إخلاء مبنى ركاب بمطار هيثروبلندن وفرق الطوارئ تستجيب لحادث    مسيرة صهيونية تقصف اكبر سفينة مشاركة في الاسطول وراسية بمدخل ميناء سيدي بوسعيد    المرصد الوطني للتزود والأسعار .. 153 دينارا كلفة تلميذ الأولى أساسي.. و276د للسنة الرابعة    100 دينار لكل تلميذ و120 دينارا لكل طالب .. مساعدات لفائدة عدد من العائلات بمناسبة العودة المدرسية    تنديدا بالعدوان، واسنادا للمقاومة وتمسّكا بالسيادة: اعتصام الصمود يتواصل أمام السفارة الأمريكية بتونس    «شروق» على الملاعب العالمية    أخبار النادي الصفاقسي..الجمهور يَشحن اللاعبين وخماخم في البال    سهرة النادي الإفريقي بمسرح أوذنة الأثري .. سمفونية عشق للجمعية ولفلسطين    مدرستنا بين آفة الدروس الخصوصية وضياع البوصلة الأخلاقية والمجتمعية...مقارنات دولية من أجل إصلاح جذري    بطولة افريقيا لكرة اليد للوسطيات: المنتخب التونسي يحقق فوزه الثالث على التوالي    البنك الدولي يؤكّد إلتزامه بتعزيز الشراكة مع تونس.. #خبر_عاجل    أولا وأخيرا .. ولد العكري وبنت السرجان    بسبب الكسكسي: رئيس بلدية مرسيليا يتلقّى تهديدات بالقتل!!    تصفيات كاس العالم 2026 : التعادل 2-2 يحسم مباراة المالاوي وليبيريا    منح الصبغة الجامعية لعدد من الأقسام    سيدي بوزيد: بداية من سنة 2027 ستدخل الطريق السيارة تونس جلمة حيز الاستغلال    نابل: تقدم موسم جني عنب التحويل بنسبة 85 بالمائة    عاجل/ افتتاح مصنع صيني لصناعة مكونات السيارات ببن عروس    الليلة: أمطار بهذه الولايات مع إمكانية تساقط البرد    عاجل/ السجن 6 أشهر ضد صانع محتوى    ارتفاع في منسوب التحركات الاحتجاجية خلال شهر أوت 2025 (تقرير المرصد الاجتماعي)    صفاقس: تخصيص اعتمادات في حدود 450 ألف دينار لفائدة المركز المندمج للشباب والطفولة    突尼斯:中国首家汽车线束工厂在布尔杰塞德里亚工业区揭牌    انتخاب تونس لرئاسة منظمة الشركاء في السكان والتنمية للفترة 2025–2028    دوخة كي تاقف؟ هاذي أبرز الأسباب والنصائح باش تتجنبها    استعد! جداول أوقات التلاميذ للسنة الدراسية 2025/2026 متاحة الآن عبر هذا الرابط وبداية من هذا التاريخ    عاجل/ القبض على الإبن المُعتدي على والدته في بنزرت    الترجي الجرجيسي يفوز وديا على إتحاد تطاوين    المصارعان بن تليلي والعياشي يمثلان تونس في بطولة العالم 2025 بكرواتيا    فريجي شامبرز : لا يمكن التفكير مستقبلًا في ضخ أموال إضافية لفائدة النادي الإفريقي    بعد جائزة الأسد الفضي في فينيسيا.. 4 عروض لفيلم صوت هند رجب بمهرجان تورنتو    "الفنون والاعاقة ... من العلاج الى الابداع" عنوان الملتقى العلمي الدولي ال22 الذي ينظمه الاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا    مؤشر الأسعار الدولية للمنتجات الغذائية دون تغيير يُذكر خلال شهر أوت 2025    عاجل: منحة جديدة ب100 دينار لكل صغير و120 للطلبة قبل العودة المدرسية... التفاصيل    من بينها تونس: بداية قوية لفصل الخريف وأمطار غزيرة في عدة دول عربية    الهيئة الوطنية للمحامين تتولى قضية وفاة التونسي الذيبي في مرسيليا    حادثة مروعة: كهل يعنف والدته ويعتدي عليها بطريقة بشعة..وهذه التفاصيل..    قطر تخفّض أسعار 1019 دواء    من التراث الشعبي للتغيرات المناخية: ماذا تعرف عن ''غسّالة النوادر''؟    وزارة التجارة تُخزّن 12 ألف طن من البطاطا استعدادا للفجوة الخريفية    عاجل/ قاصر ينفذ هجوما في تركيا ومقتل شرطيين..    تغييرات منتظرة في تشكيلة المنتخب أمام غينيا الاستوائية؟    مباراة تونس اليوم ضد غينيا الاستوائية: كل ما تحتاج معرفته عن مدينة مالابو    استراليا: علماء يكتشفون فيروسا خطيرا جديدا    كيف الوقاية من أمراض العودة إلى المدارس؟    عاجل/ هذه الدولة تقر إجراءات جديدة نصرة لغزة..    هجوم مسلح في القدس يسفر عن سقوط قتلى وجرحى    أحد عشر عاما على اختفاء الصحفيين الشورابي والقطاري في ليبيا .. والأمل لم ينقطع في كشف مصيرهما    الاحتلال يدمر 50 بناية كليا و100 جزئيا بمدينة غزة منذ فجر اليوم..#خبر_عاجل    جبل الجلود: إيقاف مجرم خطير محل 20 منشور تفتيش    غار الملح تستعيد بريقها الثقافي بعودة اللقاءات الدولية للصورة    شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا: اختتام فعاليات تظاهرة 'سينما الحنايا' بباردو    الدورة 69 من مهرجان لندن السينمائي: 'صوت هند رجب' و'سماء موعودة' ضمن القائمة    الخسوف الكلي يبدأ عند 18:35... إليك التفاصيل    ''الخسوف الدموي'' للقمر يعود بعد سنوات...شوف شنيا أصلو في مخيلة التونسي    توقعات الأبراج لليوم: بين الأمل والحذر.. اكتشف ماذا يخبئ لك الأحد    الأحد: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمى «الغرافيتي» تغزو جدران العاصمة: فن «كبارات»...أم لعب «صغيرات»؟؟
نشر في التونسية يوم 30 - 09 - 2013

التونسية (تونس)
أينما وليت نظرك في شوارع العاصمة اعترضتك عبارة «حق التعبير واجب،حق الزوالي واجب» او«الشعب لن يسكت» أو«لا رجوع لا حرية للعصابة الدستورية» أو«لا علماني لا إسلامي ثورتنا ثورة زوالي» أو«حذاري من جوعي ومن غضبي..فإذا جعت آكل لحم مغتصبي» ...
كثيرة هي العبارات التي خطت على جدران المنازل والجامعات والمحلات وأنفاق المترو وعلى جذوع الأشجار ومقاعد الحافلات وصناديق البريد وعلى كل مساحة متاحة بشكل منتظم جميل احيانا اوعشوائي «عنيف» أحيانا أخرى...
«الغرافيتي» أو الرسم على الجدران ظاهرة حديثة-يعرّفها البعض- بالفن العصري أوغير التقليدي يلجأ إليه «الخطاط» أو الرسام للتعبير عن ذاته وعن أفكار تخالجه يخاف الجهر بها فيتخذ من الجدران وسيلة ل «الفضفضة» والتعبير عن موقف من دون أن يظهر للعيان،في حين يعرّفها البعض الآخر بالظاهرة الاجتماعية الغريبة عن عاداتنا وعن تقاليدنا «الهدف الرئيسي منها هوالتخريب وضرب شبابنا في صميم هويته وثقافته النقية الصافية الخالية من كل الشوائب والتشويهات»-على حد تعبير بعضهم-.
وقد تطور فن «الغرافيتي» خلال العقود القليلة الماضية بشكلٍ ملحوظٍ في تونس، شأنها شأن دول كثيرة، من فن بدائي تقليدي الى ثقافة بصرية سائدة وفن شعبي سياسي بالدرجة الاولى كما وجد لنفسه حياة على الانترنات من خلال عدد كبير من الصفحات العملاقة المختصة في هذا الشأن...
ومع اندلاع الثورة في تونس برزت الجدران لتكون مدونة للتاريخ وشاهدةً على ثورةٍ أخرى موازيةٍ للثورة الشعبية او ما يمكن تسميته ب «ثورة الغرافيتي» ، حيث أصبح هذا الفن أداة تعبيرٍ واحتجاجٍ رئيسيةً في بلد مازال يواصل مسيرته نحو التأسيس لمنظومةٍ سياسيةٍ اقتصاديةٍ جديدة، ولخطابٍ سياسيٍّ واجتماعيٍّ يقوم على أسسٍ من الديمقراطية وحرية التعبير.
وفي فترة ما بعد الثورة، تحول «الغرافيتي» ،الذي كان فنًّا مقموعا من طرف معظم الأنظمة العربية، إلى أداة ثورية وحتى إلى إعلام بديل يكشف خفايا ما يجري من أحداث. وفي هذا الاطار شدد عدد من ممارسي هذا الفن على ان «الغرافيتي» في تونس «يشكل إضافةً أساسيةً وغنيةً إلى مشهد الغرافيتي في البلدان العربية،حيث يلتقي مع الغرافيتي العربي في العناصر المشتركة في الثقافة العربية، من دينٍ ولغةٍ وخطوطٍ تقليديةٍ وزخارف إسلامية، وقيمٍ مشتركة من قبيل النضال من أجل الحرية وقيمة الاستشهاد وغيرها، ويتميز في الوقت نفسه بطابعه التونسي الخاص المُستلهم من الثقافة التونسية الشعرية والفنية ، ومن الإرث التونسي القديم بما يحتويه من أمثلة شعبية وحكم وعبر..».
«فن كبارات» للتعبير الحرّ
انسدل شعره الطويل على وجهه فحجب كل ملامحه ولم تظهر منه سوى شفتان التصقتا بسيجارة،كان بصدد رسم صور غير مفهومة بالمرة على جدار نفق المترو بباردو.
سألناه عن معناها فأجاب ان فهم الآخرين لرسوماته من عدمه لايعنيه، مضيفا: «كل ما يهمني أنني افهمها وتفهمني،كيف لا وهي جزء مني؟»..وبإصرارنا على أن يفسر لنا معنى ما كان يخطه بعبواته الدهنية الملونة قال: «انظر إلى كل تلك الألوان القاتمة...
انظر إلى كل تلك التقاطعات والاختلافات التي تملأ اللوحة..ألا تعبر حقا عما نعيشه اليوم من قهر سياسي؟؟ الا تعبر عن مستقبل سياسي مبهم؟؟...لقد ضقت ذرعا بالتجاذبات السياسية...كل ما قمت به الآن هو أنني تقيأت هذا الإحساس على جدار فكانت هذه اللوحة».
«ايمان» استاذة بالمعهد العالي للفنون الجميلة أوضحت،ان «الغرافيتي أو فن الشارع يعبر عن ثورة نفسية قد تكون شخصية احيانا ولكنها تعتمد كلها على أدوات ووسائل فنية موحدة»،مضيفة: «ان الرسم هو أحد اهم الطرق التي يستخدمها الانسان للتعبير عن افكاره ومواقفه وارائه..حقا انها اسرع طريقة لتوضيح موقف ما أو لجعل الناس يتفاعلون معها...
يبلغ فن الجرافيتي ذروته في الفترات التّي تشهد تغييرات سياسيّة واجتماعيّة، ويصبح في حد ذاته شكلا من أشكال القوة العامة لمقاومة السّلطة الحاكمة حيث ينتقي فنان أومجموعة من الفنّانين شارعاً مكتظا لنقل الرّسالة عبر الكلمات أو صورة أو اثنين، والتّي تحتوي في معظم الأوقات على سُخرية مريرة».
واضافت «ايمان»: « تُثير قوة الغرافيتي، باعتباره وسيلة للتعبير الحر، قلقاً متزايداً لدى العديد من الحكومات والأنظمة السّائدة. فتراها تتخذ التّدابير القمعيّة لإسكات صوت الشّارع، ومن أفضل الأمثلة على هذا النّوع من ردود الأفعال ما حدث في بريطانيا مع قانون السّلوك غير الاجتماعي لسنة 2003 وتوقيع النّواب على ميثاق يفيد بأنّ «الغرافيتي ليس فنّاً، بل جريمة».
«لعب صغيرات»
من جهته، وصف العم محمد (49 سنة) هذه الظاهرة ب»لعب صغيرات»،مستغربا هذه الطريقة في التعبير عن الرأي والتي لا يتبعها حسب رأيه غير «المخربين» و«عديمي الاحساس» -على حد تعبيره-،مضيفا: «لوكان هذا التصرف صادرا عن بعض الاطفال الصغار في السن لأغفلنا الاهتمام بالمسألة ولكن ان يعمد اغلب شبابنا الى تشويه الجدران والواجهات العمومية بتعلة التعبير عن الراي فهذا ما استغربه حقا».
من جانبها ايدت «صالحة»(39 سنة) ما ذهب اليه العم محمد،مطالبة السلطات باتخاذ الاجراءات الردعية الكفيلة بثني الشباب عن الرسم على جدران الممتلكات العامة منها والخاصة،معربة عن شديد انزعاجها من تعمد بعض الشباب «تشويه» جدار منزلها من خلال رسم ما وصفته بالصور القبيحة وخط «العبارات البذيئة»،مردفة: «لقد ضقت ذرعا بهذه التصرفات الصبيانية فكلما قمت بمحو هذه الصور والعبارات المستفزة الا وعاودوا الكرة».
وفي سياق متصل،طالبت «صالحة» السلطات باصدار تعليمات الى بائعي مواد الطلاء بعدم بيع المواد المستعملة في «الغرافيتي» ما لم يستظهر المشترون بوثائق شخصية وشهادة تشرح سبب اقتنائهم لهذه المواد،متابعة: «من يريد ان يمارس الكتابة او الرسم او التعبير عن حالة من الكبت فعليه بالدفاتر والأوراق المخصصة لذلك لا من خلال العبث بممتلكات الغير»،كما توجهت «صالحة» الى الاولياء بالقول: «ربينا ابنائنا تربية صحيحة مبنية على حرية الراي مع مراعاة ان حريتنا تنتهي عند حرية غيرنا فان شبابنا لن ينزلق نحو مثل هذه الظواهر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.