد وجهة نظر بل لا تتسامح حتى مع شبهة منه وان تعلق الأمر برئيس جمهورية أو حكومة أو برلمان. أحزاب مثل التيار الديموقراطي وحركة الشعب، لم تعارض في أي من مراحل تشكيل حكومة الفخفاخ ، مبدا توسيع الحزام السياسي المشارك و الداعم للحكومة ، و لا أخالها اليوم ستنقلب على موقفها نتيجة الذهاب في تغيير الحكومة الذي فرضته أسباب موضوعية لا يمكن تجاهلها او انكارها. أعتقد كذلك أن تشكيلة الحكومة القادمة من الممكن أن تحافظ على عديد الوزراء الحاليين صلبها، بما فيهم بطبيعة الحال ، وزراء التيار و حركة الشعب ، في نفس الاطار، أشير لضرورة الاسراع بالتوافق على رئيس حكومة جديد ، مع منحه مهلة أسبوع كحد أقصى من اجل عرض حكومته المقترحة على البرلمان و الإنكباب أخيرا على معالجة انتظارات التونسيات و التونسيين الاقتصادية و الاجتماعية على وجه الخصوص ، بعيدا عن المناكفات و التجاذبات و الصراعات التي لا تهم المواطن البسيط في شيء و التي أن تواصلت فستتسبب لا قدر الله في سقوط السقف على الجميع . أعيد و أكرر ، أن سقوط حكومة الفخفاخ ليس انتصارا لطرف سياسي على آخر، بل هو انتصار لتوجه يقطع ولا يساوم مع شبهات الفساد او تضارب المصالح الجدية، نتمنى أن يصبح تقليدا في تونس الجديدة. كما أوجه تحية لرئيس الجمهورية الذي يبدو انه لم يختر الهروب الى الامام، بل تغليب مصلحة الوطن وان استدعى الأمر تراجعه عن اختيار قام به لم يكن في محله. تونس بحول الله ستتجاوز حالة الارتباك و عدم الاستقرار السياسي بمساهمة جميع أبنائها الوطنيين الصادقين سواء في الحكم او في المعارضة او سائر أفراد الشعب الكريم. فلا عاش في تونس من خانها ولا عاش من ليس من جندها نموت ونحيا على عهدها حياة الكرام وموت العظام