لقد قام الباجي قائد السبسي بتجربة تقليديّة وحاول أن يجمع أغلب الحساسيات السياسيّة والمنظّمات الوطنيّة حول وثيقة قرطاج عساه ينهض باقتصاد أنهكته التروكا وعبثت طوال ثلاث سنوات بأهمّ مقوّماته لكن فقد بان لكلّ ذي بصيرة أنّ الذين وقّعوا على وثيقة قرطاج يتلاعبون في مواقفهم وبدت الحكومة كالسفينة التي تتجاذبها التيّارات وتأكّد كلّ ذي عقل حصيف أنّ الكلّ له مصالحه الخاصة لا تتحقّق إلّا بإضعاف الحكومة وايقاف كلّ بوادر الإصلاح التي تسعى إليها في هذه الظروف الصعبة والغريب أنّ هذا يقع وللحكومة كلّ المعطيات التي تؤكّد هذه الخطّة الجهنّميّة لإضعاف الدول ولو أدّى ذلك لما قد يمسّس بالاستقرار التي يهدّد كيان هذه الدولة ولعلّ التهديد بالنزول للشارع وتجيّش الشعب لإيقاف قانون المصالحة هو أحد عناصر هذه الخطة لأنّهم لا يريدون تنمية ولا تشغيل بل يريدون إسقاط الحكومة وإن أمكن إسقاط الدولة كلّ هذا وغيره كثير لا تسعه هذه المساحة والمؤتمن على استقرار الدولة وأمنها والقيام بوظيفتها يتفرّج ولا يحرّك ساكنا وهذا الموقف ترك أغلبيّة الشعب في حيرة من أمره يتساءل هل هنالك دولة هل هنالك قانون هل هنالك دستور ؟أمام ما يعيشه يوميّا من تطاول وخروج عن روح المواطنة واستعمال كلّ الوسائل للإساءة و التمرّد وشقّ عصا الطاعة مع تحريض واضح على من اختارهم الشعب لتسيّر دواليب الدولة لفترة معيّنة ألا يعدّ هذا إخلالا واضحا من الذين ائتمنهم الشعب على الحكم؟ أليس هذا تسيّب من الدولة التي يمنحها الدستور قوّة القانون ويجعل منها الطرف الوحيد الذي له أن يستعمل القوّة لتأمين مصالح المواطنين فلماذا هذا التراخي في القيام بالواجب المقدّس ألا تعلم يا سي الباجي أنّ التونسيّن سيحاسبونك إذا أصاب هذه الدولة مكروه ألا يتحرّك ضميرك وأنت ترى وتسمع من يجاهر بتجاوز الدستور والقوانين ويهدّد بتجيّش الشارع وتعطيل مصالح الناس بدون أن نسمع منك أو من الحكومة تذكير بالانضباط ولو بالكلام ألهذا الحدّ هم على صواب وأنت وحكومتك وأغلبيّة جلس النواب على باطل بالله عليكم قولوا لنا إن كان هذا صحيح حتّى ندافع عن أنفسنا ومكاسبنا ودولتنا إنّ ما نسمعه يوميّا فاق كلّ التوقّعات ولا يمكن وصفه إلّا بلغة لا أقلها إذ تأباها الأخلاق. لا تنسى يا سي الباجي أنّ الشعب ائتمنك فحافظ على هذه الأمانة حتى تسلّمها لمن سيأتي بعدك وتكون بذلك قد انسجمت مع ما دعا إليه سبحانه وتعالى من ردّ الأمانات لأهلها فبمواقفك هذه سوف لن تبقى أمانة فما بالك بردّها .كفانا كلاما كفانا دروسا كفانا ضعفا كفانا تسيّبا أقول هذا وقد علمت أنّك ستخاطب الشعب يوم الاربعاء فبالله عليك قل له الحقيقة .قل له أنّك موجود لحماية الدولة قل له أنّ الدولة ما زالت قائمة فالشعب في حيرة يا رئيس الدولة والشعب بدأ يفقد الثقة يا رئيس الدولة. الشعب يدعوك لاستعمال ما يخوّله لك القانون يا رئيس الدولة وأنت تعلم وقد خبرت هذا الشعب من سنين فسوف لن يقول لك اذهب أنت وربّك فحاربا فها نحن هنا قاعدون بل سيقف إلى جانبك كما عهدته وما بالعهد من قدم. صارح النساء وصارح الشباب وصارح جحافل المواطنين الذين مكّنوك من أن تكون على رأس هذه الدولة وقل له على الأقلّ أنّ الدرس إنتهى وأنّ القانون هو الفيصل في المستقبل ألهذه الدرجة أصابك العجز قل لنا الحقيقة فقد أصابنا الإحباط.؟