جاوزت السنة الجامعية نصفها الأول ومع ذلك مازالت 16 مؤسسة جامعية من مبيتات ومطاعم ومراكز ثقافية تعاني من شغور خطة المدير منذ ما يزيد عن 6 أشهر و،قد نجم الفراغ الحاصل على رأس هذه المؤسسات الجامعية عن قرار اعفاء مدرائها «دون وجه حق» حسب ما قال ل التونسية» أحد المديرين المعفيين. محدثنا الذي اتصل بنا بمقر الصحيفة والذي كان يشغل خطة مدير أحد المراكز الجامعية والذي فضّل عدم نشر اسمه قال ل« التونسية» إنه وزملاءه تعرضوا إلى «مظلمة» أعفتهم من مهامهم. وأفاد أنه تبعا لقرار سياسي تم إعفاء منذ ما يزيد عن 6 أشهر 16 مديرا من مهامهم على رأس 16 مؤسسة جامعية , وهم محسن بن نفيسة( المركز الثقافي بمنوبة) وجمال الشريف( المركز الثقافي الجامع بتونس) وسندة التونسي (المبيت الجامعي العمران 1)و الحبيب الشرفي (الحي الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير) ورشيد نجاح (المركز الثقافي الجامعي بسوسة) ومراد عبد اللطيف (المبيت الجامعي الإمام المازري بالمنستير) وفيصل فرحات(المركز الثقافي بالمهدية) وكلثوم محجوب (المبيت الجامعي بالمهدية) ووناس معلى (الحي الجامعي ابن شباط بصفاقس )و الهادي الميساوي (المبيت الجامعي الرائد البجاوي بصفاقس) ومحمد المصمودي (المطعم الجامعي الزياتين بصفاقس) وفريد مقني (المطعم الجامعي علي الشرفي بصفاقس) ورجاء المديوني (المبيت الجامعي باردو2) وروضة كعنيش ( الحي الجامعي علي النوري بصفاقس) ومسلم الفطحلي (المطعم الجامعي الورود بالمنستير)و فوزي الحمدي (المبيت الجامعي الرياض بسوسة). ما الحكاية ؟ يعود أصل الإشكال حسب رواية محدثنا إلى شهر جويلية من صائفة 2013, قائلا إن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عمدت إلى إعفاء عدد كبير من مديري مؤسسات الخدمات الجامعية من مهامهم (مبيتات ,مطاعم ,مراكز ثقافية) تحت عنوان «إنهاء الإلحاق « أو «عدم تجديد الإلحاق» دون ذكر لأسباب منطقية أو موضوعية تمّ على أساسها اتخاذ قرار الإعفاء على حد قوله .و أضاف قائلا :«من المهم الإشارة إلى أنه قبل صدور قرار الإعفاء تم تسليط ضغوطات على بعض المديرين قصد إرساء رؤى ومشاريع ثقافية تتماشى مع ايديولوجيا الحزب الحاكم وقتذاك على غرار السماح للجمعيات الخيرية وذات الطابع الإسلاموي بالولوج إلى فضاءات الجامعة ...و هنا تكمن الخطورة في الترويج لثقافة معيّنة وأدلجة عقول الشباب في استغلال لظروفهم المادية وعدم اكتمال نضجهم الفكري .... وأمام رفض عدد من المديرين الرضوخ لهذه الطلبات والدخول إلى بيت الطاعة, ردّت وزارة الإشراف الفعل بتنحيتهم من مهامهم دون سندات قانونية ودون مراعاة لسنوات خبرتهم ومصلحة المؤسسات الجامعية ...». وأضاف محدثنا أن هذا التصرف ناجم عن السعي لإرساء ما وصفه ب«المشروع الثقافي الحزبي قصد السيطرة على الجامعات وأدلجتها وإفراغها من النشاط الثقافي والفكر النقدي ... ». «قرار المحكمة الإدارية منصف ... ووزارة الإشراف لم تنفذ » وواصل محدثنا قائلا: «لم يقف المديرون المعفيون مكتوفي الأيدي بل رفضوا قرار وزارة الإشراف غيرة منهم على مصلحة الجامعة التونسية ورفضا لمحاولات تحويلها من حاضنة للفكر وإلى «خلية» تابعة لأي حزب كان» مشيرا إلى أنه وزملاءه المعنيين بقرار الإعفاء قاموا بعدد من التحركات الجماعية احتجاجا على ما اعتبروه «قرارات تعسفية في حقهم» ملاحظا أنّ كل محاولاتهم باءت بالفشل. وأمام هذه الوضعية , أفاد مصدرنا أنه تم اللجوء إلى القضاء قائلا « رفع عدد من المديرين الذين تم اعفاؤهم قضايا لدى المحكمة الادارية منذ موفى سبتمبر 2013,فكسبوها إذ صدرت قرارات بإيقاف التنفيذ في حق أربعة من المدراء وهم :فيصل فرحات (مدير المركز الثقافي الجامعي بالمهدية) و وناس معلى (مدير الحي الجامعي ابن الشباط بصفاقس) ومحمد المصمودي (مدير المطعم الجامعي الزياتين بصفاقس) والهادي الميساوي (مدير المبيت الجامعي الرائد البجاوي بصفاقس). ولكن ورغم تقدم هؤلاء المديرين بطلب تنفيذ قرار المحكمة الإدارية المؤرخ في 9 ديسمبر 2013 عن طريق المكلف العام بنزاعات الدولة فإن الوزارة لم تنفذ القرار إلى غاية اليوم !» و بخصوص موقف الوزير الجديد للتعليم العالي والبحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات والاتصال توفيق الجلاصي من هذا الملف , أجاب مصدرنا: « لقد بعثنا إليه بمراسلة في الغرض لخصنا فيها كل فصول المظلمة التي تعرضنا لها... وأملنا أن تصل إليه ! ». «حذار...فالعواقب وخيمة» أحد المديرين المعفيين من مهامهم الذي رافق محدثنا حذر في حديثه ل«التونسية» من مغبّة تواصل ما وصفه ب«الخطّة الممنهجة لضرب استقلال المؤسسات الجامعية» قائلا:« رغم فتح باب الترشحات لتعيين مديرين بدلا عنا منذ شهر سبتمبر 2013 فإن هذه المناصب بقيت شاغرة إلى حدّ اليوم ويبدو أن ملفات الترشحات المقدمة لم توافق هوى وزارة الإشراف فصمتت عن التعيينات إلى حد اليوم دون أي توضيح يذكروهكذا بقي العديد من المبيتات والمراكز الثقافية والمطاعم بلا مدراء إلى حدّ اليوم وفي هذا الأمر إهدار للمال العام وغياب للإحاطة بالطالب وإفراغ للمؤسسات الجامعية من دورها التوعوي التنويري ...كما نتج عن ذلك حرمان طلبتنا من المشاركة في تظاهرات ثقافية داخل حدود الوطن وخارجه...» . وفي خاتمة حديثه ,توجه محدثنا برسالة إلى وزير التعليم وكافة مكوّنات المجتمع المدني قائلا فيها :« مؤسساتنا الجامعية التي أنجبت نخبة هذا البلد ومثقفيه مهددة بخطر التسطيح والأدلجة ... فحذار فالعواقب حتما ستكون وخيمة !» .