التونسية (تونس) لا تزال التعيينات الأخيرة على رأس بعض المؤسسات الإعلامية العمومية تلقي بظلالها على المشهد الإعلامي التونسي. فبعد موجة الاحتجاجات التي عرفتها مؤسسة الإذاعة التونسية جاء دور جريدة «لابراس» التي تجمّع صباح أمس عدد من صحفييها أمام مقر الجريدة في وقفة احتجاجية مناهضة لتعيين رئيس تحرير جديد على رأس إدارة التحرير بهذا المرفق الإعلامي العمومي الناطق باللغة الفرنسية. «لا للتدخل في الخطّ التحريري», لا للرجوع إلى الوراء», «نعم لصحافة حرّة تنير الرأي العام»... كانت هذه نماذج من الشعارات التي رفعها عدد من صحفيي جريدة «لابراس» أثناء وقفتهم الاحتجاجية مطالبين بمراجعة التعيين الأخير المتعلّق بخطّة رئاسة التحرير حفاظا على استقلالية مؤسستهم و صونا لخطّها التحريري من الانحياز... حسب قولهم . لا تفريط في الانتخابات وعن أسباب هذه الوقفة الاحتجاجية و دواعيها و مطالبها, تحدّث محمد الهادي عبد اللاوي (صحفي بجريدة «لابراس») قائلا: «كانت مؤسستنا رائدة في إرساء نظام ديمقراطي بمقتضاه تتمّ تسمية رئاسة التحرير على أساس الانتخابات لا التعيينات... وقد نسجت على منوال هذه التجربة المحمودة وكالة تونس إفريقيا للأنباء و التلفزة الوطنية... لكن ما راعنا إلاّ أنه يتمّ سدّ الشغور الناجم عن استقالة السيد منجي الغربي رئيس التحرير الأول الذي انتخب سنة 2012 برئيس تحرير جديد معيّن ,في حين أنه كان من الأجدر تكليف رئيس التحرير المساعد السيد لسعد بن حمد بهذه المهمّة باعتبار أنه منتخب أيضا وذلك بصفة مؤقتة في انتظار الانتخابات القادمة التي لم تعد تفصلنا عنها سوى بضعة أشهر و موعدها شهر جانفي المقبل» و أضاف عبد اللاوي أن رئيس التحرير المستقيل اضطّر إلى تقديم استقالته قبل انتهاء فترته الانتخابية أمام ضغوطات شتّى متأتيّة ممّن نعتهم ب«اللوبي». و صرّح الصحفي محمد الهادي عبد اللاوي أن «المفاوضات مع الرئيس المدير العام للمؤسسة لم تثمر شيئا أمام تعنتّه و مماطلته في الرّد... واعتباره الانتخابات في القطاع الإعلامي بدعة!» هرسلة للصحفيين المحتجين «نرفض ضرب مكسب الانتخابات واستبداله بالتعيينات...ونناهض الرجوع تدريجيا إلى الممارسات القديمة... ونمانع التدّخل في الخطّ التحريري للمؤسسة...» كانت هذه المطالب التي نادى بها الصحفي كمال الفرشيشي - شأنه شأن بقية زملائه – مشيرا إلى أنّ تعيين رئيس التحرير الجديد تمّ دون التشاور مع كل المعنيين بالأمر و اقتصر على التشاور مع عدد قليل من صحفيي المؤسسة. وأفاد الفرشيشي أن حوالي 25 صحفيا من أبناء جريدة «لابراس» أمضوا على عريضة تنصّ على رفضهم تسمية رئيس تحرير جديد على أساس التعيين. كما أكدّ أن هؤلاء الصحفيين يتعرّضون لمختلف أشكال الضغوطات و التهديدات و التشويه للتراجع عن احتجاجهم و الصمت عن مطالبهم... ورغم مضي أيّام معدودات من تعيين رئيس التحرير الجديد فإنّ صحفيي «لابراس» اعتبروا أثناء وقفتهم الاحتجاجية أنّ هناك محاولات للمس بالخطّ التحريري للمؤسسة وذلك بالانحياز إلى المعارضة على حساب حركة «النهضة» على حد قولهم. وفي هذا السياق أكدّت الصحفية نايلة الغربي أنه لا بد من استقلالية إدارة التحرير عن الإدارة العامة حتى لا يتم المساس بحياد الخط التحريري و موضوعيته وعدم الانحياز إلى أي طرف كان... بل العمل بما تضبطه أخلاقيات المهنة . ولوّح الصحفيون المحتجون بإمكانية التصعيد في حال عدم أخذ مطالبهم بعين الاعتبار.