قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    السجن ضد هذه الإعلامية العربية بتهمة "التحريض على الفجور"    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    Titre    أنس جابر تستهل اليوم المشوار في بطولة مدريد للماسترز    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمى «الغرافيتي» تغزو جدران العاصمة: فن «كبارات»...أم لعب «صغيرات»؟؟
نشر في التونسية يوم 30 - 09 - 2013

التونسية (تونس)
أينما وليت نظرك في شوارع العاصمة اعترضتك عبارة «حق التعبير واجب،حق الزوالي واجب» او«الشعب لن يسكت» أو«لا رجوع لا حرية للعصابة الدستورية» أو«لا علماني لا إسلامي ثورتنا ثورة زوالي» أو«حذاري من جوعي ومن غضبي..فإذا جعت آكل لحم مغتصبي» ...
كثيرة هي العبارات التي خطت على جدران المنازل والجامعات والمحلات وأنفاق المترو وعلى جذوع الأشجار ومقاعد الحافلات وصناديق البريد وعلى كل مساحة متاحة بشكل منتظم جميل احيانا اوعشوائي «عنيف» أحيانا أخرى...
«الغرافيتي» أو الرسم على الجدران ظاهرة حديثة-يعرّفها البعض- بالفن العصري أوغير التقليدي يلجأ إليه «الخطاط» أو الرسام للتعبير عن ذاته وعن أفكار تخالجه يخاف الجهر بها فيتخذ من الجدران وسيلة ل «الفضفضة» والتعبير عن موقف من دون أن يظهر للعيان،في حين يعرّفها البعض الآخر بالظاهرة الاجتماعية الغريبة عن عاداتنا وعن تقاليدنا «الهدف الرئيسي منها هوالتخريب وضرب شبابنا في صميم هويته وثقافته النقية الصافية الخالية من كل الشوائب والتشويهات»-على حد تعبير بعضهم-.
وقد تطور فن «الغرافيتي» خلال العقود القليلة الماضية بشكلٍ ملحوظٍ في تونس، شأنها شأن دول كثيرة، من فن بدائي تقليدي الى ثقافة بصرية سائدة وفن شعبي سياسي بالدرجة الاولى كما وجد لنفسه حياة على الانترنات من خلال عدد كبير من الصفحات العملاقة المختصة في هذا الشأن...
ومع اندلاع الثورة في تونس برزت الجدران لتكون مدونة للتاريخ وشاهدةً على ثورةٍ أخرى موازيةٍ للثورة الشعبية او ما يمكن تسميته ب «ثورة الغرافيتي» ، حيث أصبح هذا الفن أداة تعبيرٍ واحتجاجٍ رئيسيةً في بلد مازال يواصل مسيرته نحو التأسيس لمنظومةٍ سياسيةٍ اقتصاديةٍ جديدة، ولخطابٍ سياسيٍّ واجتماعيٍّ يقوم على أسسٍ من الديمقراطية وحرية التعبير.
وفي فترة ما بعد الثورة، تحول «الغرافيتي» ،الذي كان فنًّا مقموعا من طرف معظم الأنظمة العربية، إلى أداة ثورية وحتى إلى إعلام بديل يكشف خفايا ما يجري من أحداث. وفي هذا الاطار شدد عدد من ممارسي هذا الفن على ان «الغرافيتي» في تونس «يشكل إضافةً أساسيةً وغنيةً إلى مشهد الغرافيتي في البلدان العربية،حيث يلتقي مع الغرافيتي العربي في العناصر المشتركة في الثقافة العربية، من دينٍ ولغةٍ وخطوطٍ تقليديةٍ وزخارف إسلامية، وقيمٍ مشتركة من قبيل النضال من أجل الحرية وقيمة الاستشهاد وغيرها، ويتميز في الوقت نفسه بطابعه التونسي الخاص المُستلهم من الثقافة التونسية الشعرية والفنية ، ومن الإرث التونسي القديم بما يحتويه من أمثلة شعبية وحكم وعبر..».
«فن كبارات» للتعبير الحرّ
انسدل شعره الطويل على وجهه فحجب كل ملامحه ولم تظهر منه سوى شفتان التصقتا بسيجارة،كان بصدد رسم صور غير مفهومة بالمرة على جدار نفق المترو بباردو.
سألناه عن معناها فأجاب ان فهم الآخرين لرسوماته من عدمه لايعنيه، مضيفا: «كل ما يهمني أنني افهمها وتفهمني،كيف لا وهي جزء مني؟»..وبإصرارنا على أن يفسر لنا معنى ما كان يخطه بعبواته الدهنية الملونة قال: «انظر إلى كل تلك الألوان القاتمة...
انظر إلى كل تلك التقاطعات والاختلافات التي تملأ اللوحة..ألا تعبر حقا عما نعيشه اليوم من قهر سياسي؟؟ الا تعبر عن مستقبل سياسي مبهم؟؟...لقد ضقت ذرعا بالتجاذبات السياسية...كل ما قمت به الآن هو أنني تقيأت هذا الإحساس على جدار فكانت هذه اللوحة».
«ايمان» استاذة بالمعهد العالي للفنون الجميلة أوضحت،ان «الغرافيتي أو فن الشارع يعبر عن ثورة نفسية قد تكون شخصية احيانا ولكنها تعتمد كلها على أدوات ووسائل فنية موحدة»،مضيفة: «ان الرسم هو أحد اهم الطرق التي يستخدمها الانسان للتعبير عن افكاره ومواقفه وارائه..حقا انها اسرع طريقة لتوضيح موقف ما أو لجعل الناس يتفاعلون معها...
يبلغ فن الجرافيتي ذروته في الفترات التّي تشهد تغييرات سياسيّة واجتماعيّة، ويصبح في حد ذاته شكلا من أشكال القوة العامة لمقاومة السّلطة الحاكمة حيث ينتقي فنان أومجموعة من الفنّانين شارعاً مكتظا لنقل الرّسالة عبر الكلمات أو صورة أو اثنين، والتّي تحتوي في معظم الأوقات على سُخرية مريرة».
واضافت «ايمان»: « تُثير قوة الغرافيتي، باعتباره وسيلة للتعبير الحر، قلقاً متزايداً لدى العديد من الحكومات والأنظمة السّائدة. فتراها تتخذ التّدابير القمعيّة لإسكات صوت الشّارع، ومن أفضل الأمثلة على هذا النّوع من ردود الأفعال ما حدث في بريطانيا مع قانون السّلوك غير الاجتماعي لسنة 2003 وتوقيع النّواب على ميثاق يفيد بأنّ «الغرافيتي ليس فنّاً، بل جريمة».
«لعب صغيرات»
من جهته، وصف العم محمد (49 سنة) هذه الظاهرة ب»لعب صغيرات»،مستغربا هذه الطريقة في التعبير عن الرأي والتي لا يتبعها حسب رأيه غير «المخربين» و«عديمي الاحساس» -على حد تعبيره-،مضيفا: «لوكان هذا التصرف صادرا عن بعض الاطفال الصغار في السن لأغفلنا الاهتمام بالمسألة ولكن ان يعمد اغلب شبابنا الى تشويه الجدران والواجهات العمومية بتعلة التعبير عن الراي فهذا ما استغربه حقا».
من جانبها ايدت «صالحة»(39 سنة) ما ذهب اليه العم محمد،مطالبة السلطات باتخاذ الاجراءات الردعية الكفيلة بثني الشباب عن الرسم على جدران الممتلكات العامة منها والخاصة،معربة عن شديد انزعاجها من تعمد بعض الشباب «تشويه» جدار منزلها من خلال رسم ما وصفته بالصور القبيحة وخط «العبارات البذيئة»،مردفة: «لقد ضقت ذرعا بهذه التصرفات الصبيانية فكلما قمت بمحو هذه الصور والعبارات المستفزة الا وعاودوا الكرة».
وفي سياق متصل،طالبت «صالحة» السلطات باصدار تعليمات الى بائعي مواد الطلاء بعدم بيع المواد المستعملة في «الغرافيتي» ما لم يستظهر المشترون بوثائق شخصية وشهادة تشرح سبب اقتنائهم لهذه المواد،متابعة: «من يريد ان يمارس الكتابة او الرسم او التعبير عن حالة من الكبت فعليه بالدفاتر والأوراق المخصصة لذلك لا من خلال العبث بممتلكات الغير»،كما توجهت «صالحة» الى الاولياء بالقول: «ربينا ابنائنا تربية صحيحة مبنية على حرية الراي مع مراعاة ان حريتنا تنتهي عند حرية غيرنا فان شبابنا لن ينزلق نحو مثل هذه الظواهر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.