التونسية (تونس) شهد أمس المجلس الوطني التأسيسي، مارطونا من الندوات الصحفية والتصريحات الإعلامية النارية التي بدت متناقضة بين الكتلة النيابية والأخرى بل وحتى بين النواب المنتمين لنفس الكتلة، عقب اعلان رئيس كتلة حركة «النهضة» الصحبي عتيق عن سحب كتلته للتنقيحات التي شملت النظام الداخلي. فقد كان من المنتظر ان يهز «التعذيب داخل السجون» موضوع الجلسة العامة أركان المجلس الوطني التأسيسي، لكن معركة النظام الداخلي تصدرت أمس قائمة أولويات النواب اذ كانت حديث زوايا المجلس وبدل مساءلة الوزراءالمدعوّين للجلسة العامة، تسابق النواب إلى عقد ندوات صحفية متتالية. كتلة حركة «النهضة» تتراجع عن تنقيحات النظام الداخلي فبعد أسبوعين على انطلاق أزمة تنقيح النظام الداخلي في المجلس الوطني التأسيسي،بإضافةكتلة حركة «النهضة» وحلفائها ، تعديلات رأت فيها المعارضة كثيرا من التشفي ورغبة في الانتقام من نواب المعارضة المنسحبين وتكميما لأفواههم ومعاقبة لرئيس المجلس مصطفى بن جعفر على تعليق اشغال المجلس التأسيسي في مرة أولى ولانحيازه للحوار الوطني في مرة ثانية،حسمت أمس كتلة حركة «النهضة» معركة النظام الداخلي ورفعت الراية البيضاء بإعلان رئيس الكتلة الصحبي عتيق خلال ندوة صحفية، عن سحب كتلته للتنقيحات التي شملت النظام الداخلي، مشيرا إلى أن قرار تراجع الكتلة عن هذه التعديلات يعود لحرصها على التوافق وعلى انجاح الحوار الوطني ولسحب كل المبررات والتعلّات التي تقف حاجزا أمام نجاح التوافق. وقال الصحبي عتيق، إن بعض الكتل عملت على تحصين المجلس من خلال تنقيح النظام الداخلي، اثر انسحاب عدد من النواب من المجلس الوطني التأسيسي،مشيرا إلى أنه تم تأويل هذه التنقيحات تأويلا سيئا. وأضاف عتيق أنه بحثا منها عن توافق يرضي الجميع طرحت كتلة «النهضة» فكرة ميثاق أخلاقي مقابل التخلي عن هذه التنقيحات وهي عبارة عن مدونة سلوك يلتزم بها النواب بمتابعة أشغالهم بالمجلس الوطني التأسيسي إلى حين انتخاب مجلس نواب جديد. وأفاد عتيق في سياق متصل، أن كتلة «النهضة» لا تزال تنتظر رد الكتلة الديمقراطية،مشيرا إلى أن كتلة حركة «النهضة» سحبت هذه التنقيحات وتخلت عنها لتوجّه رسالة إلى كل الكتل النيابية وخاصة لمن علّقوا أشغالهم داخل المجلس الوطني التأسيسي،مفادها استعداد حركة «النهضة» لنزع فتيل الخلاف حرصا على انجاح الحوار الوطني. كما أكد أن الميثاق الأخلاقي يتضمن ثلاث نقاط وهي التزام النواب بسحب التنقيحات وحق الأقلية في المجلس ومدونة سلوك. مناورات سياسية أم تقاسم للأدوار؟ ولم تمض عن اعلان رئيس كتلة حركة «النهضة» بضع دقائق، حتى خرجت تصريحات مناقضة من داخل نفس الكتلة ، حيث حمّل النائب نجيب مراد خلال الجلسة العامة التي خصصت لمساءلة وزراء الداخلية والعدل وحقوق الإنسان، المجلس الوطني التأسيسي مسؤوليته في التهاون مع التصريحات التي تشوّه المجلس على غرار اتهام أحد الأشخاص المشاركين في الحوار الوطني المجلس الوطني التأسيسي بأنه جزء من منظومة الفساد، مشيراإلى أنه لا وصاية على المجلس الوطني التأسيسي، وأنهم سيتشبثون بالتنقيحات التي أدخلت على النظام الداخلي. وقد لاقت مداخلة نجيب مراد تجاوبا كبيرا من نواب الكتلة الذين عبروا عن تفاعلهم معه بالتصفيق والهتاف وكأن ما صرح به رئيس الكتلة الصحبي عتيق لا يلزمهم، مما أثار العديد من التساؤلات لعل أبرزها إن كان هذا التناقض يندرج ضمن المناورات السياسية أو تقاسما للأدوار داخل حركة «النهضة». «النهضة» تتلاعب بمؤسسات الدولة من جهة أخرى، لاقى اعلان تراجع حركة «النهضة» عن التعديلات التي شملت النظام الداخلي، امتعاض كتل أخرى ممن دافعوا بشراسة إلى جانب «النهضة» عن هذه التنقيحات على غرار «ائتلاف سيادة الشعب» فقد اتهم النائب عن الائتلاف أزاد بادي حركة النهضة بالتلاعب بمؤسسات الدولة ببيعها للمؤسسات الشرعية في إطار المحاصصة الحزبية خوفا من فقدانها السلطة على حدّ تعبيره. وعبر أزاد بادي عن رفض «ائتلاف سيادة الشعب» تراجع كتلة حركة «النهضة» وسحبها لتنقيحات النظام الداخلي، مشيرا إلى أن الائتلاف يرفض أن يكون في خدمة الحسابات الحزبية الانتخابية ويرفض اللعبة السخيفة التي تديرها حركة «النهضة» بحسب قوله. وأعلن في هذا الإطار عزم «ائتلاف سيادة الشعب» عقد ندوة صحفية غدا لبيان موقفهم إلى الرأي العام بخصوص تراجع حركة «النهضة» عن هذه التنقيحات، معتبرا أن «النهضة» خضعت لابتزاز أطراف الحوار الوطني. من جهته، قال النائب سمير بن عمر إن «ائتلاف سيادة الشعب» لن يتخلّى عن تنقيحات النظام الداخلي مع إبداء استعداده لمبدإ التعديل الجزئي، وليس التخلي نهائيا عنها. واعتبر أن عدم إمضاء رئيس المجلس إلى حد الأمس على التعديلات هو خرق لقرارات الجلسة العامة، نظرا لأن التنظيم المؤقت للسلط والنظام الداخلي للمجلس التأسيسي لا يمنحان مصطفى بن جعفر سلطة خرق قرارات الجلسة العامة. نواب المعارضة يواصلون تعليق أشغالهم في المقابل عقد نواب المعارضة ندوة صحفية، عبروا فيها عن استحسانهم قرار حركة «النهضة» التراجع عن التنقيحات، معبرين عن استعدادهم لحضور الجلسة العامة المزمع عقدها غدا الجمعة في حال نظرت الجلسة في النظام الداخلي ووقع التصويت على تعديل التعديل. وقد أكد النائب عن حركة «نداء تونس» خميس قسيلة أن نواب المعارضة سيواصلون تعليق نشاطهم إلى حين عودة الحوار الوطني، مشيرا إلى أنهم سيلتقون اليوم الخميس ممثلي المنظمات الراعية للحوار الوطني للتنسيق معهم لأن «النواب المعلقين نشاطهم لا يهمهم المسار التأسيسي فقط بل يهمهم أيضا المسار الوطني» على حد تعبيره. وردا عن الميثاق الأخلاقي الذي تحدث عنه الصحبي عتيق، قال قسيلة «لدينا ميثاق واحد اسمه الحوار الوطني وولاء واحد هو الولاء لتونس». وتجدر الإشارة إلى أن معوّض الشهيد محمد البراهمي الفاضل الصغراوي أدى أمس القسم في الجلسة العامة ثم التحق بالنواب المعلقين لنشاطهم وقال خلال الندوة الصحفية التي نظمها نواب المعارضة «نحن في التيار الشعبي كان لنا الشرف أن زعيمنا استشهد في سبيل المبادئ وليس لنا إلا أن نواصل من حيث اسكت البراهمي» وأضاف «نحن هنا للأخذ بثأر البراهمي من العصابة المسؤولة جزائيا وتحريضيا عن اغتياله وهي حركة «النهضة» وزوائدها الدودية « كما أشار إلى أن مكان البراهمي لا يعوض أدبيا وأخلاقيا.. وان الحركة قادرة سياسيا على إنجاب طاقات تعوضه، على حد تعبيره وأضاف «سنحرر تونس من السرطان الاستعماري النهضوي». ويذكر أيضا أن كتلة «التكتل» أكدت مواصلة تعليق نشاطها في المجلس الوطني التأسيسي إلى أن يتم تدارك ما حصل في التنقيحات.