في تصريح خص به «التونسية»،وصف مصدر مقرب من وزير التعليم العالي المنصف بن سالم الذي تحول منذ أيام إلى المستشفى العسكري بالعاصمة لتلقي العلاج، الحالة الصحية للوزير بالحرجة والمثيرة للقلق. و بين محدثنا أن مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وغيرهما من الأمراض المزمنة الأخرى التي ورثها الوزير نتيجة سجنه خلال العهد البائد، تعاود اليوم مهاجمة بدن الدكتور وبصفة أخطر من ذي قبل «نتيجة اضطراب في تناول الدواء» - على حد تعبيره-، مشددا على ان حالته الصحية تتطلب العناية القصوى والتعاطف الكامل والدعاء له بالشفاء. وبهذه المناسبة الأليمة، تعبّر كل اسرة «التونسية» عن شديد تضامنها مع الدكتور المنصف بن سالمٍ، داعية له الله بالشفاء العاجل والصحة والعافية والصبر على الابتلاءات والتسلح بقوة الإيمان. لمحة عن مسيرة الدكتورالنضالية المنصف بن سالم لمن لا يعرف عنه الكثير، هو عالم في الرياضيات حقق أرقاما قياسية في تاريخ التحصيل الأكاديمي حيث كان يبلغ من العمر عند تخرجه كأصغر دكتور مهندس في العالم 23 عاما فقط، كما حاز على دكتوراه دولة في الرياضيات عن سنّ لم تتجاوز 27 سنة، ليصبح في وقت وجيز من مؤسسي المدرسة القومية للمهندسين وأيضا كاتبا عاما مؤسسا لنقابة التعليم العالي بصفاقس. والدكتور منصف بن سالم حائز على باكالوريا رياضيات سنة 1970 وعلى ديبلوم جامعي للدراسات العلمية: رياضيات وفيزياء سنة 1972 ثم تحصل على شهادة الأستاذية في الرياضيات سنة 1974 وعلى ديبلوم الدراسات المعمقة بباريس سنة 1975 وعلى ديبلوم مهندس رئيس صناعة آلية بباريس سنة 1976 وفي السّنة نفسها حاز على دكتوراه اختصاص فيزياء نظرية بباريس، وفي سنة 1980 دكتوراه دولة رياضيات. خارج حدود الوطن تولى الدكتور بن سالم خطة مقرر بمركزية الرياضيات ببرلين وميشيغان بالولايات المتحدةالأمريكية وكان أستاذا زائرا بجامعة ميريلاند الأمريكية والمركز الدولي للفيزياء النظرية بإيطاليا وعضوا بالمركز القومي للبحث العلمي بفرنسا وعضوا بالمركز الدولي للفيزياء النظرية بتريستا يونسكو والوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما كان عضوا في إتحاد الفيزيائيين والرياضيين العرب وعضوا في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وأستاذا باتحاد الجامعات الناطقة بالفرنسية ببلجيكا وكندا. وقد ظل الدكتور المنصف بن سالم تحت المراقبة الأمنية لأكثر من 20 عاماً ومنع من التنقل داخل البلاد وخارجها. كما حرم،رغم نبوغه،من التدريس بالجامعة التونسية بعد فصله منها سنة 1987. يوم 26 نوفمبر 1987 اعتقل الدكتور المنصف بن سالم وصدر حكم من محكمة أمن الدولة بسجنه 10 سنوات أشغال شاقة و10 سنوات مراقبة إدارية ليظل إلى سنة 1989 بحالة إيقاف. وفي ماي 1989 وقع منعه من مباشرة مهامه بوصفه أستاذا محاضرا في الرياضيات بالمدرسة القومية للمهندسين بصفاقس. وفي سنة 1990 صدر أمر رئاسي يقضي بشطب إسمه من الجامعة، وفي نفس السنة وإثر تصريح صحفي أدلى به الدكتور منصف بن سالم لأحد الصحافيين الجزائريين تم إيقافه. وبعد خروجه من السجن سنة1993 وضع الدكتور منصف بن سالم بمحل سكناه تحت الإقامة الجبرية، دون أي حكم قضائي. وحتى سنة 1994تم مُنعه من زيارة والدته المريضة وحضور جنازتها ومراسم دفنها بعد وفاتها. وفي 30 مارس 2006 أعلن الدكتور منصف بن سالم دخوله وأفراد عائلته في إضراب عن الطعام احتجاجا على قرار الجامعة طرد إبنه أسامة بن سالم ورفيقيه بسام النصري وعلي عمر بعد إحالتهم على مجلس التأديب بجامعة صفاقس على خلفية تنظيم تظاهرة طلابية في 02 فيفري 2006. وقد لخّص الدكتور بن سالم في ذلك الوقت ما كان يتعرض له من اضطهاد بقوله : « ما يجري معي أمر يتجاوز الخيال وهو فوق القدرة على الفهم والتفسير .. إنهم ببساطة يحكمون علي بالموت». وعقب الثورة المجيدة، تمكن الدكتور من استئناف العمل بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس يوم 31 مارس 2011. وتوّجت محنته التي دامت أكثر من عقدين من الزمن بصدور حكم من المحكمة الإدارية بتونس يوم 26 ماي 2011 يقضي بإلغاء كل الإجراءات التعسفية ضده. وبعد فوز «النهضة» بانتخابات 23 أكتوبر 2011 عيّن الدكتور المنصف بن سالم وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي في حكومة حمّادي الجبالي وهي الخطة التي يشغلها حاليا في حكومة علي العريض. أسرة «التونسية» وأمام هذا المصاب المؤلم تعبّر عن تعاطفها مع الدكتور منصف بن سالم وكل أفراد أسرته داعية له بالشّفاء العاجل والصحّة والعافية والصّبر على الابتلاءات.