هو مدرب رحالة.. أشرف على حظوظ فرق كثيرة من شمال البلاد الى جنوبها.. وخاض معارك شرسة مع أندية النخبة بسبب تدريبه للفرق الأربعة الكبار.. وهو ما جعله يفقه جيدا معنى الاحتراف.. ويفهم بشكل مبكر نسبيا بأن الكفاءة التي لا تجد حظها في تونس أندية الخليج أولى بها لذلك شد رحاله منتصف التسعينات الى منطقة البيترو دولار حيث تقلب بين عديد الأندية من الامارات العربية الى المملكة السعودية وترك بصمته جلية للعيان وأثبت بأنه قادر على فرض أسلوبه وقول كلمته في كل مكان تطؤه قدماه ولكن ماذا عساه يفعل وقد طاردته لعنة الحظ العاثر في عديد المحطات ولخبطت أوراقه وجعلته يشحذ سيوفه لكي يعود الى منصات التتويج بكثير من الإصرار والأمل. هو باختصار شديد.. رجل يخفي بين تجاويف هدوئه ثورة لا حدود لها.. ويخبئ وراء خجله جرأة وثقة مفرطة في النفس.. وبين الهدوء والخجل جسر من الطموح والأمل يربط بين ضفتي الموجود والمنشود. «أنا لست إلاها أقول للشيء كن فيكون.. ولكنني أومن بقدرة العمل الجاد على تغير كل الثوابت»!! هكذا حدثنا المدرب مراد محجوب قبل أن نغرق معه في بحر السؤال والجواب.. البطولةالوطنية، كأس شمال افريقيا، كأس تونس.. ثلاث واجهات على طاولة الافريقي فما مدى جهوزية الفريق لهذا السباق الماراطوني؟؟ النادي الافريقي يتدرب الآن وفق نسق تصاعدي يتماشى وطبيعة الرهانات التي تنتظره ويمكن القول بأن الافريقي لديه اسلوب لعب واضح ولديه في المقابل أهداف يسير نحو تحقيقها بخطى ثابتة وحثيثة وقد حكمت عليه جملة هذه الأهداف بالخضوع لروزنامة مقابلات متقاربة جدا زمنيا حتى أننا خلنا أنفسنا في أوروبا وليس في تونس. تصور أنني كنت قد تلقيت رزنامة فيها سبع لقاءات مبرمجة لثلاث أسابيع فقط!! ما هذا!! حتى في أوروبا يتم الأخذ بعين الاعتبار للالتزامات الداخلية والقارية للأندية! هل ترى بأن النادي الافريقي قادر على مجابهة ضغط المقابلات المتلاحقة؟ وهل لديه الزاد البشري اللازم لتأمين حضور ناجح في شتى الرهانات التي تنتظره؟ بصراحة لا يوجد أي فريق في تونس قادر على لعب سبع مقابلات في ثلاثة أسابيع فقط.. هذه حقيقة لا غبار عليها لذلك من البديهي جدا أن نلتمس تأخير بعض اللقاءات المحلية حتى نستطيع التوفيق بين شتى المسابقات التي نخوضها. (يصمت قليلا ثم يواصل).. ضغط ثلاث أو أربع مقابلات مقبول ولكن سبع مقابلات لا يمكن قبوله أبدا.. «كثر م العسل يمساط» فالفريق يتكون من بشر لهم استعدادات بدنية ونفسانية معينة وكل اجحاف من شأنه أن يؤثر بالسلب على الفريق برمته. إننا نساند اللعب في نسق عال لأن ذلك سيرفع في مستوى اللعب الى أعلى درجاته.. ولكن في المقابل نرفض أن يتحول المستوى العالي الى استنزاف للفريق. منذ قدومك للإفريقي ظهر الفريق بوجه جديد.. هل هو أثر الرجة النفسية أم أثر اللمسة التكتيكية لمراد محجوب؟ (باستهزاء).. إن أثر الرجة النفسية يتجلى من خلال الحماس والاندفاع وليس من خلال اللعب المنظم والمدروس فوق الميدان! وما أظهره الافريقي طيلة مقابلاته الأخيرة يعكس التزاما قويا بأسلوب لعب وتكتيك واضحين وهذا انعكاس حتمي لأسلوب مراد محجوب الذي بدأ يتجلى ميدانيا.. لقد بدأت أفكارنا تظهر وسوف نسعى للمحافظة على هذا النسق مع تدعيمه بخيارات تكتيكية اخرى لمنح أوفر حظوظ النجاح للفريق. هل وجدت مشاكل غداة تسلمك للفريق تعيق تمرير أفكارك؟؟ هل كانت الأرضية ملائمة لزرع روح جديدة في اللاعبين؟ بكل صراحة ووضوح.. لقد وجدت ملاعبية ولم أجد فريقا..! كيف ذلك؟ لقد كانوا فريقا غير جاهز بدنيا ويفتقر للتناسق والانسجام داخل المجموعة فالكل يميل للعب الفردي على حساب اللعب الجماعي وهو ما جعل من الفريق يدور في حلقة مفرغة لا تفضي لتجسيد مجهود اللاعبين بشكل ايجابي على أرض الميدان وقد ادركت منذ تسلمي لزمام الأمور بأن الافريقي يحتاج الى نسيج تكتيكي جديد يلم شمل اللاعبين فوق الميدان ويحول مهاراتهم الفردية الى لعب جماعي قادر على تحقيق الاضافة للفريق والوصول به الى أعلى مستويات التنافسية. ألم تكن خائفا من التحدي لدى قبولك عرض الافريقي في فترة حساسة من تاريخه تقتضي جلب لقب على الأقل لحفظ ماء الوجه؟ النادي الإفريقي فريق عريق وقدره أن يتحدى الجميع وأن يسجل حضوره في شتى الرهانات. ولعل نقطة قوته الكامنة في اتساع قاعدته الجماهيرية تصبح احيانا نقطة ضعف ووهن يخشاها المدربون واللاعبون والمسيرون على حد السواء.. فخلايا الأحباء منتشرة في كل مكان وفي كل رقعة من تراب الجمهورية وحتى خارجها.. وضغط الجمهور موجود دائما.. وكل ما نرجوه ونصبو اليه هو تحويل هذا الضغط الى عامل من عوامل الدفع نحو الأمام لا الجذب نحو الخلف. وعموما يبقى تدريب الافريقي مبعث فخر وشرف كل مدرب. فجر الذوادي خلال اللقاءات الأخيرة طاقة كبيرة وأصبح يلعب بأكثر تحرر وثقة في النفس.. هل هي اللمسة السحرية لمراد محجوب؟ ليس هنالك سحر بل هنالك عمل متواصل.. وعلاقة تفاعلية بين اللاعبين من جهة وبينهم وبين الاطار الفني من جهة اخرى وقد انعكس هذا التواصل والتفاعل بالايجاب على أداء المجموعة وأداء الأفراد داخل المجموعة. يخضع الذوادي لعقوبة تحتم عليه مغادرة التشكيلة في اللقاء القادم.. هل لديكم البديل؟ يتوجب علينا ايجاد البديل حتى يواصل الفريق توازنه وتناغمه. هل ستبعثر عقوبة الذوادي أوراقك خاصة بعد أن أصبح اللاعب نقطة لا غنى عنها في رسمك التكتيكي؟ صحيح أن للذوادي وزنه في النادي الافريقي وحضوره يعتبر أمرا أساسيا ولكن بقدرة ربي سوف نتمكن من ايجاد البديل اللازم حتى لا تتلخبط الأمور وسوف أتيح الفرصة للاعبين آخرين حتى يكشفوا النقاب عن حقيقة كفاءاتهم ويفجروا طاقاتهم ويثبتوا للجميع بأن بنك الافريقي جاهز لكل التحديات. الكأس والبطولة.. أيهما الأقرب الى حديقة القبايلي؟ لو بدأنا البطولة باكرا ودخلنا في أجواء الانتصارات منذ الجولات الأولى لكان بإمكاننا القول بأن البطولة لن تفلت أبدا منا ولكن الوضع مختلف الآن، وهذا يجعلنا نستهدف الكأس في المقام الأول ونبذل جهدنا لجني ثمار البطولة في الآن ذاته. إن الافريقي يلوح حاليا أفضل فريق في تونس على مستوى الأداء والجهوزية وهذا ما يجعلني أقولها صراحة: سوف ترون النادي الافريقي هذا الموسم في ثوب جديد وشكل مغاير تماما للمواسم السابقة. قرعة الكأس وضعتكم أمام النجم الساحلي.. هل تعقدت المهمة؟ عندما تخوض مغامرة الكأس يجب عليك أن تنتظر كل المفاجآت وأن تكون جاهزا لكل المقابلات بنفس الروح الانتصارية فلا فرق بين فريق صغير وآخر كبير في الكأس.. ومرحبا بالنجم الساحلي أو غيره.. بماذا تعد جمهور الافريقي؟ أعده ببذل كل ما بوسعي لإعادة الفريق الى سكة التتويجات.. وبقدرة ربي سوف يكون هذا الموسم مرحلة تأسيسية ستسفر (بغض النظر عن الألقاب) عن انجاب فريق قادر على اعادة أمجاد الافريقي على مدى السنوات القادمة.