التونسية (تونس) احتضنت أمس جزيرة جربة من ولاية مدنين الملتقى الوطني للمجتمع المدني في دورته الثانية تحت شعار «لنستعد للانتخابات» والذي تتواصل فعالياته إلى 28 من الشهر الجاري بمشاركة 750 مشاركا ممثلين عن 250 جمعية ببادرة مع الإتحاد العام التونسي للشغل وشبكة دستورنا والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات «عتيد» والجمعية التونسية للقانون الدستوري وبالاشتراك مع الشبكة الأوروبية والمتوسطية لحقوق الإنسان والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان... و شددت المنظمات المشاركة في الملتقى على ضرورة رصّ الصفوف وتجميع العائلة الديمقراطية استعدادا للانتخابات القادمة, منتقدة ما اعتبرته سلبية عدد من الاحزاب السياسية في مناقشة كل ما يتعلق بالانتخابات مؤكدة أنه أمر يدعو للحيرة والتساؤل. كما طالب البعض الاخر بالعمل على تكريس مبدإ حيادية الاجهزة المشرفة على الانتخابات ووضع شبكة مراقبين للوصول الى انتخابات نزيهة وشفافة بقطع النظر عن نتائجها والعمل على تجاوز التحديات الامنية والاقتصادية ( الارهاب والركود الاقتصادي...) مطلوب جرأة لتحييد الإدارة و في هذا الاطار اكد عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان أحد اطراف الرباعي الراعي للحوار ان انجاح العملية الانتخابية يتطلب قبل كل شيء ارادة سياسية واضحة في توفير ظروف ومقومات اجراء انتخابات نزيهة وحرة من خلال تحييد الادارة ودور العبادة وضمان حياد الاعلام وتطبيق القانون على المجموعات التي تمارس العنف سرا او جهرا اضافة الى ارساء هيئة عليا مستقلة للانتخابات وسن قانون انتخابي متطابق مع المعايير الدولية على حد قوله ,مضيفا ان كل هذه المقومات نادت بها خارطة الطريق في الحوار الوطني وامضت عليها الاحزاب المشاركة,قائلا: «يسعى الرباعي الراعي للحوار الى تنفيذ بنود خارطة الطريق إلاّ أنّ هناك عديد المسائل مرتبطة بشكل الحكومة المقبلة ومدى استقلاليتها وكفاءة وحياد اعضائها...» مشددا على ضرورة ان يتحلى وزراء الحكومة الجديدة بالجرأة على توفير كل الظروف الملائمة لاجراء انتخابات حرة ونزيهة, معلقا: «لا بد ان يكون وزراء الحكومة القادمة جريئين لتحييد الادارة...». غموض حول حيادية واستقلالية هيئة الانتخابات وأشار بن موسى الى ان الاطراف السياسية والمدنية في أمسّ الحاجة الى التحاور والتشاور في مختلف جوانب ومراحل العملية الانتخابية مضيفا ان الانتخابات القادمة التي ستشهدها بلادنا تعتبر محطة مفصلية فإمّا أن ننتقل بواسطتها فعلا الى المرحلة الديمقراطية أو أن تشرع العودة الى ممارسات ومؤسسات الاستبداد, معتبرا ان اعتماد المعايير الدولية في المسار الانتخابي باكمله هو المدخل الصحيح للمجتمعات التي تطمح الى الديمقراطية, قائلا: «ان ارادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة يعبر عنها بواسطة انتخابات نزيهة دورية تجرى على اساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع...». وأشاد بن موسى بالدور التاريخي الذي لعبته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات برئاسة كمال الجندوبي التي وصفها بالنزيهة والمستقلة,مضيفا ان الهيئة الجديدة التي ستشرف على الانتخابات المقبلة لم تشكل بعد وأن القانون الذي أنشأها اشتمل على عديد العيوب والنقائص وأن الغموض مازال قائما حول مدى استقلاليتها وحيادها على حد قوله, معلقا: «كما أن عملها سيكون مرتهنا بأيدي السلطتيتن التنفيذية والتشريعية اللتين تتحكمان في مواردها, أما القانون الانتخابي فهو بيت القصيد لذلك يجب ان يكون متطابقا مع المعايير الدولية في مجال الانتخابات...كما تكتسي مسألة الإعلام أهمية كبيرة اذ لا بد من اعلام حر ومحايد في المسار الانتخابي وضمان حقه في في مواكبة وتغطية كامل مراحل المسار الانتخابي وتمكين كافة المشاركين في العملية الانتخابية من التعبير عن آرائهم بكل حرية... وحث بن موسى المواطنين على المسارعة بتسجيل أسمائهم في القائمات الانتخابية, مضيفا أن العملية الانتخابية تتطلب تحييد الادارة والمساجد مع توفير امكانيات مادية وبشرية هائلة للقيام بعملية التحسيس قصد التسجيل بالقوائم الانتخابية. مطلوب من الأحزاب ومؤسسات الدولة ان تهتم بالانتخابات من جانبه شدد مختار الطريفي الحقوقي والرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على ضرورة تجاوز الهنات والاخلالات التي رافقت التجربة الانتخابية في 23 اكتوبر 2011 قصد الوصول الى تأسيس الدولة المدنية والديمقراطية التي تصان فيها الحريات الاساسية وتحترم فيها القوانين, مضيفا ان منتدى منظمات المجتمع المدني على درجة كبيرة من الاهمية باعتباره يناقش موضوع الانتخابات الذي أثار الكثير من الجدل نظرا لعدم تشكّل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وعدم التوصل الى صياغة قانون انتخابي من شأنه تنظيم عمليات الاقتراع. ودعا الطريفي الفرقاء السياسيين والدوائر الحكومية الى ضرورة الاهتمام بموضوع الانتخابات, قائلا: «مطلوب من الاحزاب ومؤسسات الدولة ان تهتم بالانتخابات ونحن كمجتمع مدني سنساعدها على ذلك... «كما طلب من مكونات الحقل السياسي تكثيف عمليات المراقبة خلال الاستحقاق الانتخابي القادم واخذ العبرة من التجربة السابقة... مؤشرات لا تنبئ بانتخابات شفافة من جانبه دعا «قاسم عفية» الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل منظمات المجتمع المدني الى التحلي بروح التسامح بين بعضهم البعض للتغلب على كل من لا يريد النجاح للملتقى, قائلا: «نريد ان نحقق من خلال هذا الملتقى في جزيرة الاحلام آمال شباب تونس الذين ضحوا بدمائهم من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية وجعل الحلم واقعا ملموسا, يجب ان تكون صدورنا رحبة حتى نتجاوز أخطاءنا ونقائصنا لان تجربتنا متواضعة ولا تتطلب ان نحاسب بعضنا البعض... واتحادنا في مواجهة من لا يريد النجاح لملتقانا هذا... هناك مؤشرات لا تنبئ بانتخابات شفافة... وبدا عفية متفائلا عند حديثه عن المرحلة القادمة, معلقا: «سنتوصل الى انجاح الملتقى على درب انجاز الانتخابات القادمة وارساء دولة ديمقراطية تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية العادلة والمساواة... حتى تكون هناك شرعية قارة، شرعية انجازات وليست شرعية من يتمسك بالحكم... الوطن السعيد نحن فداه...».