الوطن القبلي...إنتاج وتحويل الطماطم.. آفاق واعدة... وإشكاليات «مزمنة»!    صحيفة "بيلد" الألمانية: ترامب سيعقد اجتماعا منفصلا مع زيلينسكي قبيل الاجتماع مع قادة أوروبيين    برنامج الجولة الثالثة للبطولة الوطنية (س 16 و30 دق)    مقداد السهيلي: لأول مرة تعرض التلفزة المصرية حفلة في مهرجان قرطاج مباشرة لأن أم كلثوم في اللعبة    تاريخ الخيانات السياسية (49)...توزون يفقأ عيني الخليفة المتّقي    حكايات وحِكم.. يجود علينا الخيّرون بمالهم.. ونحن بمال الخيّرين نجود    استراحة صيفية    رجة أرضية قوية تهز ولاية تبسة الجزائرية    نيجيريا: فقدان أكثر من 40 شخصاً في حادث غرق قارب شمال البلاد    مع الشروق : اتجار بالبشر أم اتجار بالخبر؟    ملتقى لوفان البلجيكي لألعاب القوى.. العيوني يحصد فضية سباق 800 متر    وكالة السلامة السيبرنية تدعو الى الانتباه عند استعمال محركات البحث التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي    وصول الفنانة الإماراتية أحلام إلى تونس    أخبار الحكومة    الحراثي: الاتحاد يساند المشروع الوطني    بمكاتب مفتوحة في الغرب ومغلقة في الشرق: انتخابات البلديات في ليبيا تفضح الانقسام    'فيلم رعب' بأحد أسواق مصر.. اشتباكات مسلحة ورصاص كالمطر    أنغام لا تزال تعاني.. تطورات جديدة في حالتها الصحية    عاجل/ من أجل الايهام بجريمة: بطاقة ايداع بالسجن في حق شاب..    أفروبسكيت 2025 – المجموعة الثانية: نيجيريا تحسم الصدارة أمام الكاميرون    إثر فشل مفاوضات جنيف برلمانيو التحالف الدولي يقررون مواصلة مقاومة "منسقة" للتلوّث البلاستيكي    تقديم مطالب السكن الجامعي وتجديد السكن بالنسبة لديوان الخدمات الجامعية للجنوب ينطلق بداية من 20 أوت إلى غاية 30 سبتمبر المقبل    تطاوين: انطلاق صيانة الطريق المحلية عدد 994 ضمن برنامج وزارة التجهيز السنوي لصيانة الطرقات المرقمة    بن عروس : أنشطة متنوعة وعروض فرجوية في الدورة الجديدة لمهرجان الشباب    عاجل/ إيقاف المعتدين على حافلة وعربة المترو 6..    المقاومة اليمنية تستهدف مطار اللد بصاروخ باليستي فرط صوتي    عدد من المصابين في إطلاق نار بحي يهودي في نيويورك    استعدادات حثيثة لانجاح الدورة 32 للمهرجان الدولي بسيدي علي بن عون    عاجل: مهرجان ڤرمدة يعلن إلغاء عرض صوفية صادق ...الأسباب    بعد اصطدام قوي: فهد مسماري يخضع لفحوصات طبية تطلب راحة لهذه المدة    نفقة مليونية وقصر فاخر.. اتفاقية طلاق تسبق زواج رونالدو وجورجينا    عاجل/ القبض على 67 متهما بتصنيع وترويج المواد الكحولية التقليدية في الكويت..    من قصر هلال إلى العالم: منتجات نسيجية تونسية تهزم المستورد وتغيّر حياة ذوي الإعاقة    نبتة رخيصة الثمن تحمي من السرطان وتخفض ضغط الدم: تعرف عليها    أكثر من 804.8 ألف تونسي تحصلوا على قرض من مؤسسات التمويل الصغير    الترجي الرياضي: البرازيلي رودريغو يرحل و الجزائري بوعالية يقترت و سان يواصل المشوار    رئيس النادي البنزرتي: نستغرب تصريحات سفيان الحيدوسي وسنحترم قراره الرحيل عن النادي    عاجل: أزمة جديدة بين البرازيل وأمريكا بسبب رسوم على العنب    هل السباحة ممكنة خلال اليومين القادمين؟..    صادرات تونس من الغلال تجاوزت 96 مليون دينار مع منتصف شهر اوت    عاجل: إنهاء مهام مسؤول في تنظيم الحج والعمرة    مخبر النسيج بمعهد الدراسات التكنولوجية بقصر هلال يقوم بتسجيل 40 براءة اختراع 3 منها خلال السنة الجارية (مديرة المخبر)    كميات الأمطار المسجّلة في تونس خلال 24 ساعة الأخيرة    تاكلسة: وفاة شاب في حادث مرور    تيمور تيمور غرق وهو ينقذ ولدو... وفاة صادمة للفنان المصري    أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي يسلّط الضوء على دلالات الأرقام الجديدة للنمو والتشغيل    محمد الجبالي يلمّح إلى تشابه لحن بين أغنيته وفضل شاكر    ورشات في التحليل السينمائي من 20 الى 23 اوت القادم بمنزل تميم    قبل ما ترقد، تستعمل التليفون.. أما تعرف شنوّة تأثير الضوء الأزرق عليك؟    عاجل: الصوناد توفرلكم خدمة رسائل قصيرة لمتابعة فواتير الماء    الحرارة بين 29 و40 درجة: تقلبات جوية مرتقبة بعد الظهر...بهذه المناطق    عاجل: اضطراب في حركة المرور نحو جربة والوزارة توضّح الطرق الممكنة    نقل تونس: فتح محضر في حادثة تهشيم بلور إحدى الحافلات الجديدة    دقاش توزر: مواطنون يستغيثون: محطات النقل .. معاناة في الصيف والشتاء    حجز 4 محركات ضخ وقوارير غاز منزلية بمنطقة الزقب بأوتيك..    طقس اليوم: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار أحيانا غزيرة بهذه الجهات    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الباري عطوان يكتب لكم : هل الحَرب بين إيران وإسرائيل باتت وَشيكَةً؟ وكيف سَتكون..
نشر في الصريح يوم 13 - 02 - 2018

العناوين الأبرز لمُعظم الصُّحف ونَشرات الأخبار في مَحطّات التَّلفزة الإسرائيليّة في اليَومين الماضيين، تُؤكّد أن المُواجهة الكُبرى مع إيران باتت مَسألةَ وقت، لأن إسرائيل لن تَقبل بوجود قواعدَ إيرانيّةً على حُدودها، وذهب يؤاف غالانت، وزير البناء والإسكان الإسرائيلي، إلى درجة المُطالبة “بتَفكيك مُثلّث الشَّر المُكوّن من إيران وسورية وحزب الله”.
هذهِ العَناوين لا تَعكِس شُعورًا بالقُوّة، بقَدر ما تَعكِس حالةً من القَلق والرُّعب دَخلت مَرحلة الهيستيريا، وكُل هذا بسبب تَسلّل طائِرة بدون طيّار “درونز” إلى أجواء الجليل الأعلى المُحتل، وإسقاط طائِرة تُعتبر الأكثر تَقدّمًا في التَّرسانة العَسكريّة الإسرائيليّة بصاروخ سوري قَديم انتهى عُمره الافتراضي، وأصبح خارِج الخِدمة عَمليًّا مُنذ السبعينات.
إسقاط طائِرة “إف 16” الإسرائيليّة في نُسخَتها المُعدّلة والمُتطوّرة تكنولوجيًّا وعملياتيًّا، نُقطة تحوّلٍ عسكريٍّ رئيسيّة تُذكّرنا بإسقاط صاروخ سوفييتي أرض جو من طِراز “S_75” لطائِرة تجسّس أمريكيّة من نوع “U2” في الأجواء السوفييتيّة في أيّار (مايو) عام 1960 في ذَروة الحَرب البارِدة بين القوّتين العُظميين، وفي زمن أقوى زعيمين فيهما، دوايت آيزنهاور (أمريكا)، ونيكيتا خروتشوف (الاتحاد السوفييتي) إسقاط طائِرة التجسّس الأمريكيّة المُتطوّرة والاستيلاء على أجهِزَتها كان ضَربةً قويّةً لأمريكا كَلّفتها عَشرات المِليارات من الدولارات في حينها، لاضْطِرارها إلى بِناء طائراتِ تجسّس جديدة بأجهزة جَديدة لا يَعرِف السوفييت أسرارها.
هذهِ هي ثالِث طائِرة من طِراز “إف 16” تَسقُط في الأجواء العربيّة، الأولى مَغربيّة في أجواء اليمن أسقطها الحوثيون، والثانية أُردنيّة كان يَقودها معاذ الكساسبة، وأسقطها مُقاتلو “الدولة الإسلاميّة” في أجواء العِراق، أمّا الثالثة والأهم فهي الإسرائيليّة بصاروخٍ سوريّ.
***
الطائِرتان المغربيّة والأُردنيّة من النَّوع القديم الذي خَرج من الخِدمة، على عَكس الطائرة الإسرائيليّة الحديثة والمُتطوّرة، ولهذا فإنّ قيمة هذهِ الطَّائرة وسُمعتها في الأسواق العالميّة العَسكريّة قد تَنهار تمامًا، مِثلما نجحت صواريخ “حزب الله” في تَدمير سُمعة دبّابة “المِيركافا” التي نافَست نَظيراتها الألمانيّة (ليوبارد) والأمريكيّة (أبرامز)، ودَفعت دولة مِثل الهند للتقدّم بِشراء صفقة كُبرى من نَوعِها (ميركافا) بحَواليّ مِلياريّ دولار، كمُؤشّرٍ على تَدهور سُمعَتِها وجاهِزيّتِها.
إيران لن تَنسحب من سورية، لأنّها لم تأتِ إليها غازية، بل بدَعوةٍ من حُكومتها، حارَبت على أرضِها ما يَقرُب من السِّت سنوات، قدّمت خِلالها تضحياتٍ بشريّةٍ وماديّة ضَخمةٍ، ولَعِبَت دورًا كبيرًا في بَقاء الدولة السوريّة ورئيسها، في مُواجهة مُؤامرة أمريكيّة وإقليميّة غير مَسبوقة، والشيء نَفسه فَعله “حزب الله” اللبناني ذِراع المُقاومة العَسكري الضَّارب في لبنان والمِنطقة، ومُطالبة وزير إسرائيلي بِتَفكيك هذا “المُثلّث” وإعادة إيران وقُوّاتها إلى داخِل حُدودها، تَعكِس سذاجة سياسيّة ووقاحة فَجّة في الوَقت نَفسِه.
حتى لو افترضنا نَظريًّا، وسايَرنا التَّهديدات الإسرائيليّة التي وَردت على ألسِنة الجِنرالات وكِبار السِّياسيين في تل أبيب، وسَلّمنا بأنّ احتمالات الحَرب بين إيران وإسرائيل باتت مَسألة وَقت، فأينَ سَيكون مَيدانها؟
هناك احتمالان في هذا الصَّدد يجب أخذُهما في عَيْنْ الاعتبار:
الأول: أن تقوم إسرائيل بإرسال طائِراتها لقَصف إيران ومصالحها الحيويّة، ومَحطّاتها النوويّة، وبُناها التحتيّة الاقتصاديّة والعَسكريّة في عُدوانٍ مُباشِر.
الثاني: أن تكون هذهِ الحَرب بالإنابة على الأراضي السوريّة واللبنانيّة.
الاحتمال الأول ضعيف، لأن إيران تَبعُد عن فِلسطين المُحتلّة بأكثر من ألفيّ ميل تقريبًا، وهِي بمَثابة شِبه قارّة، ولو تَمْلُك القِيادة الإسرائيليّة أي أمل ولو بَسيط في النَّجاح، وهِي التي هَدّدت بقَصف إيران وتَدمير مُنشآتِها النوويّة طِوال السنوات الثمانية الماضية، لفَعلت ذلك دون تَردّد، ومن هُنا فإنّ الاحتمال الثَّاني هو الأكثر تَرجيحًا ولكن هُناك مَخاطِر جَمّة.
أوّل هذهِ المخاطِر الوجود الروسي والسياسي والعَسكري القوي، ولا نَعتقد أن الرئيس فلاديمير بوتين سيَسمح لإسرائيل بتَدمير أبرز إنجازاته الاستراتيجيّة في سورية، وثانيها أن هُناك مِئات آلاف من الصَّواريخ ستَضرب العُمق الإسرائيلي وتَدمير المُدن الرئيسيّة فيه، فإذا كانت طائرة إيرانيّة مُفترضة بدون طيّار (درون) قيمتها 350 دولارًا اخترقت الحُدود وأدّت إلى إغلاق مطار بن غوريون لعِدّة ساعات، وفَتحت الملاجِئ في حيفا وتل أبيب، وإسقاط طائِرة إسرائيليّة في مِصيدةٍ جَرى نَصبها بإحكام، فكيف سيكون الحال عندما تَهطُل هذهِ الصَّواريخ العربيّة والإسلاميّة مِثل المَطر من لبنان وسورية وإيران وقِطاع غزّة؟ وثالثها عَودة الجيش العربي السوري الذي اكتسب خِبرة قِتاليّة عالية، وجَرى تطوير قُدراتِه العَسكريّة والتقنية وباتت جاهزيّته للحَرب أقوى من أيِّ وَقتٍ مَضى؟
إيران ليست بحاجَةٍ إلى بِناء قواعِد بحريّة أو جويّة في سورية، فكُل الأراضي السوريّة مَفتوحة لها، مِثلما هي مَفتوحة لمُقاتِليها وفصائِلها المُسلّحة الذين جاءوا من باكستان وأفغانستان ومُستعدّون للقِتال حتى الشَّهادة في أيِّ حَربٍ تَخوضها، خاصَّةً إذا كانت ضِد إسرائيل التي تحتل القُدس والمَسجد الأقصى.
مُفاجآة إسقاط الطائرة الإسرائيليّة بصاروخ قديم قد تكون قِمّة جبل الثلج التي تُخفي مُفاجآتٍ أُخرى أكثر خُطورةً وفاعِليّة عَسكريًّا، ولا نَستبعد أن يَكون هذا الصَّاروخ (إس 200) جَرى تطويره وتَحديثه من قِبَل الخُبراء السوريين والإيرانيين واللبنانيين لإيصال رسالة لإسرائيل تقول (ما خَفِيَ كان أعظم)، وإيّاكم أن تَختبِروننا فقد نُعيدُكُم إلى العَصر الحجري.
***
إسرائيل ربّما تَملُك ترسانةً عسكريّةً قويّةً ولكنّها لا تستطيع تدمير إيران التي تَفوقها حَجمًا بأكثر من خمسين مرّة، ولكن إيران وحُلفاءها يستطيعون تدمير إسرائيل، وبأسلحةٍ تقليديّةٍ فقط، فزَمن التفوّق الجويّ الإسرائيليّ الذي كانَ يَحسِم الحُروب ضِد العَرب قَد ولّى، وباتَ العُنوان الأبرز للفَوز في الحُروب، أو تجنّب الهَزيمة، فيها هو الصُّمود، وإطالة أمدها، والحِلف السُّوري الإيراني اللبناني الفِلسطيني (المُقاوِم) لم يَصرُخ أوّلاً، وفي كل حُروبِه السَّابقة، ولن يَصْرُخ أوّلاً في الحُروب القادِمة التي بات أكثر استعدادًا لها نَفسيًّا وعَسكريًّا.
أخطر ما في “إنجاز” إسقاط الطَّائرة أن إسرائيل فَقدت هَيبتها العسكريّة، أو جُزء كبير مِنها، وإعادة الثِّقة إلى الشارع العربي، والقُوّة إلى مِحور المُقاومة، وتَغييره لمُعادلات القوّة والرَّدع في السَّماء وعلى الأرض معًا، وكُل هذهِ التهديدات والأحاديث الإسرائيليّة عن إصابة 12 هَدفًا سوريًّا وإيرانيًّا في سورية، والتي رَدّدها بَعض العَرب للأسف، هو لِطَمأنة الرأي العام الإسرائيلي، ورَفع مَعنويّاته المُنهارة، ومُحاولة التَّخفيف من حِدّة الوَجع.
الحَرب في حال اشتعالِها بين مِحور المُقاومة، ولا نَقول إيران وَحدها، ودولة الاحتلال الإسرائيلي سَتكون إسرائيل هي الاختبار الحَقيقي والأخير لها، أي إسرائيل، ولا نَعتقد أنّها ستَجتازه بِنجاح هذهِ المَرّة، أمّا إيران وسورية ولبنان وفِلسطين فهِي باقِية ومَغروسة جُذورها في الأرض ومُنذ آلاف السِّنين، ولهذا تَحتَمِل “اختبارات” أُخرى.. والأيّام بَينَنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.