رئيس الدولة يشرف على اجتماع بقصر قرطاج..    سوسة: سلاحف بحرية مهددة بالاندثار تخرج إلى شاطئ القنطاوي في مشهد نادر    المندوب العام لحماية الطفولة: فتح بحث قضائي في فيديوهات الأطفال بالمهرجانات... وتداول الصور دون إذن مخالفة صريحة للقانون    حملات لوحدات الشرطة البلدية تسفر عن القيام ب 54 عملية حجز    بنزرت/ حجز 5,45 طن من مادة الدلاع وإعادة ضخها في المسالك القانونية..    عاجل: زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب هذه البلاد    عاجل : واشنطن تُلزم بعض المسافرين بكفالة مالية ضخمة لدخول أراضيها    غزة: كندا تسقط مساعدات وتتهم دولة الاحتلال بانتهاك القانون الدولي    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن غوريون بصاروخ بالستي فرط صوتي    واشنطن تدين قرار وضع الرئيس البرازيلي السابق قيد الإقامة الجبرية    قناة السويس ترد على طلب ترامب بشأن المرور المجاني للسفن الأمريكية    الصربي ديوكوفيتش يعلن انسحابه من بطولة سينسيناتي الأمريكية للتنس    وزير الشباب والرياضة يُكرّم الجمعيات الرياضية الصاعدة ويؤكد على دعمها وتحسين ظروف عملها    هل السباحة ممكنة اليوم..؟!    يهم التوانسة...درجات الحرارة هكا باش تكون اليوم وغدوة    الثلاثاء: البحر مضطرب بهذه السواحل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    فنان الراب العالمي بلطي يروي قصص الجيل الجديد على ركح مهرجان الحمامات    فنان الراب العالمي بلطي يروي قصص الجيل الجديد على ركح مهرجان الحمامات    اكتشاف علاج واعد لأحد أخطر أنواع سرطان الدم    6 فوائد مذهلة للكمون ستجعلك تتناوله يوميا..    سلطات مالي تعلن تحرير 4 سائقي شاحنات مغاربة    من مسبح المرسى الى سماء العالمية ..أحمد الجوادي قاهر المستحيل    تاريخ الخيانات السياسية (36) ..المعتزّ يقتل المستعين بعد الأمان    أخبار الحكومة    المدير الجهوي للتجارة بنابل ل«الشرق» استقرار في التزويد.. وجهود لضبط الأسعار    بنزرت الجنوبية: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    تونس: تجميع أكثر من 11,7 مليون قنطار من الحبوب إلى غاية نهاية جويلية 2025    بلاغ رسمي للملعب التونسي    أخبار النادي الصفاقسي .. حصيلة ايجابية في الوديات.. وتحذير من الغرور    بعد إلغاء الحكومة لجلسات تفاوض حول النقل .. اتحاد الشغل يهدّد    شبهات التلاعب بالتوجيه الجامعي ..فرقة الجرائم المعلوماتية تلاحق الجناة    المنستير: تظاهرة "فنون العرائس على شاطئ روسبينا" في دورتها الثانية بداية من 15 أوت 2025    ليلة الاثنين: بحر مضطرب بالسواحل الشرقية والشمالية    النجم الساحلي يتعاقد مع الظهير الايسر ناجح الفرجاني    وزير السياحة: سنة 2026 ستكون سنة قرقنة    القصرين: سواق التاكسي الفردي يتوجهون نحو العاصمة سيرًا على الأقدام تعبيرا عن رفضهم للقائمة الأولية للمتحصلين على رخصة "تاكسي فردي"    بطولة افريقيا للشبان لكرة الطاولة بنيجيريا: المنتخب التونسي يختتم مشاركته بحصد 8 ميداليات منها واحدة ذهبية    مهرجان نابل الدولي 2025... تكرار بلا روح والتجديد غائب.    ماء في الكميونة يعني تسمم وأمراض خطيرة؟ رّد بالك تشرب منو!    التوجيه تحوّل لكابوس: شكون تلاعب بملفات التلامذة؟    أمطار وبَرَدْ دمّرت الموسم: الزيتون والفزدق والتفاح شنيا صار؟!    الدلاع راهو مظلوم: شنوة الحقيقة اللي ما تعرفهاش على علاقة الدلاع بالصغار؟    عاجل/ الإعلان عن موعد انطلاق "أسطول الصمود" من تونس باتجاه غزة..    والد ضحية حفل محمد رمضان يكشف حقيقة "التعويض المالي"..    سليانة: رفع إجمالي 275 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية    "روبين بينيت" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا وتعانق الحرية    وزارة الأسرة تؤمن مواكبة 1200 طفل من فاقدي السند ومكفولي الوزارة عرض La Sur la route enchantée ضمن الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي    عاجل/ خبير بيئي يفجرها ويكشف: مصب برج شكير كارثة..وعمره الافتراضي انتهى..!    إصابة عضلية تبعد ميسي عن الملاعب ومدة غيابه غير محددة    جريمة مروعة تهز دمشق: مقتل فنانة مشهورة داخل منزلها الراقي    تحذير طبي هام: 3 عناصر سامة في بيت نومك تهدد صحتك!    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    من بينها السبانخ.. 5 أطعمة قد تغنيك عن الفيتامينات..تعرف عليها..    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقال رأي حول ولقع المرأة العربية وفي تونس
نشر في السياسية يوم 05 - 05 - 2010

قراءة في كتاب العنف ضد المرأة بين سطوة الواقع وتكريس القيم الإنسانية
بقلم:خولة الفرشيشي
بين الخطاب الذي يقدمه دعاة حقوق الإنسان للنهوض بحقوق المرأة في العالم وتحقيق العدل والمساواة بينها وبين الرجل وبين العنف في الواقع الاجتماعي الذي لا يزال ينال من المرأة وينتهك كرامتها وحرمتها الجسدية والنفسية ، تطرح أسئلة حول أسباب استمرار ظاهرة العنف المادي و اللفظي ضدّ المرأة رغم المكاسب التي حققتها في التشريعات والقوانين ورغم وجود جمعيات حقوقية تتولى الدفاع عن حقوقها؟
هل العيب في المجتمعات العربية التي ما تزال ترزح تحت عتبات التسلط الذكوري والتمييز العنصري ضد المرأة ؟ أم العيب في عدم وجود وعي حقيقي في الدفاع عن نصف المجتمع ؟
أسئلة ألحت علينا وأحرجتنا ونحن نفتح ملف العنف ضد المرأة في القرن 21 ؟ أسئلة لن تجد لها جوابا في الفضائيات العربية المنتشرة هنا وهناك ولن تجد لها أجوبة في الندوات المنعقدة والخطابات المكررة التي تطالعنا مرة من المشرق ومرة من المغرب.
لأن للأسف الشديد قضية المرأة في المجتمعات العربية باستثناء تونس مرتبطة بمناسبات ضيقة تنتهي وينتهي حينها الحديث عن قضايا المرأة بما يعطيها عنوانا لائقا بهذه الوضعية وهو القضية الموسمية التي تنتهي بانتهاء موسمها.
استثنيت تونس من بين المجتمعات العربية التي تمارس التمييز الإجتماعي والقانوني والإقتصادي على أساس النوع الإجتماعي وكان هذا الاستثناء من زاوية موضوعية بحتة لأن الطفرة الإيجابية على مستوى الحقوق في المشرع التونسي خير دليل على مكانة المرأة التونسية للتقدم جسمتها الرئاسة التونسية لمنظمة المرأة العربية بقيادة السيدة ليلى بن علي فكان كتاب العنف ضد المرأة بين سطوة الواقع وتكريس القيم الإنسانية بمثابة تكريس لنتاج مجتمعي كامل عاشته المرأة التونسية منذ عهد الاستقلال وصولا لعهد التغيير وهذا الكتاب يمكن أن نعتبره محاولة لنقل التجربة التشريعية والحياتية التونسية إلى الدول العربية وأيضا الوقوف على أهم قضايا المرأة العربية في عصرنا الحالي منها العنف المسلط ضدها وهو محور هذا الكتاب فكان هذا الأخير بمثابة جبهة دفاعية ومواجهة ثقافية كما أكدت السيدة ليلى بن علي في مقدمة الكتاب بقولها : البداية السليمة لمكافحة هذه الظاهرة أي العنف ضد المرأة تتطلب أساسا مواجهة ثقافية وتربوية وإعلامية قبل أن تكون قانونية وزجرية.
من هذه النقطة تحديدا يجب إعتبار هذا الكتاب أولى لبنات المواجهة الثقافية وهو مبادرة موجهة إلى المرأة العربية في كل المجتمعات خاصة المرأة الفلسطينية لوضع حد لظاهرة العنف .
فالأسماء التي شاركت في إنجاز هذا الكتاب من مختلف الدول العربية يؤكد على بوادر يقظة جماعية بأهمية هذه القضية ودق ناقوس الخطر والاعتراف المباشر بهذه الظاهرة ومحاولة علاجها بطرق علمية وسلمية.
فتنوعت مداخلات السيدات والسادة بين تأصيل الظاهرة والبحث عن أسبابها وبين تداعياتها وأثارها الجانبية على مستوى الأسرة و المجتمع .
أشارت الأستاذة خيرة الشيباني في مداخلتها : العنف ضد المرأة استراتيجيات التطويع ...استراتيجيات المقاومة الى وجود ظاهرة العنف رغم خطابات التنوير و الحداثة : *1 العنف فعل راسخ في تاريخ القهر الإجتماعي و الثقافي للمرأة رغم التقدم الحاصل في إشاعة فكر الحداثة وقيمها* وهو إعتراف مباشر بوجود هذه الظاهرة التي نمت وترعرعت على رواسب ثقافة ذكورية متحجرة مما أعطي الحق في ارتكاب أبشع الجرائم ضد المرأة كجرائم الشرف مثلا.
ويرجع هذا إلى الوعي الذكوري أو كما عبرت عنه الأستاذة خيرة الشيباني بالنزعة الأبوية * 2 وقد شكل العنف ضد المرأة عبر تاريخ تجذره في ممارسات التمييز و التمثلات المشرعة له إحدى الآليات للمحافظة على سلطة الرجل* .
فما تزال الثقافة المهيمنة ثقافة الذكورة و الرجعية التي ترتد عن الحداثة وقيمها بمباركة المجتمع وموافقته مما تشكل عائقا حقيقا لمسيرة المساواة الكاملة.
وهو ما تحدث عنه الأستاذ الحبيب درويش في مداخلته *العنف في العلاقات الأسرية ..محاولة وفق مقاربة النوع الاجتماعي * وذلك بقوله : * 3 أن الموروث الإجتماعي بخصوص مسألة العلاقة بين الرجل و المرأة مازال موروثا بمنطق المجتمع الذكوري...*
توافقت آراء المشاركين في إعداد هذا الكتاب على أن أزمة العنف في المجتمع العربي هي أزمة وعي اجتماعي وهو مشكل قائم بذاته فلا مجال للتغاضي عنه أو اجتنابه طالما أنه أصبح من بين المسلمات الضاربة في عمق التقاليد العربية و في الثقافة اليومية بل أصبح العنف رمزا من رموز الفحولة و الذكورة أيضا تقبل به المرأة قبل الرجل أحيانا.
هذا ما أتت على ذكره الدكتورة هدى زكريا : * 4 أن الثقافة الذكورية تسود المجتمع كله فمن الملاحظ أن النساء يقعن في حالة من تزييف الوعي...فيرضخن لممارسات العنف التي تحدث..*
هنا يطرح السؤال الآتي : هل اجتثاث العنف من مجتمعاتنا يتطلب بالضرورة اجتثاث الثقافة الذكورية ؟
هذا يحيلنا على مقدمة الكتاب بقلم السيدة بن علي التي أكدت في كلمتها على ضرورة المواجهة الثقافية وإقرارها بأولوية الجبهة الثقافية و الإعلامية في التصدي لهذه الظاهرة.
و المواجه الثقافية هي أولى لبنات مقاومة العنف و التطرف و التمييز العنصري ضد المرأة بشكل عام وضد المرأة العربية بشكل خاص. فمن الصعب محو ثقافة معششة في الأذهان والسلوكيات بشكل اخرمن أشكال العنف كالزجر أو السجن فلا نستطيع أن نصلح الخطأ بالخطأ أي مواجهة العنف بالعنف فهذا لا ينتج إلا عنفا آخر.
فالبديل لمواجهة العنف والقضاء عليه هو العلم و الثقافة فهما بمثابة الحصن المنيع و السلاح الفعال ضد قيم الجهل والتمييز على أساس النوع الاجتماعي.
كما أشارت مداخلات المشاركين إلى نزعة الوصاية التي كبلت المرأة مما أدى افتقار مفهوم المواطنة في صلب مجتمعاتنا العربية وترسيخ عقلية الكائن الدوني الذي لا يرتقي إلى منزلة الرجل القوام على النساء.-
1* ص 28/ *2 ص 41/3* ص 80/ 4 * ص 128
وهذا ما نستخلصه من مداخلات الأساتذة العرب في كل من فلسطين والأردن ولبنان أو في مداخلة الدكتورة المصرية *هدى زكريا* التي تعرضت إلى ظاهرة ختان الإناث في مصر و السودان وهو شكل آخر من أشكال العنف المادي و المعنوي ضد المرأة.
في ظل هذا الواقع العربي المتردي و المنتهك لحقوق المرأة يحيلنا الكتاب إلى زاوية أخرى وهي المقارنة مع أوضاع المرأة التونسية و التي لم ينكر المشاركين التونسيين وجود ظاهرة العنف في أسرنا ومجتمعنا إلا أن هذا لا يعدو أن يكون ظاهرة ينبني على أساسها التمييز الجنسي بفضل وجود آليات ردع قانوني من خلا ل المشرع التونسي الذي يعتبر المقاوم الأول للثقافة الذكورية والذي استأصلها على مستوى القوانين والتشريعات.
فتونس كانت سباقة عن غيرها من البلدان سواء القيادة السياسية او النسيج الجمعياتي والمشرع التونسي خاصة مجلة الأحوال الشخصية في صون المرأة و إيقاف نزيف العنف ضدها .
هذا الكتاب ليس نشرا لندوات فكرية بل هدفه أسمى من ذلك بكثير هو نشر لتجربة رائدة في مجال حقوق المرأة من خلال نقل النموذج التونسي بين صفحاته و هو موقف إنساني تبنته رئاسة المنظمة .
لعل المجتمعات العربية تنسج على منوال التجربة التونسية التي أثنى عليها القاصي و الداني لأن تلك المجتمعات العربية تفتقر إلى عوامل دفع تحفزها على العمل برفع حقوق المرأة إلى مرتبة حقوق الرجال والأهم من هذا الرهان على المرأة كشريك في بناء المجتمع بدل وضعها على الرف و النظر إليها كضلع قاصر.
فالكتاب ليس دراسة نسوية متعصبة أو متحيزة للمرأة بل هو أرقي من ذلك بكثير هو محاولة للوقوف على خطورة العنف ضد المرأة و إشاعة قيم الحرية والمساواة لان مصادرة حق المرأة في العيش بكرامة استباحة لوجودها الإنساني و تعطيل لمسيرة النمو الاجتماعي واللحاق بركب الدول المتحضرة والمتقدمة كما يتمنى المواطن العربي كل هذا يقتضي بالضرورة تصحيح وضع المرأة الخاطئ ووضع الأمور في نصابها الصحيح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.