بقلم: أبو غسان منذ ظهور التسريبات الأولى لمحتوى مشروع قانون المالية لسنة 2014 تعددت ردود الفعل الرافضة لبعض الأحكام الواردة في هذا المشروع. فقد عبر اتحاد الأعراف عن رفضه لهذا المشروع، واعتبرته المنظمة الشغيلة هروبا إلى الأمام ، كما عبرت منظمة الدفاع عن المستهلك وبعض هيئات المهن الحرة عن استيائها منه داعية إلى مراجعته. وحتى رئيس لجنة المالية بالمجلس الوطني التأسيسي، وهو يمثل حركة «النهضة» القائدة للائتلاف الحاكم في البلاد، فقد عبر بدوره إزاء تحفظات عديدة عن هذا المشروع. كلمة السر في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة هي البحث عن دعم موارد الدولة بكل الطرق ومهما كان الثمن، حيث جاء المشروع عبارة عن سيل من الزيادات والضرائب والأتاوات الجديدة... ففيه ضريبة جديدة على الدخل قيل إنها لتخفيف العبء الذي تتحمله الدولة من دعم المواد الأساسية... وفيه زيادات منتظرة في أسعار المحروقات والطاقة بالنسبة لعدد من القطاعات الاقتصادية ولبعض الشرائح...وفيه أيضا أتاوة جديدة على السيارات... وفيه إخضاع المرابيح المتأتية من الأسهم لضريبة ب10 في المائة، فضلا عن إخضاع المؤسسات الأجنبية المنتصبة في بلادنا لضريبة ب10 بالمائة على أرباحها. وهي إجمالا الأحكام التي حافظ عليها هذا المشروع، بعد التخلي عن أحكام أخرى خلال آخر مجلس وزراء نظر في المشروع ووجهه إلى المجلس الوطني التأسيسي. أحد المختصين في الميدان المالي اختصر وصف قانون المالية لسنة 2014 بقوله أنه «يضرب آلة الإنتاج والقدرات الاستهلاكية على حد السواء»، مؤكدا أن «تأثيراته ستكون سلبية جدا في بلد يعاني أزمة اقتصادية ويصارع من أجل تحقيق نسبة نمو أفضل وخلق فرص عمل جديدة». هذا المشروع يضرب الاستهلاك لأنه يثقل كاهل الطبقة الوسطى، التي تعتبر العمود الفقري في الاستهلاك الداخلي بأعباء جديدة لن تكون قادرة على تحملها. فكل ما ستأخذه الدولة من هذه الشريحة من زيادة في الضرائب ستخسره السوق الداخلية. وهو أيضا يضرب آلة الإنتاج لأنه سيثقل كاهل المؤسسة الاقتصادية، بسبب الزيادة المنتظرة في كلفة الطاقة والمحروقات. كما أنه سيؤثر على نشاط المؤسسات الأجنبية بعد إخضاعها للمراقبة الجبائية ولضريبة على الأرباح في وقت غير مناسب بالمرة دفع بعضها إلى مغادرة البلاد إلى وجهات أخرى. المشكلة مع مشروع قانون المالية للسنة المقبلة أنه استهدف بالخصوص كل الأشخاص المعنويين والماديين الذين اعتادوا دفع ضرائبهم بانتظام، وتغافل عن فئات أخرى لا تدفع أي شيء تقريبا لخزينة الدولة. بل إن بعضها ما فتئت تتسبب في تخريب الاقتصاد الوطني بسبب تورطها في عمليات التهريب وإغراق البلاد في التجارة الموازية. كما أنه تغافل أيضا عن بعض الأنشطة التي تتمتع بالنظام التقديري عن غير وجه حق .. إنه باختصار مشروع بحث عن الحلول السهلة .. وهو ما دفع أحد المختصين في مجال التدقيق المالي والمحاسبة إلى القول بأنه «أسوء مشروع قانون مالية في مسيرته المهنية الطويلة». الكرة الآن في ملعب نواب المجلس الوطني التأسيسي الذين سيناقشون المشروع قبل المصادقة عليه.. فماذا تراهم سيفعلون ؟ وهل ستكون لهم الشجاعة الكافية لتصحيح ما يجب تصحيحه؟