من «ماطوس» إلى «شوفلي حلّ» مرورا ب«الدوار» و«أمك جانا» و«يبقى الحب»... كلها محطات فنية أثرت مسيرة ضيفتنا... ووضعتها على محكّ النجاح والشهرة والانتشار الجماهيري الكبير في تونس وفي سائر دول الوطن العربي من المغرب إلى الخليج حيث تحظى بسمعة فنية طيبة... أهّلتها لأداء أدوار في عدد من الأعمال المسرحية التي ماتزال تتناقل أخبارها الصحف الخليجية منذ سنوات طويلة.. هي ممثلة مميزة شكلا ومضمونا... عاشت حياة مليئة بالهزّات والانتصارات والانكسارات لم تخل من أوقات عصيبة ومربكة: تجربة الطلاق هزّت كيانها وتجربة الغربة بدّدت سكينتها، فاختارت أن تطلق الغربة إلى الأبد... لتعود إلى حضن زوجها الفنان، بعد فراق دام سنوات طويلة وحزينة ومؤرقة: «أحترم المنصف بكل مافيه من شهوات ونزوات... ولايزعجني إن خرج مع امرأة أخرى!!» هكذا حدثتنا الممثلة خديجة السويسي قبل أن تخوض معنا، عن طواعية، في حوار مفعم بالجرأة والصراحة. انتظرك جمهورك في شاشة رمضان ولكنك لم تسجلي حضورك في أي عمل تلفزي... هل انتهى رصيدك!!؟ لقد انشغلت بمشروع مسرحي بصدد التحضير، أحبّذ عدم كشف خطوطه العريضة الآن، ووصلني كذلك اقتراح لأداء دور في فيلم أجنبي من انتاج شركات طارق بن عمار. فضلا عن انتهائي من تصوير مشاهدي في فيلم ايطالي أظنه سيخرج إلى القاعات في أوروبا قريبا... لقد أصبح حضورك في الأعمال الفنية الأجنبية أكثر من نظيرتها المحلية... هل انتهى زمن «شوفلي حلّ» ومرّت خديجة السويسي إلى الانتشار العالمي؟؟ (تضحك)... مشاركة أو اثنتان في أفلام أجنبية لا تعني أنني أصبحت عمر الشريف: يجب أن نكون واقعيين وألاّ نخدع أنفسنا... (ايجا نقلك)... هل تذكر ذلك «الوليّد» التونسي الذي شارك في فيلم «حرب النجوم» غداة تصويره في مطماطة؟! أين هو الآن... لقد أخذوه معهم إلى هوليود ونسيه الاعلام التونسي، ونسي هو بدوره بلاده لأنه أصبح نجما..! إن النجومية العالمية وهم كبير، وأنا لحسن الحظ اكتشفت هذه الحقيقة منذ وقت مبكر على خلفية سفري المتواصل واشتغالي لفترة طويلة في الخليج. في الغرب لديهم صناعة النجوم، أما نحن فلدينا احباط النجوم... هل تشاطرين هذا الرأي؟؟ موش احباط بأتمّ معنى الكلمة... فنحن «ناكلو ونشربو وداخلين ببّوشتنا»؟ وأنا شخصيا نكره الغربة وكل طموحي أن أشارك أبناء وطني لحظات الفرح والسعادة والأمل والبأس والاحباط كذلك. أقول هذا رغم أنني لا أمانع في قبول أدوار في أفلام أجنبية اذا كنت أعاني ضائقة مالية ومرهونة لدى البنوك!! قلت في اجابتي السابقة بأنكم «تاكلو وتشربو وشادين ببوشتكم»... هل هذا هو مفهوم الفنّ لديك... وهل يتلخص دور الفنان في الأكل والشرب وشدان الببوشة؟؟! ما قلته كان مجرّد كلمات مستوردة من القاموس اللغوي الشعبي للتونسيين... انه كلام نقوله في موضع ودون موضع للدلالة على شيء مغاير تماما... بمعنى أنني لم أقصد بأن الفنان مطالب بالأكل والشرب والركشة بل قصدت بأنه يأكل ليعيش وليس يعيش لكي يأكل مثلما يفعل أناس آخرون. إن الفنان في تونس برتبة مقاوم يناضل يوميا في وجه الرتابة والميوعة والتطفل والرجعية والانبطاح والانبتات، غير أنه أصبح يصطدم يوما بعد يوم بامتلاء الساحة الفنية بأناس لاعلاقة لهم بالفنّ «يعيشوا باش ياكلو» حتى وان كلفهم ذلك الانبطاح والدوس على كل القيم والمبادئ. هؤلاء كيف يستمدون شرعية تواجدهم في الساحة الفنية؟؟ والله هذا السؤال وجهوه لهم عساهم يبوحون لنا بالسرّ الكامن وراء تواجدهم وتكاثرهم غير الشرعي على مرأى ومسمع من الجميع. صدقني لقد أصبح الفنانون المحترفون مهددين في أرزاقهم، وقد أحيل عدد كبير منهم إلى البطالة بسبب ظهور نموذج جديد من «الفنانين» الذين يفتقرون للتكوين الأكاديمي والموهبة ميزتهم الوحيدة أنهم مستعدون لتقديم شتى ضروب التنازلات في سبيل الوقوف أمام الكاميرا أو فوق خشبة المسرح... انها مهزلة بكل مافي الكلمة من معنى. حتى المخرجون لم ينجوا من موجة الاحالة على البطالة... ولنأخذ مثال «دار الخلاعة» الذي حافظ على عدد من نجوم شوفلي حل ولكن مهمة اخراجه أوكلت للمخرج المساعد فأساء لنفسه وللعمل ولثلة من ألمع الممثلين على غرار لطفي الدزيري وكمال التواتي ومحمود الأرنؤوط وآمال سفطة التي لم أعرفها في المسلسل لفرط ما شوّه المخرج دورها وهمّش وجودها!! صدقني لقد أصابني الذهول عندما علمت بأن المخرج المساعد هو من أخرج العمل وأشرف على كل تلك الكوكبة من النجوم. ألم تسمعي بضرورة اتاحة الفرصة لمواهب جديدة في شتى الميادين الفنية وغيرها؟؟! نعم لاتاحة الفرصة للمواهب الجديدة في مجال الفنّ ولكن شريطة أن تتوفر فيها أدنى شروط المعرفة والدراية والتكوين والموهبة. إن المواهب الجديدة التي يجب أن تتاح لها الفرصة هم خرّيجو المعهد العالي للفن المسرحي وليس سكريتيرة في المطار أو عارضة أزياء، أو تاجر شاءت الأقدار أن يجد نفسه في معمعة التمثيل دون أدنى دراية بدنيا الفنّ. أراك من المدافعين عن أبناء المعهد الأعلى للفن المسرحي... هل لأنك خريجة تلك المؤسسة؟ بالطبع... فأبناء المعهد هم أكثر الناس أهلية للتمثيل بما أننا نتحدث عن صناعة درامية. ومثلما لا نستطيع أن نقول للمهندس عالج المرضى، أو نقول للطبيب صمّم المباني وشيد العمارات... فإننا يجب ألا نقول لكل هؤلاء مثلوا مادام هنالك ممثلون حاملون لدبلوم وموهبة وينتظرون أول فرصة تتاح لهم لكي يفجروا طاقاتهم، يجب أن يطرق المخرجون والمنتجون والمسؤول عن الكاستينغ الأبواب الصحيحة. وجود هؤلاء «المتطفلين» هل هو ضريبة البحث عن المواهب الصاعدة أم هو ضرورة حتمتها المعايير الاعتباطية لانتقاء الممثلين؟؟ كل الفرضيات متاحة... فأحيانا يكون المخرج مخطئا في اختيار هذا الشخص أو ذاك وأحيانا أخرى يتم الاختيار وفق قناعات ومعايير يعلمها الجميع ولاداعي هنا لتكرارها. بما أنك صاحبة شركة مسرحية... ماذا جنيت من هذه المغامرة... وهل أثرى تكاثر هذه المؤسسات المشهد المسرحي والثقافي عموما في بلادنا؟؟! الفنان يتطلع دائما لبلوغ أقصى مستويات النجاح وتحقيق كل ما يمكن تحقيقه من أحلام، واذا لم يدرك ذلك من خلال التمثيل فإنه سيتطلع حتما لدخول معمعة الانتاج، وهنا بالضبط تسقط كل الأقنعة ويصبح من السهل التمييز بين الفنان وبين التاجر في اللعبة المسرحية. فأنا مثلا أنفق على الأعمال التي أنتجها بسخاء بهدف تقديم منتوج ثقافي يستجيب لانتظارات الجمهور. وقد اضطررت في أوقات كثيرة للاقتراض والتداين بهدف الانفاق على مسرحياتي وتسديد كاشيات الممثلين والمخرجين والتقنيين بالاضافة إلى مصاريف النقل والأكل والتمارين وغيرها. إن امتلاك مؤسسة مسرحية خاصة في بلادنا يعني قبول التحدي بغض النظر عما سيسفر عنه من نتائج سواء كانت ايجابية أو سلبية. ما حكاية مسرحية «حكاية ما تحكاتش» التي بلغ صداها دولا أوروبية دون أن نرى لها وجودا في تونس؟؟! هذه المسرحية حكايتها حكاية: لقد أرسلت طلبة من المعهد الأعلى للفن المسرحي على نفقتي لكي يتكوّنوا في فرنسا وفق تقنيات «كوميديا ديلارتي»، وقد نالوا خلال تربّصين متتاليين نصيبا وافرا من النجاح والخبرة ثم عادوا إلى تونس، فعمدت إلى استدعاء ممثلتين واحدة من ايطاليا وأخرى من اسبانيا لكي يشاركا في عمل مسرحي أردته أن يكون ذا خصائص كونية يخاطب الانسانية جمعاء... وبدأت التمارين بكل ما تتطلبه من مصاريف وكريديات، ثم انتهينا من المسرحية وقمنا بعرضها على لجنة التوجيه المسرحي ونلنا التأشيرة ولكننا لم ننل الدعم أبدا.. فعادت الممثلتان إلى بلديهما وواصلتا دراستهما وتخرجتا وأصبحتا نجمتين... وواصل أبناء المعهد الأعلى دراستهم وتخرجوا... وها أننا ننتظر إلى حد الآن الدعم المنشود!! لقد بتّ أخجل من الاجابة على اتصالات الممثلتين الاوروبيتين اللتين مازالتا تنتظران إلى حدّ الآن عرض هذه المسرحية أمام الجمهور العربي والأوروبي!! هل عرفت الآن لماذا سميتها «حكاية ماتحكاتش»!. وماذا عن الممثلين الذين اشتركوا في مسرحية «قبل حين» والذين اتهموه بالتحيل عليهم؟؟! هؤلاء الممثلون كنت قد دلّلتهم وأنفقت عليهم من دم قلبي ولم أبخل عليهم بشيء، ووفرت لهم شتى ظروف العمل اللائق بشهادتهم لأنني كنت متأكدة بأن المسرحية ناجحة وسوف تعوضنا عن كل المال الذي أنفقناه، وقد كان من المنتظر أن نعرض المسرحية على مدى سنتين وفق ما ينص عليه العقد المبرم بيننا غير أنني فوجئت ببعض الممثلين وهم يغدرون بي ويمتنعون عن الحضور في العرض، وقد انطلقت الحكاية عندما تمت برمجة عرض لنا في تظاهرة 24 ساعة مسرح في الكاف. وقبل يوم من ذهابنا اتصل بي عنصران من الفريق وطلبا تمكينهما من بعض المستحقات المتخلدة بذمتي فضربت معهما موعدا وذهبنا سويا إلى البنك فلم أجد رئيس الفرع وبالتالي تعذر علي سحب المال بسبب عدم وجود رصيد، وعندما اضطرت وطفقت أبحث عن حلول قال لي الممثلان المعنيان بأنهما يثقان فيّ وأن ليس هنالك أي اشكال بما أنهما اطمأنا على حسن نيتي ولمزيد تأكيد التزامي بسداد مستحقاتهما ضربت لهما موعدا من الغد لكي يأخذا مالهما قبل الذهاب للكاف للانطلاق في العرض فوافقا... وجاء الغد فجهزنا أنفسنا للسفر للكاف وظللنا ننتظر الممثلين لفترة طويلة... وكنت كلما اتصلت بهم أخبروني بأنهم قادمون ولايفصلهم عنا سواء كيلومترات قليلة إلى أن أغلقوا هواتفهم، فأصابني الذهول، ولما اتصلت بسفيان الداهش قال لي بأن الفنانين مضربون كلهم عن العمل بسبب مستحقات زملائهم فأخبرته بأنني قد التزمت بوعدي وأحضرت المال إلا أنه بدا أبعد ما يكون عن التفاوض والتحاور، وقد اكتشفت لاحقا بعد انقطاع سلسلة عروضنا بأن عناصر المجموعة كانوا بصدد القيام بالتمارين الأخيرة لمسرحية جديدة سوف تعرض في اليوم ذاته أمام لجنة التوجيه، انه الالتزام في أجل معانيه!!! وماذا عن الشكوى التي تقدم بها هؤلاء الممثلون لوزارة الثقافة... ماهو مآلها؟؟! (مازحة)... لقد حكموا عليّ ب12 سنة سجنا!! شوف يا وليد لقد اتصلت بي وزارة الثقافة فاستظهرت لها بكل الوثائق التي تؤكد بأنني كنت منهارة نفسانيا ومريضة وغير قادرة على العمل لذلك عجزت عن سداد بعض مستحقات الممثلين، وقلت لها كذلك بأنني مستعدة لسداد أموالهم بمجرد أن أحصل على المال... ومنذ ذلك الحين لم تحدث أية مستجدات.