التونسية (تونس) عقد المجلس الوطني التأسيسي أمس، جلسة عامة، خصصت لمساءلة كل من وزير الداخلية لطفي بن جدو حول الوثيقة المسربة والمتعلقة باغتيال النائب محمد البراهمي ووزير العدل نذير بن عمو حول المستجدات الأخيرة في الشأن القضائي والمحاكمات التي شملت بعض الإعلاميين والأمنيين، في غياب لنواب المعارضة الذين بدا تأثير انسحابهم واضحا في الجلسة، لا سيما أن مسألة الانسحاب طغت على أغلب مداخلات النواب على حساب المواضيع الاصلية التي من اجلها تمت دعوة الوزيرين. فقد استأثر موضوع انسحاب النواب وتعليق أعمال المجلس ومبادرة المنظمات الراعية للحوار بحيز كبير من الوقت خلال الجلسة العامة، حيث دعا النائب عن تيار المحبة المولدي الزيدي إلى ضرورة فتح تحقيق بشأن ذهاب أحد النواب المنسحبين ليمثل المجلس التأسيسي في الخارج، وقد تبنت نفس الموقف النائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبو التي اعتبرت مشاركة النائب المنسحب في البرلمان العربي فضيحة ونفاق من قبل النواب المنسحبين. دعوة إلى عدم استقالة حكومة العريض بدوره تحدث النائب المستقل نجيب حسني، عن تدخل نواب عن البرلمان الفرنسي في الشأن الداخلي لتونس ومطالبتهم بحل المجلس التأسيسي واسقاط الحكومة، متسائلا إن كان ذلك يجوز في بلادهم أم لا. وقال في سياق متصل إن المعارضة تعمل على عرقلة المسار الديمقراطي مشددا على أن الحكومة الحالية لن تستقيل لأن إرادتها من إرادة الشعب ولأن الشعب انتخبها بطريقة ديمقراطية. وحذّر حسني نواب «النهضة» من مغبة التخلي عن الشرعية، مشيرا إلى أن سياسة المعارضة سياسة فاشلة لا تتعدى 30 دينارا و«كسكسي بالفاكية» للبلطجية على حد تعبيره، كما قال إن المبادرة التي تضع المؤسسات تحت النقابات قلب للموازين الدستورية. من جهته، استنكر رئيس «حركة وفاء» عبد الرؤوف العيادي رعاية المنظمات المهنية للحوار الوطني في غياب الأطراف السياسية، وقال إن القرار الذي اتخذه رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر بتعليق أشغال المجلس أحادي لم يشرّك فيه النواب. كما عبر العيادي عن رفضه خارطة العمل التي قدمتها المنظمات الراعية للحوار، مشيرا إلى أنها تريد فرض الوصاية على المجلس التأسيسي وعلى النواب، وأضاف قائلا «نحن نواب بكامل صلاحياتنا ولن نقبل أن يكون المجلس التأسيسي كمجلس النواب في عهد بن علي». وأكد أن الأزمة التي تشهدها تونس هي أزمة قيادة بالأساس. مطالبة بإقالة وزير الداخلية ولئن اختار عدد من النواب الخوض في مسألة تعليق أشغال المجلس وانسحاب عدد من النواب والحديث عن مبادرة المنظمات الراعية للحوار، فإن البعض الآخر من النواب التزم بالموضوع الأصلي للجلسة ووجه أسئلة إلى كل من وزير الداخلية ووزير العدل. فقد طالب رئيس كتلة حركة «النهضة» الصحبي عتيق وزير الداخلية لطفي بن جدو بفتح تحقيق بخصوص تسريب الوثيقة الواردة على وزارة الداخليةوالمتعلقة بوجود مخطط لاغتيال الشهيد محمد البراهمي وتساءل كيف يقع تسريب وثيقة تمس من أمن الدولة، معتبرا أنها مسألة خطيرة وجريمة يعاقب عليها القانون. كما تساءل عتيق عن موضوع الأمن الموازي، مشيرا إلى أن هدف نقابات قوات الأمن الداخلي إشاعة البلبلة ونشر معلومات مغلوطة. وتقدم من جهة أخرى الى وزير العدل نذير بن عمو بطلب توضيح حول ايقاف الصحفيين وعلاقة الوزارة بالنيابة العمومية ووكالة الجمهورية معلنا عن مساندة كتلة «النهضة» والحركة ككل لحرية التعبير والاعلام مع التنديد بالعقوبات السالبة للحرية. وأكد في سياق منفصل، على انه لا مجال لوجود حكومة خارج المجلس الوطني التأسيسي لا تحظى بموافقته. من جهتها، قالت النائبة عن «تيار المحبة» ريم الثائري إنه لا يمكن التصديق بأن تسريب الوثيقة نتيجة هفوة أو اهمال إداري، مشيرة إلى أن هناك خللا وإرادة للتعتيم على هذه الوثيقة، وتساءلت في السياق ذاته إن كان وزير الداخلية لا يملك الخبرة أم أنه يلاقي عراقيل صلب الوزارة. وقال النائب عن حزب «الإقلاع إلى المستقبل» الطاهر هميلة إنه كان يجب على رئيس الحكومة علي العريض أن يقيل وزير الداخلية ومدير الأمن القومي ويغير وزارة الداخلية، لأن تسريب هذه الوثيقة يعد في نظره تقصيرا وخيانة عظمى. واتهم هميلة المستشار لدى رئيس الحكومة بفرض املاءاته على وزير العدل، وأنه هو الذي يسير الوزارة بدل نذير بن عمو. لطفي بن جدو: الأمن الموازي وراء تسريب الوثيقة وقد جدد وزير الداخلية لطفي بن جدو في رده عن أسئلة النواب تأكيده على فتح تحقيق عدلي وإداري لتحديد المسؤوليات في ما يتعلق بالوثيقة المسربة بخصوص اغتيال محمد البراهمي. وأضاف أن الإشعار والمعلومة اللذين تلقتهما إدارة الأمن الخارجي من قبل مخابرات أجنبية مرت بالمراحل المعتادة على عكس ما روّج، مشيرا إلى أن الوثيقة جاءت مقتضبة في صيغة احتمال «امكانية اغتيال النائب محمد البراهمي بما يستوجب تمحيصها مخابراتيا» وان الجهات الأمنية تلقت قبل ذلك اشعارات مؤكدة لم تثبت صحتها أمام التحريات، الأمر الذي ساهم في بطء التمشي بالنسبة للإشعار المتعلق باغتيال البراهمي. وأضاف بن جدو في السياق ذاته قائلا «لو كانت هناك نية لحجب المعلومة لما تم تعميمها على كل الإدارات. وفي ما يتعلق بالأمن الموازي، لم ينف بن جدو وجود أشخاص صلب وزارة الداخلية يعملون لصالح جهات معينة، مشيرا إلى أن كل الأحزاب تروم إلى وضع موطئ قدم في الداخلية، كما اتهم الأمن الموازي بتسريب الوثيقة المتعلقة باغتيال البراهمي. وعرض في سياق آخر أهم الانجازات التي قامت بها وزارة الداخلية منذ توليه مهمة وزير الداخلية، حيث كشف أنه تم منع ستة آلاف شخص من السفر إلى سوريا كما تم ايقاف 86 شخصا مما يقومون بتسفير الشباب التونسي للجهاد بسوريا وتمت إحالتهم على أنظار القضاء. كما أكد أنه تم القبض على العديد من العناصر الإرهابية واحباط عشرات مخططات التفجير والاغتيالات. وحول فتح الأرشيف السياسي، قال بن جدو أنا مع فتح الأرشيف قبل الانتخابات حتى يعرف الشعب التونسي من ينتخب، لكنه شدد على ضرورة فتح الأرشيف بقانون مخافة للتشفي والانتقام. وردا على النائب الطاهر هميلة الذي طالب رئيس الحكومة علي العريض بإقالة وزير الداخلية، قال بن جدو «ليس لدي أي اشكال في مغادرة الوزارة في أي لحظة».