عندما تطلب مقابلتهم لأمر هامّ يخصّ مشاكل المهنة، تقوم كتاباتهم الخاصّة بتسجيل إسمك و رقم هاتفك و تقول لك :" سوف نتّصل بك " .. وتبقى تنتظر إلى أن تفهم بأنّك لست من أولويات فخامة السّيد المسؤول و تمحي ، نهائيا ، من "مخّك" فرضية نيل شرف فرصة مقابلته!! عندما تدعوه شخصيا لحضور مناسبة فنّية ما ، كحفل كبير في قيمة حفل قرطاج مثلا ، لا يحضر و لا يعتذر على ذلك أو حتّى يهنّئك هاتفيا أو كتابيا بنجاحك في كسبك رهانا يُعتبر من أهمّ رهانات حياتك !! أمّا عندما يحتاج إلى حضورك في حملته الإنتخابية ليزيّن بك المحفل ويبيّن للنّاخبين أنّ أهل الفكر و الإبداع يفضّلونه على غيره من المترشّحين ، فتتحوّل ،بقدرة قادر ، من مواطن فنّان إسمه مركون في قائمة المنسيين ، إلى حبيب مبجّل و مرغوب فيه و في "مدّ وجهه" أمام وسائل الإعلام ليقول "كلمة خير" في هذا أو ذاك المترشّح طمعا في أن يجازيه ، عند الفوز طبعا ، و يردّ له جميل دعمه له ، علَنيا ، بالصّورة و الصّوت و المنشورات المكتوبة "المضروبة بالسّفود" لست ضدّ أيّ فنّان يؤمن بأفكار و قدرات سياسية ما و يجاهر بذلك و ينتصر لأصحابها و يدافع عنها و عنهم بوضوح و إقتناع و إلتزام ، لكنّني ،كفنّان، إخترت أن أكون على نفس المسافة من جميع الأحزاب و الألوان السياسية مع إحتفاظي ، طبعا ، بحقّي في إختيار من أراه الأصلح لحكم البلاد ، لكن في كنف السرّية التي تخوّلها لي خلوة الصّندوق... لقد تعبنا من عهود المناشدة و التّملّق و الوقوف في صفّ قطيع الطّاعة و الخوف من ردّة فعل السّلطان و عقوباته السّادية المسلّطة على الخارجين عن الصفّ.. كلّ ما أرجوه و أتمنّاه هو التّمتّع بإستنشاق نسائم الحرّية التي كسبناها و إتمام ما تبقّى لي من العمر دون خوف من أحد و لا خضوع لأحد.... تحيا تونس حرّة مستقلّة معزّزة مكرّمة..