نظّم مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة " الكريديف " بالتعاون مع منظمة " فريدريش ايبرت " ندوة فكرية احتضنها نزل المشتل بالعاصمة صبيحة الأربعاء أعاد فيها من جديد الحديث في موضوع المساواة في الميراث بين الجنسين وواصلت من خلالها النقاش الذي بدأ منذ فترة داخل المجتمع التونسي بعد إعلان رئيس الجمهورية عن تكوين لجنة تعنى بالحريات الفردية والمساواة عهد إليها إعداد مشروع لتغيير أحكام المواريث التي نص عليها القرآن والسنة النبوية وقننتها مدونة الفقهاء بما يتلاءم مع ما شهده ويشهده المجتمع التونسي من تغييرات على مسوى وضع المرأة ومكانتها و في محاولة لمساءلة النص الديني وما استقر عليه الفهم الفقهي بعد أن عرف الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمرأة تطورا كبيرا مما منحها مكانة ووضعية جديدتين فرضت تغيير القوانين والتشريعات الموجودة. في هذه الندوة التي أثثها ثلة من الأساتذة الجامعيين والمهتمين بالشأن الديني كان من بينهم الدكتورة ألفة يوسف والدكتورة نائلة السليتي والدكتور محمد الحداد ومحمد الجويلي وغيرهم طرحت مسألة حاجة المجتمع التونسي المحكوم بعقلية ذكورية قديمة إلى قراءة جديدة للنصوص الدينية وإلى فهم معاصر لموضوع الميراث وتوزيع تركة الميت في اتجاه تحقيق المساواة بين الجنسين و بغاية تحقيق اجتهاد يواكب الراهن و يسمح بتجاوز ما استقر عليه الفقه التقليدي ويحقق العدالة والمساواة والإنصاف التي أرساها الإسلام حينما أحدث ثورة تشريعية في المجتمع العربي في زمن كانت فيه المرأة لا ترث وتعد من متاع البيت وتورّث مع أموال الميت فما فعله الإسلام بإقراره الأحكام التي أعطت للمرأة حقوقا جديدة ومنحتها نصيبا من ميراث الرجل سواء كان أبا أ زوجا او أخا هو أنه غير العقلية العربية ومهد لمسار طويل من أجل الوصول إلى المبتغى النهائي وهو إعطاء المرأة نفس حقوق الرجل والقضاء على كل أشكال التمييز بين الجنسين. وفي هذا المستوى من التفكير تعتبر الدكتورة ألفة يوسف أننا في حاجة إلى إعادة فهم لمسألة صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان إذ لا معنى لهذا القول إذا أقررنا أن النص الديني ثابت وأن الواقع متغير فقيمة الصلاحية تكمن في قدرة النص الديني على الإجابة على أسئلة الحاضر وأن يستوعب مشكلات العصر و يواكب لكل متغيرات الحياة الراهنة . وكذلك نحتاج إلى إعادة قراءة لقاعدة " حدود الله " التي يتكئ عليها دعاة منع الاقتراب من أحكام المواريث وتقديم فهم لها يجعل منها الحد الأدنى لا الحد الاٌقصى لما بلغته المرأة من حقوق بما يعني أن حكم للذكر مثل خط الأنثيين يمكن أن يفهم وفق مبدأ حد الله أنه الحد الأدنى الذي تحصلت عليه في ميراث الميت ولا شيء يمنع من سن قوانين وتشريعات تصدر من روح النص الديني وتمنح المرأة حقوق أكثر تكون هي الحد الأقصى الذي يحقق لها المساواة الدينية مع الرجل.