لماذا أقصي أعوان الحماية المدنية من التكوين في منظومة مقاومة الإرهاب ؟ رجل الحماية لم يحصل منذ 3 سنوات على زيّه النظامي يتربص الخطر بأعوان الحماية المدنية أينما حلّوا ودفع الكثير منهم حياتهم ثمنا ليعيش غيرهم...يعرفون متى يبدأ عملهم ولا يعرفون متى ينتهي. فالليل والنهار عندهم سيان في سبيل نجدة واغاثة الانسان... هم «قاهرو» الموت والحرائق والزلازل والفيضانات وغيرها من الحوادث والكوارث الطبيعية... لا يطلبون امتيازات لقاء عملهم غير دعوة خير هم في امس الحاجة اليها في مواجهة يومية مع الموت... وتزامنا مع الاحتفاء باليوم العالمي للحماية المدنية الموافق لغرة مارس من كل سنة التقت «التونسية» بمعز الدبابي الناطق الرسمي باسم اتحاد نقابات الحماية المدنية فكان معه الحوار التالي: قبل الحديث عن اتحاد نقابات الحماية المدنية الذي تحمل صفة الناطق الرسمي باسمه، لو توضح لنا أسباب انسلاخكم عن النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي التي كنتم تتبعونها؟ لقد تبنّت قرار الانسلاخ التام عن النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي حوالي 23 نقابة أساسية في سلك الحماية المدنية وذلك من منطلق حرصنا على ضرورة النأي بهذا السلك عن كل التجاذبات السياسية، ففي بداية تكوين اللّبنة الأساسية للنقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي كان الهدف الأساسي هو بناء نقابة أمنية مستقلة تضم جميع الاسلاك ولذلك انخرط اعوان الحماية المدنية في هذه النقابة ودعموها في البداية بشكل كبير، ولكن رغم كل المجهود الذي بذلناه صلب هذه النقابة لم نلاحظ نية حقيقية للإصلاح بل تم تهميش مطالب سلك الحماية المدنية ونحن الذين تعهدنا بالدفاع عن مطالب غيرنا من اعوان السجون والحرس الوطني ووحدات التدخّل... وهو الامر الذي دفع بنسبة كبيرة من النقابات الأساسية للحماية المدنية الى تبنّي موقف موحد بضرورة تصحيح المسار النقابي لسلك الحماية المدنية، ولتوحيد صفوف النقابات الأساسية للحماية المدنية ولدرء التصدعات في صفوفها توجهنا الى تكوين اتحاد نقابات الحماية المدنية التابع لنقابة قوات الأمن الداخلي والديوانة. كيف تقيم الوضع المهني بسلك الحماية المدنية؟ وما هي مطالب الأعوان؟ هو وضع اقل مال يقال عنه انه صعب، فمشاكل الحماية المدنية قديمة ولم تجد إلى اليوم طريقها الى الحل رغم الترفيع في ميزانية هذا السلك بحوالي 8 أضعاف ما كانت عليه قبل الثورة،فما بالك والحديث عن المشاكل الناجمة عن عدم استقرار الوضع !.. إن مطالبنا أبسط مما يتخيلها البعض وتتلخص أساسا في ضرورة توفير أبسط ضرورات العمل الامني من تدعيم للمقرات وتمكين الوحدات العاملة صلب هذا السلك من الدعم المادي واللوجستي الذي تستحقه علاوة على مزيد الاعتناء بسياسة التحكم الاداري والتاطير والتواصل وتفعيل التشاريع المنظمة للعمل. ولكنك قلت إنّ ميزانية الديوان الوطني للحماية المدنية تضاعفت حوالي 8 مرات، فهل يعقل الا يحل هذا ولو جزءا بسيطا من المشاكل التي عددتها على مسامعنا؟؟ صحيح،على مستوى الارقام الاصلاح موجود ولكن على المستوى العملي لا شيء يذكر.. فعلى الرغم من ان الميزانية تضاعفت 8 مرات فإنّ عددا كبيرا من اطارات واعوان الحماية المدنية لم يتمتعوا بزي العمل النظامي منذ 3 سنوات وهو ما لم يحدث حتى قبل الثورة حيث كنا نحصل على زيين اثنين في السنة و«لاباس» ولو كان الزي متوفرا للبيع لاشتريناه «المفيد ما نخرجوش في صورة خايبة قدام الناس» خاصة أنّ الزي وجه تونس خاصة إذا كان نظاميا... وكما تلحظ فانه على مستوى العمل الاداري ليس هناك توجهات واضحة ورغم ذلك لا يحتج أعوان الحماية المدنية ولا يتذمرون كما يفعل غيرهم لأن صفارات الانذار لا تتوقف مع مرور ساعات اليوم، وليس علينا غير الاسراع بالإغاثة والإسعاف والتدخل. ومع ذلك لم نتمكن الى اليوم من تسوية الوضع المهني وتحسين ظروف العمل داخل هذا السلك ولو دخلت مقرات الحماية المدنية لأصبت حتما بالهلع. هلع ! لماذا؟ أسقف تقطر مطرا على رؤوسنا شتاء ..مراحيض وضعها كارثي..جدران آيلة للسقوط... أسرّة قديمة ومتآكلة وكل هذا لا يمكن ان يتماشى مع طبيعة عملنا والتكوين الذي تلقيناه والتضحيات والمجهود الجسدي الجبار الذي نبذله في تأدية الواجب، فكما تعرف اننا نقضي في العمل وقتا اكثر من الوقت الذي نقضيه مع عائلاتنا ونضطر للعمل 24 أو 48 ساعة ليلا نهارا، دون انقطاع إذا ما استدعت حالة طارئة ذلك. نحن لا نقول هذا لنكسب تعاطف احد فنحن رجال هذا الوطن «الصّحاح» والمعروفون بالصبر والتحدي والاندفاع (مازحا)و ان كان في كثير من الأحيان مشوبا بالتهوّر.. نحن على يقين تام بان عملنا لا يتطلب الرفاهة ولكن ايعني هذا ان ندفن في الحياة؟؟ وهل من المعقول ان نهمش سلكا يتوجه بخدماته الى المواطن قبل كل شيء؟؟ هل تبرر بذلك انتقاد بعض المواطنين للحماية المدنية بالتباطؤ في التدخل والنجدة حدّ التقصير في بعض الأحيان؟؟ الكلمة الشائعة اليوم ان «الحماية ما تجي كان بعد ساعة» ويتم بموجب ذلك احتجاز فريق لوصوله متاخرا كما وقع مؤخرا في عدد من مناطق الجمهورية والحال ان الذنب ليس ذنب فريق العمل الميداني،فالسبب في ذلك إما لان المنطقة محل التدخّل غير خاضعة لتغطية مباشرة من الحماية المدنية وهذا يستوجب بعض الوقت للوصول اليها او قلة المعدات والامكانيات،فكيف لنا ان نتدخل بسيارة إسعاف واحدة واثنتان خرجتا في مهمة اغاثة وتم الاستنجاد بك للتدخل في مهمة طارئة اخرى؟؟؟ والأغرب من هذا كله انه مع فرضية بلوغ سيارة الاسعاف مكان الحادث على جناح السرعة وكان عدد الضحايا 4 فرضا فانه لا يمكن للسيارة ان تقل سوى ضحيتين فقط وفي هذا هناك قانون واضح وصريح، فماذا نفعل حينها أنسعف إثنين ونترك الآخرين ليواجها قدرهما بالموت المحتوم؟؟؟.. وهل ينبغي حينها ان نطبق القانون ونختار الذي سنسعفه من الذي نتركه ليموت؟؟..و هذا لا يعرفه الكثيرون.. وأحيطك علما ايضا انه في حال وقوع حادث لسيارة الاسعاف فلا يتمتع من ضمن 4 ضحايا والسائق ومرافقه (فرضا) سوى ضحيتان فقط بالتامين اما البقية فلهم رب كريم. وهل من مراقبة قانونية لتوقيت خروج فريق الحماية في مهمة إنقاذ؟؟؟ دقيقتان كاقصى حدّ من وقت الاشعار بالحادث يجب ان نكون في الطريق لإنجاز المهمة وهذا طبعا يخضع لمراقبة وتتبعات ادارية ...فعندما يتصل المواطن بالرقم 198 ويكون بين حياة او موت يجب ان تكون سيارة الاسعاف بجانبه بعد 10 دقائق من اتصاله على اقصى تقدير وليس بعد ساعة خاصة لبعد بعض المناطق غير الخاضعة لتغطية الحماية المدنية.. وما هي المناطق غير الخاضعة لتغطيتكم؟ ان اغلب المناطق عير المغطاة من الحماية المدنية هي في الغالب المناطق النائية والبعيدة عن مقرات الحماية المدنية،و لذلك من مطالبنا ان تعمل الدولة على فتح مراكز قريبة من المناطق السكنية الكبيرة والتي تتطلب تدخل الحماية المدنية.. فلو تخير المواطن بين بعث مركز شرطة ومركز حماية مدنية قرب منزله حتما سيختار مركز حماية مدنية خاصة لما يوفر له ذلك من شعور بالامان. أليس من الأفضل في كلتا الحالتين(بعد المنطقة وقلة الامكانيات) أن تنسقوا مع جهات أخرى للتدخل السريع والعاجل؟؟ نعم عادة في مثل هاتين الحالتين نستعين بوزارة الصحة ولكن في اغلب الاحيان نخضع لمشكل كبير جدا لعدم توفر الوسائل والإمكانيات الضرورية للتدخل من دون ان نتحدث عما يعوزنا في الوقت الحالي من إمكانيات ووسائل لمجابهة الخطر الإرهابي الجديد !. ولكنكم لستم في تدخل مباشر في مواجهة مع العناصر الإرهابية؟؟ هذا ليس صحيحا،فنحن الذين نتعرض لخطر العناصر الإرهابية وفي الصف الأمامي في حال المواجهة معها لان مهمتنا هي تغطية مكان المواجهات بين العناصر الأمنية والإرهابية وتامين الرعاية الصحية لكلا الطرفين،و حتى نؤدي هذه المهمة من دون التضحية بعدد من اعواننا ينقصنا خبراء لكشف المتفجرات والواقيات من الرصاص والاقنعة المضادة للغازات... ولذلك اقولها وبصريح العبارة اننا معرضون في أيّة لحظة للموت في الصف الاول حتى قبل زملائنا الامنيين. و هنا اسمح لي ان اتساءل لماذا لم يتم إدماج عون الحماية المدنية في تكوين مقاومة الارهاب خاصة انه هو الذي ياخذ على عاتقه توفير محيط سلامة العملية ككل وتجنب اكبر عدد من الخسائر البشرية في كلا الصفين؟؟..زد على ذلك انه حتى عندما نتحدث عن عملية امنية ناجحة لا يتم الحديث عن الدورالذي لعبه فريق الحماية المدنية. هل تشير الى أحداث جندوبة التي أصيب فيها زميلكم؟؟ في كل العمليات الامنية كنا حاضرين ومشاركين في الخط الامامي ولم يتم ذكر دورنا والدليل ان اغلب الضحايا في المؤسسات الامنية هم اعوان الحماية لان طبيعة عملهم تفرض عليهم العمل في محيط مليء بالكوارث والمخاطر... وحتى زميلنا عدنان الخنيسي الذي تعرض لاصابة في جندوبة لم يتم ذكره إلا للمتاجرة باسمه وهو ما دفعه الى تكذيب خبر إدلائه بأي معطى أمني لوزارة الداخلية بخصوص الحادثة والحال انه تم اقحامه في هذا الملف وتركوه ليواجه خطر المواجهة والتهديد . وماذا أعددتم لليوم العالمي للحماية المدنية؟؟ نحن بصدد التحضير لحفل تكريم شهداء المؤسستين العسكرية والامنية وفاء للتضحية التي بذلوها في سبيل الوطن وذلك سيكون بعد غد بالعاصمة بإذن الله، وأدعو الجميع إلى الحضور. حاوره: فؤاد مبارك