أقر أمس عبد الرحمان الادغم وزير الحوكمة ومكافحة الفساد خلال تظاهرة بالعاصمة حول « مكافحة تبييض الأموال في تونس بين الواقع والتحديات» التي نظمتها الغرفة الفتية العالمية بتونس بالتعاون مع الجمعية التونسية لقانون التنمية , أن وزارته بصدد العمل على صياغة مشاريع قوانين تندرج في إطار الإستراتيجية الوطنية لمقاومة الفساد وان القوانين تعمل على تجريم الثراء غير المشروع والتصريح بالمكاسب وتضارب المصالح وتحيين قائمة الجرائم الاقتصادية وجرائم الفساد اضافة الى قانون لحماية المبلغين على الفساد والعمليات المشبوهة وآخر خاص بإصلاح المنظومة الرقابية مشيرا إلى أنهم سيعملون على عرضها خلال القريب العاجل على أنظار نواب المجلس الوطني التأسيسي . و في خصوص الآليات الحالية المسخرة للتصدي لهذه الظاهرة نوّه الادغم بدور لجنة التحاليل المالية التي تتعامل مع البنوك والمؤسسات المالية في هذا الإطار وتقوم بالتبليغ عن مجموع العمليات المشبوهة مشيرا إلى أن وزارة الحوكمة بصدد العمل على إنشاء مؤسسة استعلاماتية في هذا الغرض ستبعث قريبا وسيكون عملها مشتركا بين كل من وزارات الدفاع الوطني والداخلية ووزارة المالية والإدارة العامة للديوانة حسب قوله. و على المستوى الدولي أكد الادغم أن لجنة التحاليل المالية بصدد العمل والتنسيق مع العديد من المؤسسات وذلك للإعلام وللتعاون في العديد من المجالات استجابة للعديد من التوصيات والاتفاقيات الدولية التي انخرطت فيها تونس في مستوى التصدي للفساد قائلا «غسيل الأموال هو إضفاء الصفة الشرعية على أموال اكتسبت بصفة غير شرعية وقد أصبحت هذه المسألة جريمة عبر القارات تمثل 15 % من الاقتصاد الدولي أي ما يقارب ألف مليار من الدولارات سنويا ونعلم الجميع ان لجنة التحاليل المالية قد تفاعلت مع هذا الموضوع بجدية ودرست أكثر من ألف ملف محل شبهة منذ إنشائها». و بينّ وزير الحوكمة أن جريمة تبييض الأموال مرتبطة بصفة وثيقة بجرائم أخرى تمس في جوهرها من حقوق الأفراد والمجتمعات ومن الأجيال القادمة قائلا أن وزارته في سعي دائم للتصدي لممارسات مماثلة من خلال تركيز منظومة وطنية للنزاهة مشيرا إلى أنّ مصاريف بعض الجمعيات والأحزاب مثيرة للشكوك وانّ الوزارة بصدد إعداد مشروع قانون يعنى بالتثبت في مصادر تمويلهم. أما حمدي كشيدة رئيس الغرفة الفتية العالمية بتونس فقد أكد ان ظاهرة الفساد المالي وتبييض الأموال قد تفشت بصفة كبرى بعد الثورة نظرا لنقص الرقابة ونقص الأطر القانونية الكفيلة بمكافحة هذه الظاهرة مبينا أن لها تأثيرا مباشرا على الاقتصاد التونسي واضاف «لقد خلصنا إلى وجود تباعد غير مبرر بين الحكومة والاكاديميين والباحثين وسنحاول وضع حجر الأساس لقانون مشترك بين جميع الجهات المشاركة في التظاهرة حتى نضمن مستقبلا زاهرا للاقتصاد التونسي». من جهته قال أنيس عبيد خبير محاسب وكاتب عام الغرفة الفتية العالمية بتونس إن تطبيق القانون هو الحل في هذه المسألة مضيفا « لقد لاحظنا ارتفاع عدد الجمعيات مقابل الغياب التام لآليات مراقبة لحساباتها وكذلك وجب محاربة أزمة السوق الموازية». التجارة الموازية المتسبب الرئيسي و تحدث نبيل عبد اللطيف رئيس هيئة الخبراء المحاسبين عن وسائل الوقاية من هذه الظاهرة وعن مجالات تدخل الخبير المحاسب في مستوى النصوص والقوانين قائلا إن شعارهم داخل الهيئة هو التصدي لهذه الظاهرة وأضاف « هناك عديد الهيئات الرقابية التي تعمل لكشف هذه الجرائم لكن غاب التنسيق في ما بينها ومجال تدخل الخبير المحاسب يكون على ثلاثة أصعدة منها ما يتعلق بالنصوص والوقاية ورصد الظاهرة وتبويبها وإحصائها». و أوضح نبيل عبد اللطيف ان تونس تفتقد للتشريعات القانونية وللمختصين في مجال تبييض الأموال. وأن التجارة الموازية تمثل نصف الاقتصاد التونسي وهي من بين المخاطر التي تفتح المجال أمام تبييض الأموال معتبرا انه بدعوى حرية التعبير لا توجد ضوابط لمراقبة تمويلات بعض الجمعيات البالغ عددها 16 ألف جمعية. و كان اللقاء فرصة لعرض التشاريع القانونية التونسية في مجال تبييض الأموال وكيفية تعزيز النظام المصرفي والمحافظة على سلامته الى جانب دراسة كيفية تطوير العلاقة الإدارية بين الأجهزة القضائية . وشكلت مداخلات وشهادات العديد من ذوي الخبرات في مجال مكافحة تبييض الأموال مثل الخبراء المحاسبين وخبراء في القطاع المالي فرصة للتعريف بالإجراءات الوقائية والردعية في مجال غسيل الأموال وطرق تطويرها ومناسبة لتقديم اقتراحات في الغرض.