يسعى المسلمون إلى تحري ليلة القدر في أوتار الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان لينالوا الأجر العظيم في طاعة الله سبحانه وتعالى خلالها فهي ليلة بألف شهر وأرجى ما تكون هذه الليلة هي ليلة 27 رمضان، فيجتهدون فى العبادة والذكر، والتنبؤ بوقوعها مستدلين فى ذلك عليها ببعض العلامات، فليلة القدر من أبرز المناسبات الإسلامية المؤثرة فى وجدان المسلمين والمترسخة في عقولهم حيث يبقى لها بالذاكرة ترقب وحضور. وينتظرونها ويترقبونها فى كل عام في شهر رمضان، ومن يسر الله له أن يدعو بدعوة في وقت يوافقها كان ذلك علامة الإجابة، فكم من أناس سعدوا من استجابة دعائهم الذي دعوا الله به فى هذه الليلة، ومما ورد عن الرسول من دعاء في هذه الليلة. عن أمّ المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق، رضي الله عنها وأرضاها، أخرج الترمذي في السنن عنها أنها قالت: (قلت: يا رسول الله! أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ فقال - صلوات الله وسلامه عليه - قولي: اللهم إنك عفوٌ تحبُ العفوَ فاعف عنِّي). والمقصود أن هذا الدعاء العظيم هو من خير ما ندعو به في هذه الليلة، فمن يدعو به فقد حصلت أموراً طيبة: الأول أنك توسلت إلى الله جل وعلا بصفاته الكريمة، وذكرتِ من صفاته الجليلة صفتين عظيمتين: فالصفة الأولى العفوّ، وهو الذي يعفو ويغفر الذنوب ويسترها ويمحوها ويكفِّرها، بل ويبدلها حسنات بعد أن كانت سيئات، ثم بعد ذلك أكدت هذا الدعاء بقولك: (تحبُّ العفو)، أي أنك عفو وتحب العفو عن عبادك الضعفاء المذنبين؛ ثم صرحت بالدعاء فقلت: (فاعف عني)، فسألته جل وعلا أن يعفو عنك، وهذا العفو إن ناله العبد فقد ظفر بأعلى المراتب؛ لأن من عفا الله جل وعلا عنه فإنه لا يكتفي بأن يغفر ذنوبه فقط ولا أن يسترها عليه فقط، بل ويرفع درجاته ويُعلي مقامه؛ فإنه واسع العطاء كريم جل وعلا. فهذا الدعاء هو الثابت عن نبينا - صلوات الله وسلامه عليه - من تخصيص هذه الليلة بهذا الدعاء العظيم. وأما سائر الأدعية فيُشرع ويستحب فيها الدعاء، ولا تختص هذه الليلة بهذا الدعاء فحسب، ولكن ينبغي الإكثار من هذا الدعاء لنصِّ النبي صلى الله عليه وسلم، وأما سائر الأدعية من خيري الدنيا والآخرة فهذا ينبغي أيضاً الحرص عليه، لا سيما بما ثبت من أدعية وردت عن نبينا صلوات الله وسلامه عليه، منها: (رب أعني ولا تعن علي، وانصر لي ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى إليَّ، وانصرني على من بغى علي). (يا مقلِّب القلوب ثبت قلبي على دينك)، و(يا مصرِّف القلوب صرِّف قلبي على طاعتك) (اللهم إني أسألك اليقين والعافية) (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر).